الجمعة 14 كانون الأول (ديسمبر) 2018

لا سيادة تحت الاحتلال

الجمعة 14 كانون الأول (ديسمبر) 2018 par علي قباجة

دأبت «إسرائيل» خلال سنين احتلالها للأراضي الفلسطينية، على أن تتخذ العدوان منهجاً لها سواء أكان ذلك تحت ذريعة أم لا؛ حيث استغلت تنفيذ الفلسطينيين لعملية إطلاق نار ضد المستوطنين، الذين يعيثون فساداً في رام الله، لتحشد مئات الجنود؛ لاقتحام المدينة والتنكيل بها، والسماح للمستوطنين بالتسلل إليها، ووضع شعارات تدعو لاغتيال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فضلاً عن اقتحام جنود الحرب للمؤسسات «السيادية» كوكالة «وفا» الرسمية، ووصول الدبابات إلى وسط رام الله، واقترابها من منزل عباس والمقاطعة، وهذه تعد رسالة واضحة المعالم، بأن الفلسطينيين لا يملكون أية خصوصية، وأن حلم الدولة سيضيع تحت ظلال الحراب، وأن الاحتلال الشامل للضفة سيكون الحاسم في حال نجحت فلسطين بالتقدم على أي صعيد دبلوماسي أو ميداني.
ومع هذا الاستهتار «الإسرائيلي»، فإن السلطة الفلسطينية تجد نفسها في موقف محرج أمام شعبها، في ظل تبنيها شعار الاستقرار والتنمية، والهدوء؛ إذ إنها صوّرت الواقع بأنه تحت سيطرتها، وأنها تملك الأمر من مبتداه إلى منتهاه، وأن الفلسطينيين يعيشون في ظلها في أمن وأمان، بينما وخلال ساعات، تم تحطيم هذه التصورات؛ حيث تعمق إدراك الفلسطينيين أن الجميع تحت طائلة الاحتلال، ولا يملك أحد حريته في أي شبر من أرض فلسطين؛ بل إن اليد العليا هي لحكومة نتنياهو المتطرفة.
ومع حصار رام الله، هل تدرك القيادة الفلسطينية أن وجودها مرتهن بقرار من «الكنيست» أو «الكيبينت»؟ وأن الحل السياسي كنهج وحيد لا طائل منه؛ لأنه لا يقوى على صد مستوطن عن تهديد رمز فلسطيني، أو أي قيادي في هذا الشعب. ورغم تبني السلطة ورئيسها لخيارات سلمية في المواجهة، إلا أنهم لم يسلموا من التهديدات بالقتل، ومن لا يستطيع حماية نفسه، بالتأكيد فإنه لن يستطيع حماية شعبه.
لذا فمن الأجدر بالسلطة ككيان قائم داخل الأرض المحتلة أن تتصالح مع ذاتها، وتعترف بعدم قدرتها على التحرك سوى بالمساحة، التي يتيحها لها الاحتلال فقط، وأنها أسيرة كباقي الشعب، ومن العبث التغني بأي إنجاز كان، طالما أنها لا تستطيع حماية منزل الرئيس! ومن المهم إدراك الدرس، بأن تسعى السلطة للبحث عن نقاط وأوراق قوة؛ تستطيع من خلالها الضغط على الاحتلال، وإجباره على التعامل مع الفلسطينيين بشيء من الندية، وفي حال عجزها عن ذلك؛ فالأولى لها وللشعب أن تحل نفسها، وأن تحمل «إسرائيل» مسؤولية احتلالها.
نتنياهو يحاول توجيه رسالة للسلطة، مضمونها باختصار، هو أن كل شبر تنطلقون منه لإدانة الاحتلال، نستطيع السيطرة عليه في دقائق؛ لذا فالأجدر في هذه المرحلة إرباك «إسرائيل»، وإطلاق يد الشعب الفلسطيني لقول كلمته، والعمل على التصدي للاحتلال، وإطلاق حراك صارم، تدفع من خلاله حكومة اليمين المتطرفة الثمن.
فلسطين تحت احتلال شامل، وأي محاولة لإظهار أن هناك بعض السيادة، هي ضرب من الخيال، وخداع لا طائل منه، فالاغتيالات الميدانية تجري في الضفة على قدم وساق، والتعدي وصل إلى قلب مناطق السلطة الفلسطينية، فهل تنتهج القيادة نهجاً ينقذ فلسطين والفلسطينيين؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 150 / 2183514

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع علي قباجة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2183514 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 26


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40