خرج نتنياهو في أعقاب أزمات متلاحقة واجهها، هددت مستقبله السياسي، وائتلافه الحكومي، الذي كان على شفا الانهيار، بفكرة «الانتخابات المبكرة»، التي وافقت عليها «الأحزاب الإسرائيلية» على مختلف مشاربها؛ لكن رغم التوافق على تقريب موعد الاستحقاق الانتخابي إلى إبريل/ نيسان المقبل، بدلاً من نوفمبر/ تشرين الثاني، فإن كل حزب لديه أسبابه وخططه ورؤيته حول هذه الخطوة، وكل منها يحاول استثمارها لمصلحته.
أما رئيس وزراء الاحتلال المأزوم، الذي واجهه الفشل مرة تلو أخرى، فهو بهذه الخطوة، يقطع الطريق على ما يسمى الادعاء العام، الذي وجه إليه تهماً تتعلق بالفساد، في عدة قضايا مختلفة، وشكلت القضية الأخيرة مفصلاً مهماً في مستقبله السياسي، وكادت أن تأتي عليه، وتنهي مسيرته في أروقة الحكم ومفاصله؛ إذ إنها تزامنت مع تزايد الضغوط ضده من اليمين إلى اليسار، وفشله في استرضاء اليمين المتطرف، والمتدينين اليهود؛ عقب سعيه لتمرير قانون يفرض تجنيدهم، وعجزه عن حل المعضلات «الأمنية» في الجنوب والشمال؛ لذا أمام كل هذه العقبات لم يكن غريباً أن يلجأ نتنياهو إلى تقريب خطوة تشكيل «الكنيست»؛ أملاً في إعادة ترتيب صفوف حزبه، وتكوين ائتلاف جديد، يبقيه في السلطة مجدداً، خاصة أن ائتلاف تسيير الأحوال الحالي بات متأرجحاً، وكان يحتاج إلى صوت «برلماني» لانهياره.
وبدأ نتنياهو لتحقيق أحلامه السلطوية، باستخدام ورقة الاستيطان؛ إذ إنه حقن الأراضي الفلسطينية ب2500 وحدة استيطانية جديدة، ومن المتوقع أن يضاعف قمعه في الضفة وغزة، فهذه تعد ورقة رابحة؛ لحصد مقاعد في «الكنيست»، في ظل دموية المجتمع «الإسرائيلي»، الذي يهوى كل ما هو ضد فلسطين والفلسطينيين.
أما على مستوى خصوم رئيس وزراء الاحتلال، فإنهم يأملون بأن تحقق الجولة المقبلة نتائج إيجابية، تطيح بنتنياهو، كما أنها تشكل فرصة مهمة للحشد لتشكيل ائتلاف يهوي بحزب «الليكود»، ويمنعه من إنتاج حكومة جديدة على مقاسه، ورغم العواصف الداخلية والخارجية، التي يواجهها نتنياهو من خصومه، إلا أنه لا يزال مرشحاً بارزاً للاستمرار في منصبه، كما أظهرت استطلاعات الرأي، فخصوم نتنياهو يفتقرون إلى القوة التأثيرية اللازمة، ويفتقدون «الكاريزما» على المستوى «الإسرائيلي» كما أن أحزابهم يشوبها التشظي والتشتت، والمنافسة بينهم محمومة؛ لتصدر المشهد، وهذا ما يبقيهم ضعافاً أمام منافسهم اللدود.
ولكن مهما أنتجت انتخابات إبريل، فإنها بالتأكيد لن تكون لمصلحة الفلسطينيين، ومهما كانت التباينات بين الأحزاب «الإسرائيلية»، فلن تختلف في نهاية المطاف في نهجها العدائي ضد فلسطين، وتهويدها لها، وقتلها لأبنائها؛ لأن هذه الأحزاب ترى أن عنجهيتها الإجرامية تزيد من حظوظها السياسية في الداخل، وتشكل ورقة «يانصيب» رابحة في الاستحقاقات السياسية، فأوراق تصدرها للمشهد تُخط بدماء الشعب الأعزل.
ومع المنافسات في الساحة «الإسرائيلية» على شواغر حكومة القتل، فالمطلوب من النواب العرب، الذين يندمجون تحت سقف «القائمة المشتركة»، عدم الترشح، والانسحاب من هذا المجلس غير الشرعي؛ بصفته مجلس احتلال، وعدم إضفاء الشرعية عليه؛ لأنهم بذلك يسوقون ل«إسرائيل» على أنها دولة ديموقراطية تتقبل الجميع، فهل يلتزم النواب بإرادة المجتمع الفلسطيني، الذي يرفض بمعظمه انخراطهم فيه؟
الجمعة 28 كانون الأول (ديسمبر) 2018
انتخابات على الدم الفلسطيني
الجمعة 28 كانون الأول (ديسمبر) 2018
par
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
13427 /
2183594
ar أقسام الأرشيف ارشيف المؤلفين علي قباجة ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
38 من الزوار الآن
2183594 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 40