من الجيد أن يتابع الفلسطينيون، تحول العرب من ردات الفعل إلى الفعل، فالجامعة العربية بقرارها إرسال وفدين إلى أستراليا والبرازيل، لإقناعهما بوقف أي قرار يمس مدينة القدس المحتلة، تتخذ خطوة إيجابية، لصالح القضية الفلسطينية، وهي ربما تكون مقدمة لخطوات أخرى أكثر فاعلية، في حال استمرار تعنت هاتين الدولتين في موقفهما. يبدو أن العرب أدركوا أن المؤتمرات والبيانات الاستنكارية لم تعد تجدي أو تمنع أي دولة من أن تحذو حذو الإدارة الأمريكية في تهويدها لفلسطين والمدينة المقدسة.
أستراليا اعترفت بالقدس عاصمة ل«إسرائيل»، ومنحت ما لا تملك إلى من لا يستحق، واتخذت مواقف عدائية من العرب والمسلمين عموماً، ولم تأبه للنداءات الداخلية والإقليمية والدولية التي حذرتها من اتخاذ مثل هذه الخطوة، ولكن التعنت كان سيد الموقف لإرضاء اللوبي الصهيوني المستشري في أروقة ومقاصل الحكم فيها، لذا فاتخاذ مواقف أكثر حدة وجدية لا بد أن يكون أولوية للعرب، لردعها وإرجاعها إلى صوابها، وعدم السماح لها بالتمادي لاحقاً بنقل سفارتها إلى المدينة المحتلة.
وأما فيما يتعلق بالبرازيل، فإن رئيسها لا يفتأ يعد «إسرائيل» باتخاذ إجراءات جديدة لبلاده في القدس، مخالفاً بذلك دول أمريكا اللاتينية التي لها مواقف تاريخية مشرفة في دعم فلسطين ضد الاحتلال، وإرسال العرب لوفد يقنعها بالعدول عن أي فعل مخالف للإجماع الدولي فيما يتعلق بالأراضي المحتلة، قد ينجح في إعادة الدولة إلى المربع الداعم للحقوق العربية وقضاياهم المحقة.
وفي حال استمرار هاتين الدولتين بالتعنت، والإصرار على مواقفهما، فإن عامل الضغط الاقتصادي سيكون ناجعاً في ردعهما وعدم السماح لهما بالتماهي بسياساتهما التدميرية في المنطقة. ومطالبة السلطة الفلسطينية الدول العربية والإسلامية بقطع علاقاتها مع أستراليا يدخل في سياق عامل الردع الذي تطالب به فلسطين، وهي تستند بدعوتها أيضاً إلى قرارات عربية سابقة، كانت قد أكدت أن أي دولة تتعرض للقدس سيتم قطع العلاقات معها.
ولكن لا بد للفلسطينيين من القيام بخطوات تأثيرية وعدم حصر فعلهم على مطالبة غيرهم من العرب باتخاذ خطوات، حيث يترتب على الدبلوماسية الفلسطينية إقناع دول العالم باتخاذ سياسات داعمة لقضاياهم، وهذا لا بد أن تسبقه مراجعة شاملة لأسلوب تعاطيها مع الدول، إذ تواجه الخارجية الفلسطينية خسائر جمة، فالبرازيل كانت سابقاً من الدول الداعمة والمؤثرة على الصعيد الدولي لصالح فلسطين، إذاً فما الذي جد حتى يتراجع هذا الدعم إلى العداء؟ ولماذا لم تتخذ الدبلوماسية خطوات جالبة حتى تستأثر بالدعم الأمريكي الجنوبي بشكل كامل؟
حشد العالم نحو فلسطين يتطلب العمل على خطين متوازيين، أولاً البناء الداخلي وصناعة قوة سياسية تستطيع التأثير في العالم، وبناء لوبيات ضاغطة، وثانياً العمل على معاقبة الدول التي تحاول المساس بالحقوق، أو مخالفتها للأعراف والمواثيق الدولية المتعلقة بالقضية، فهل ينجح الفلسطينيون ومن خلفهم العرب في العمل على هذه الاستراتيجية لوقف انفراط عقد الدول لصالح الاحتلال؟
الجمعة 21 كانون الأول (ديسمبر) 2018
فعل عربي لأجل القدس
الجمعة 21 كانون الأول (ديسمبر) 2018
par
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
67 /
2183576
ar أقسام الأرشيف ارشيف المؤلفين علي قباجة ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
14 من الزوار الآن
2183576 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 14