الجمعة 1 شباط (فبراير) 2019

ارتباك حكومي فلسطيني

الجمعة 1 شباط (فبراير) 2019 par علي قباجة

علي قباجة
سلّمت حكومة الوفاق الفلسطينية عهدتها إلى الرئيس الفلسطيني، وقدّمت استقالتها، لإعطاء الفرصة لتشكيل حكومة سياسية تنبثق من فصائل منظمة التحرير فقط، وقادت حركة «فتح» هذا التوجه، كردّ حاسم على حركة «حماس» التي تتهمها بأنها المعرقل لكل اتفاقات المصالحة، ولا تعتزم تسليم قطاع غزة لحكومة الوفاق التي تم تشكيلها في 2014. إلاّ أن الأخيرة تتهم عباس بالتفرد بالقرار الفلسطيني، وتعميقه للانقسام، وأكدت أنها لن توافق على أي حكومة منبثقة، كونها تفتقر إلى التوافق الوطني.
ودخل على خط السجالات بين الفصيلين، الجبهتان «الشعبية» و«الديمقراطية» اللتان رفضتا القبول بأي حكومة «عرجاء» لا تحوز رضا الأطراف الوطنية كافة، ورغم أنهما من فصائل المنظمة إلاّ أن موقفهما كان واضحاً، وهو ما يصعب مهمة «فتح» التي تسعى للحصول على شرعية فصائلية في تشكيل الحكومة المقبلة.
ومع الظروف الضبابية، فإن إنهاء عمل حكومة الوفاق التي تشكلت بتوافق جمعي بين الفصائل، يزيد الأمور قتامة، إذ إن حلّها يشكّل صفعة قاسية وربما مميتة لأي جهود حاولت إصلاح ذات البين، وسعت للملمة الصف، والتهيئة نحو انتخابات يشارك فيها الجميع دون استثناء، سواء كانت رئاسية أو تشريعية أو حتى في داخل أروقة المنظمة.
وفي شهر ديسمبر من العام الماضي، أصدرت المحكمة الدستورية التي شكّلها عباس، قراراً بحل المجلس التشريعي، ودعت لانتخابات برلمانية خلال 6 أشهر التي من المفترض أن تنبثق منها حكومة، ولكن عززت خطوة دعوة «الوفاق» للاستقالة الآن وفي هذا الوقت والظرف، الفكرة القائلة بأن هذا الإجراء هو التفاف على قرار الدستورية، ومحاولة لتجاوز ما نادت به من انتخابات شاملة. والتشكيل الحكومي المرتقب قد يخلط الأوراق مجدداً، ويعيق إجراء الانتخابات على الأقل في غزة، مع رفض القوى الفاعلة لهذه الخطوة المنفردة.
السعي لتشكيل حكومة من «لون واحد»، هو طعنة لأي انتخابات تلوح في الأفق، حيث إنها تبعثر فرص نجاحها، وتعزز الأجواء المتوترة، وتعمّق المشاحنات، في حين أن المفترض بأي حكومة تقود الشأن الفلسطيني، أن تحوز ثقة كل الفصائل، وبالحد الأدنى على معظمها، لأنها من المفترض أنها تمثل الكل الفلسطيني دون استثناء، وعملها الأكبر ينصبّ على توحيد الصف لا أن تكون سبباً في تعميق الانقسام وتأجيجه.
فلسطين لا تحتمل التنازع على أروقة حكم تحت مظلة الاحتلال، أو حكومة تأخذ أذوناتها من «إسرائيل»، بقدر حاجتها إلى قيادة، همّها جمع الفلسطينيين في بوتقة واحدة ضد الاحتلال. نوع من العبث أن تصرف الطاقات في كيد كل فصيل للآخر والتنازع على سلطة لا تملك سلطة، في حين أن الاحتلال يرتع في الأرض المحتلة كافة، وهنا فلا بد أن يتم إنشاء إدارة فلسطينية وطنية، تجمع عليها فصائل العمل الوطني، وتضع ميثاقاً، ترفض من خلاله حجب فصيل لآخر، وتبدد الاعتقاد بأن أحداً منفرداً يمكنه أن يملك زمام القيادة.
التوحّد في مواجهة أخطار تصفية القضية، أولى من تقاتل على فتات سلطوي لا يُسمن ولا يُغني من جوع أو كرامة، ولا يعيد مجداً أو يحرر أرضاً. فهل تتحرر النخب الفلسطينية الحاكمة من عقلية المناكفات والتقاتل على المناصب لصالح القضية ككل؟.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 135 / 2183589

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع علي قباجة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2183589 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40