الأربعاء 1 آب (أغسطس) 2012

سلاح «حزب الله» والتعديل الثاني في الدستور الأميركي

الأربعاء 1 آب (أغسطس) 2012

[bleu]كتب: د. فرنكلين لامب[/bleu]

من خلال تجربتي في لبنان، ثمّة حدث شبه كونيّ واحد يمكننا التنبؤ به من أمام شاطئ الرملة البيضاء في بيروت بالقرب من مخيّم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان، تماماً كما تطلع الشمس من سوريا كلّ صباح كالرعد موقظة سهل البقاع الشرقي في لبنان. وقد يرمز هذا الحدث المنتظم إلى جوقة النشاز ذات الأصوات المتنافرة التي تضمّ كلّاً من واشنطن والرياض والدوحة و«تلّ أبيب» والتي يتردّد صدى شعارها في المنطقة بأسرها ألا وهو «على حزب الله أن يتخلى عن سلاحه»!

وإذ يبدأ لبنان بالتحضير المشدد لانتخابات العام القادم النيابية التي يعتقد بعض المحللين أنها ستتطور بوتيرة سريعة بحيث ستبلغ كلفتها أعلى قيمة في تاريخ الانتخابات في البلاد في مقارنة الدولار بالصوت في عملية تتبناها بعض الأحزاب المموّلة بشكل جيّد، إلا أن فريق 14 آذار/مارس الذي يقوده «تيار المستقبل» وداعموه الدوليين سيصبحون خارج اللعبة في وقت مبكر وهم يشددون في الوقت الراهن على «الحاجة الماسّة لنزع سلاح «حزب الله» من أجل تجريد «إسرائيل» من الذريعة التي تستخدمها لمهاجمة لبنان». وبإخلاص لا يدعو أي مجال للشك، يهتف قادة الفريق عبارات متعددة مثل:

بيان «تيار المستقبل» التحذيري الذي جاء فيه: ««الإسرائيليون» يخططون لتبرير عدوانهم على لبنان، وبالنظر إلى المحاولات «الإسرائيلية» لتحميل «حزب الله» وإيران مسؤولية تفجير بلغاريا في مطار البحر الأسود البلغاري الذي قتل فيه خمسة «إسرائيليين» وسائقهم البلغاري، فإن نزع سلاح الحزب بات ضرورياً».

وقد جاء هذا البيان عقب تحذيرات من اتهامات «إسرائيلية» كإمكانية حصول «حزب الله» على السلاح الكيميائي من النظام السوري الذي يحاول تهريبها إلى لبنان كما ورد في بيان غير قديم تلا اجتماع فريق 14 آذار/ مارس الأسبوعي.

وبالعودة إلى تفجير بلغاريا، فقد ردّ الإتحاد الأوروبي بتاريخ 24 تمّوز/ يوليو 2012 طلباً كان قد تقدّم به وزير الخارجية «الإسرائيلية» أفيغدور ليبرمان لإدراج «حزب الله» على قائمة المنظمات «الإرهابية» عقب الحادثة. فـ«إسرائيل» تحمّل إيران و«حزب الله» مسؤولية تفجير الأربعاء الانتحاري في مطار البحر الأسود البلغاري الذي أودى بحياة خمسة «إسرائيليين» فضلاً عن السائق البلغاري.

وفي هذا السياق قالت وزيرة الخارجية القبرصية إيراتو كوزاكو ماركوليس، التي تتولى بلادها حالياً رئاسة الإتحاد الأوروبي الدورية: «ليس ثمّة من موافقة أو تبرير لإدراج الحزب على لائحة المنظمات الإرهابية». أما «ليبرمان» الذي كان جالساً بالقرب من الوزيرة القبرصية في مؤتمر صحفي عقب جلسة محادثات أوروبية «إسرائيلية»، فقال: «لقد آن الأوان لوضع «حزب الله» على لائحة «الإرهاب» الأوروبية».

وثم قال مناقضاً نفسه بنفسه: «لكنّ هذا قد يبيّن الإشارة الصحيحة للشعب «الإسرائيلي»»، وذلك خلال استكماله جولته على عشر دول أوروبية مناهضة لإيران و«حزب الله»، وقد غاب عن باله، ربّما، أن تمويل هذه الجولة مصدره الضرائب التي يدفعها الشعب الأميركي.

ولسوء حظ «ليبرمان»، فقد شرحت «كوزاكو ماركوليس» بتروّ قرار الإتحاد الأوروبي بأن «حزب الله» كان منظمة تؤلف حزباً «كان فاعلاً في الشؤون السياسية اللبنانية... وإذا أخذنا بالحسبان هذا الأمر بالإضافة إلى غيره من العوامل، فإنه ما من مبرّر لإدراج الحزب على لائحة المنظمات الإرهابية».

وعلى نحو مفاجئ، وبالرغم من التزامن مع توقيت «ليبرمان»، دعا فريق 14 آذار/ مارس المجتمع الدولي إلى «حماية لبنان من أي اعتداء «إسرائيلي»»، وقد شدّد على الحاجة إلى نزع سلاح الحزب الذي يعدّ دائماً الرادع الأوحد لـ«إسرائيل» قبل أن تتجرأ على القيام بمثل العدوان السادس على لبنان «من أجل تجريد «إسرائيل» من حجة تتذرّع بها لتبرير اعتدائها».

وفي بيانه الأسبوعي، واصل «تيار المستقبل» صمته حيال تحديد المشاكل الملحّة في لبنان التي تتضمّن عدداً من الأمور التي أتى على ذكرها محقّق منظمة «هيومن رايتس ووتش» الإنسانية في لبنان نديم خوري الذي أشار خلال هذا الشهر إلى التالي: «على لبنان أن يدرك أنه يتداعى على أكثر من صعيد من حيث التدابير التي تستدعي إيلاءها أهمية خاصة والتي تتضمن حقوق النساء وحماية المجموعات المهمشة وانعدام رعاية كبار السن والحق في التعلّم وتزايد اللامساواة وانعدام التخطيط المدني»، فضلاً عن الحق المدني الأساسي للاجئين الفلسطينيين بالعمل وامتلاك المنازل.

وقد يضمّ هذا الكون عدداً كبيراً من الدول التي تعدّ أكثر سوءاً من لبنان، كما عبّر الصحافي البريطاني «باتريك غالي»، إلا أن انعدام الأمن وانهيار البنى التحتية، فضلاً عن ركود التشريع وتذبذب الاقتصاد، وانتشار المظاهرات وتراجع حقوق الإنسان، قد يغفر للمواطنين اللبنانيين فهمهم للحاجة إلى سلاح «حزب الله» لردع «إسرائيل» بشكل فاعل نظراً لتاريخها الحافل بالاعتداءات على لبنان.

وقد ناقش بعض اللبنانيين أوجه الشبه بين حركة المقاومة التي يقودها «حزب الله» في لبنان، وبين المقاومة الأميركية في «نيو إنغلاند» ضد الاحتلال البريطاني الذي يعود إلى قرنين ونصف ماضيين. وقد تم عقد منتديات دققت في أوجه التشابه بين الأحداث التي وقعت في كربلاء وبين تلك الحاصلة في المنطقة وبين العمليات الاستشهادية من الوطنيين الأميركيين في أميركا الاستعمارية خلال القرن الثامن عشر.

أما في ما يخصّ الدعوات المدفوعة سياسياً لنزع سلاح «حزب الله»، فيسمع المرء ردوداً متشابهةً على الاقتراحات المستوردة من الآباء الأميركيين المؤسسين الذين خلقوا «رسالة مفتوحة» خاصة بمقاومة جديدة أو دستور قد أثّر في الحقيقة على بيانات الحزب الرسمية في كلّ من عام 1985 و 2009 شأنه شأن إعلان الاستقلال الأميركي إلى حدّ ما.

وكما لو أن واضعي الدستور الأميركي يفهمون بشكل جيد جداً المشاكل التي تواجه المقاومة التي يقودها «حزب الله»، وقد يكون المحتلّون الأجانب أيضاً مدركين ذلك، إلا أن هؤلاء الأميركيين يجادلون في الأمر خلافاً لكثيرين من أعضاء الرابطة الوطنية للبنادق الذين يعتبرون السلاح حقاً لأي مواطن للاستخدام الشخصي، إلا أن الفارق هو أن المقاومة تحتاج أسلحة الردع لتمنع المزيد من الإحتلالات:

وفي هذا السياق يقول «جورج مايسون» الذي شارك في التعديل الثاني للدستور خلال اتفاقية «فيرجينيا» للمصادقة على الدستور عام 1788: «أسألك، يا سيدي، ما هي الميليشيا؟ إنها جميع الناس. إن نزع سلاح الشعوب يعدّ الطريقة الأفضل والأكثر فاعلية لاستعبادهم».

وأضاف «مايسون»: «والميليشيات، وعندما يتم تكوينها بشكل صحيح، تمثّل في الواقع الناس أنفسهم»...

أما «ريتشارد هنري لي» الذي يكتب الرسائل من المزارع الفدرالي إلى الجمهورية، فيقول في رسالته الثامنة عشر في شهر أيار/ مايو من العام 1788، وكما ورد بين أعضاء كونغرس المقاومة الأميركية الجديد، فقد عرّفوا التعديل الثاني للدستور الأميركي كالتالي:

الميليشيا المنظمة، التي تعدّ ضرورية لحماية البلد الحرّ، وحقوق الشعب في الاحتفاظ بالسلاح وحمله، لا يجب التعدّي عليها.

وإن مفهوم وجوب التعددية في الدولة على الصعد كافة في أحد البلدان لطالما كان مستغرباً في لبنان. فمنذ نهاية الحرب الأهلية استطاعت الميليشيات غير المرتبطة بالدولة أن تحافظ على مخزونات الأسلحة التي كانت مخبأة في جميع أرجاء البلاد. وعندما يصبح لبنان دولة وطنية حقيقية قادرة على الدفاع عن شعبها بوجه الاعتداءات المتكررة على منطقته الجنوبية، فما من شكّ في أن آلية تركيز قدرة الردع في لبنان ستكون الخطوة التالية.

[bleu]ترجمة: زينب عبدالله | بيروت.[/bleu]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2166024

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

2166024 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010