الأحد 28 حزيران (يونيو) 2020

تجديد الجامعة العربية

الأحد 28 حزيران (يونيو) 2020 par علي قباجة

يعاني الوطن العربي أزمات عدة وأحداثاً جِساماً. فمنذ ما يُسمى ب «الربيع العربي» هناك دول تعاني تشرذماً وضعفاً وانقساماً وحروباً أهلية، وهو ما يتطلب من جامعة الدول العربية أن تجد حلاً لتلك المعضلات التي تعصف بالوطن العربي، ولا سيما أن دولاً عربية باتت مقسمة، وهناك دول إقليمية ودولية تطمع في أراضيها، أو ثرواتها النفطية، وهو ما يحتم على الجامعة أن تكون على مستوى الأحداث الجِسام في الوطن العربي، وعلى رأسها قضية العرب الأولى فلسطين، وما اعتراها من نكبات على مر السنين من دون أن يكون هنالك أي دور فاعل وحقيقي لجامعة الدول العربية يحفظ حقوق الفلسطينيين، ويضع حداً للغطرسة «الإسرائيلية».

الجامعة التي دخلت عامها ال 75 باتت تحتاج إلى إعادة هيكلة، فالأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي يعانيها الوطن العربي كشفت المرض العضال الذي تعانيه؛ حيث إن دورها في حل قضايا أعضائها يعد ثانوياً إذا ما تمت مقارنته بدور تكتلات مماثلة كالاتحاد الأوروبي الذي، وعلى الرغم من «البريكست»، فإنه لا يزال يتمتع بموقع استراتيجي يخوله فرض رؤية دول الاتحاد على الساحة العالمية، وهو ما لا تحظى به الجامعة العربية التي في الأغلب تكون قراراتها غير فاعلة، ولا تتجاوز الحبر الذي كتبت به.

ظهر ضعف الجامعة جلياً إبان الغزو الأمريكي للعراق؛ إذ إنه وعلى الرغم من أن معظم الدول العربية كانت تتمتع آنذاك باستقرار سياسي، فإنها لم تتخذ قراراً فاعلاً يحفظ العراق موحداً، ثم استمر هذا التراجع إلى أن باتت الجامعة اليوم أشبه بمريض يعاني النزع الأخير، إلى جانب أن دولاً عدة من أعضائها تعاني حروباً داخلية وتدخلات خارجية، وإذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، فلا غرابة أن ينحل العقد العربي، ولا يبقى للعرب بيت واحد جامع.

لم تعد الحلول الإسعافية تجدي نفعاً، ولا بد من حلول جذرية تعيد الحياة لجامعة العرب، كما أن القرارات العربية إن ظلت تتمحور في إطار التنديد والرفض والإدانة، فإنها ستفتح المجال لدول أخرى لتتمادى على الثروات العربية، ولا سيما أن الوطن العربي غني بثروات باطنية، وهو ما جعله قديماً وحديثاً مطمعاً للعديد من الغزاة، إلى جانب أن هناك دولاً باتت تتحكم في مقدرات دول عربية.

العرب معنيون اليوم وأكثر من أي وقت مضى بضخ دماء جديدة في الجامعة، ووضع رؤية عربية مشتركة؛ ولا بد في الوقت ذاته للنهوض بالجامعة العربية من تفعيل أوجه قوتهم، وإعادة بث روح الوحدة العربية في المناهج الدراسية، وعدم الانغلاق على الذات. فالأطماع، سواء أكانت إقليمية أو دولية، لا تستهدف دولة بعينها، بل هي تنظر للعرب ككيان واحد، لكنها تحاربه دولة بعد أخرى. لذا هنالك اتفاقات عربية عدة لا بد من إعادة تفعيلها، ومهما يكن من خلافات عربية عربية يبقى أن ما يوحد العرب أكثر بكثير مما يفرقهم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2183498

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع علي قباجة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

2183498 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 29


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40