من خلال تجربتي في لبنان، ثمّة حدث شبه كونيّ واحد يمكننا التنبؤ به من أمام شاطئ الرملة البيضاء في بيروت بالقرب من مخيّم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان، تماماً كما تطلع الشمس من سوريا كلّ صباح كالرعد موقظة سهل البقاع الشرقي في لبنان. وقد يرمز هذا الحدث المنتظم إلى جوقة النشاز ذات الأصوات المتنافرة التي تضمّ كلّاً من واشنطن والرياض والدوحة و«تلّ أبيب» والتي يتردّد صدى شعارها في المنطقة بأسرها ألا وهو «على حزب الله أن يتخلى عن سلاحه»!
ترى دوائر سياسية في أكثر من عاصمة ضرورة النظر الى «حملة الزيارات» الأمريكية وبشكل خاص الرسمية منها الى «إسرائيل» والمنطقة في إطار المشهد الإقليمي، وأنها تأتي في إطار الرغبة الأمريكية في «إدارة الأزمات» في المنطقة، وتأجيل الحسم فيها الى موعد لاحق بعد الانتخابات الأمريكية، وبشكل خاص ما يتعلق بالمسألة الإيرانية، والاتفاق على الخطوات المستقبلية بشأن سوريا و«حزب الله»، ومستقبل التعامل مع الموضوع الفلسطيني، فالقضية الفلسطينية لا يمكن فصلها عن المشهد الذي تعيشه المنطقة العربية.
إن المساعدات هي سلاح مهم في العلاقات الدولية لتعظيم المصالح القومية ويعتقد البعض جهلاً أنه طالما عندك فقراء في بلدك فينبغي ألا تقدم مساعدات للخارج، وينسون أن هناك ملايين الفقراء في أمريكا وفي الصين ورغم ذلك يقدمان معونات لبلدان أكثر فقراً، ليس حباً فيهم ولكن تعزيزاً لمصالحها بالخارج. ثم إننا أيضاً كنا أحد الأسباب الرئيسية في ضياع الضفة وغزة في يونيو 1967.
السؤال الذي يطرح نفسه، هنا، وبقوة، هو: لماذا قبل سلام فيّاض على نفسه الالتقاء بهذا المجرم في مقر إقامته بالقدس الغربية؟؟ ألم يكن من المفترض أن يرفض فيّاض اللقاء مع هذا «التافه».. أم يا ترى الشخصنة، وتحقيق الطموحات الذاتية أهم وأكبر بكثير من كرامة ومصلحة شعب بأكمله؟!
لقد حاولت إدارة باراك أوباما الأمريكية ركوب موجة الحراك الشعبي الذي اجتاح عدداً من الأقطار العربية مطالبا بـ«التغيير والإصلاح» خلال العامين المنصرمين، ونجحت وسائل إعلامها في إطلاق اسم «الربيع العربي» على هذا الحراك، موحية تضليلاً بأن الولايات المتحدة تقف إلى جانب حركة التاريخ الذي يصنع حالياً في الوطن العربي الكبير وبأنها قررت أخيراً الانحياز إلى الجماهير العربية وطموحاتها في الحريات المدنية والتحرر الوطني والعدالة الاجتماعية.