الجمعة 14 كانون الأول (ديسمبر) 2018

نتنياهو «إلى السجن» !

الجمعة 14 كانون الأول (ديسمبر) 2018 par محمد الصياد

في «إسرائيل» ديمقراطية، هذا ما تسوِّقه «إسرائيل» عن نفسها في الغرب. ولكن الصحفيين والمراسلين الأجانب الذين أُتيحت لهم الفرصة لزيارة فلسطين المحتلة، سواء مناطق ال 48، أو الأراضي الفلسطينية المحتلة، الضفة الغربية والقدس، إضافة إلى قطاع غزة المحاصر، تسنى لهم الوقوف على حقيقة هذه الكذبة الصهيونية التي تلقى رواجاً ليس في الغرب وحسب، وإنما صار لها مطبلون لدينا هنا في العالم العربي، للأسف الشديد. من حيث إنها ديمقراطية للأثنية اليهودية حصراً، وتحولها إلى أداة عنصرية أبارتايدية في اتصال ممارستها مع الأغيار، وخصوصاً أبناء الشعب العربي الفلسطيني تحت الاحتلال.
من التجليات الكاريكاتورية لهذه الديمقراطية المكذوبة، إصدار الشرطة «الإسرائيلية» يوم الأحد 2 ديسمبر 2018، وللمرة الثالثة على التوالي، توصية بتوجيه اتهامات الرشوة والاحتيال إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزوجته في ثالث قضية فساد تحقق فيها الشرطة ضدهما.
لسنا هنا بصدد التعرف على وقائع صحيفة دعوى الاتهامات الموجهة لنتنياهو ولزوجته، فهذه لا تهمنا، وهي سخيفة على أية حال، بسخف جهاز الشرطة «الإسرائيلي» نفسه، وكل الأجهزة القضائية والعدلية «الإسرائيلية» العنصرية. بل إن المستشار القانوني للحكومة، أفيخاي مندلبليت، لم يقرر بعد (لأسباب سوف يعزوها البعض بالتأكيد للديمقراطية «الإسرائيلية»، وليس إلى حسابات المافيات التي تتوزع مواقع السلطة والمصالح والنفوذ في المجتمع الصهيوني)، ما إذا كان سيقدم لائحة اتهام ضده أم لا.
فماذا تساوي هذه التجاوزات الجنائية أمام الجرائم التي أمر نتنياهو جيش الاحتلال «الإسرائيلي» وقوات الشرطة والمخابرات، بارتكابها، والتي مازال يستمتع بإصدار الأوامر بتنفيذها بدم بارد حتى ضد الأطفال والصبية والصبايا الفلسطينيين الذين يتظاهرون سلمياً لرفع الحصار الإجرامي المفروض على سكان قطاع غزة منذ اثني عشر عاماً (في عام 2006)، وحقهم في العودة إلى ديارهم التي شرَّدهم الصهاينة منها في أعوام 1948 و 1967، وما بينهما وما بعدهما.
رئيس الوزراء الهولندي السابق دراز فان أغت وصف رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو بمجرم حرب تجب محاكمته في محكمة الجزاء الدولية في لاهاي، وذلك عشية زيارة نتنياهو إلى هولندا في سبتمبر 2016. وقبل ذلك بنحو عام (تحديداً في أغسطس 2015)، تزعم الناشط البريطاني داميان موران حملة تواقيع لعريضة رفعت للبرلمان البريطاني لإلقاء القبض على نتنياهو حال وصوله إلى لندن في شهر سبتمبر من العام ذاته، بموجب القانون الدولي كمجرم حرب ارتكب مجزرة راح ضحيتها 2000 من المدنيين الفلسطينيين في عام 2014.
هذا مجرم حرب بتصنيف حتى الكتاب الليبراليين في الصحافة الأمريكية والأوروبية الغربية. وما تبذله المؤسسات الأمنية «الإسرائيلية» التي تدير عملية إنتاج وإعادة الإنتاج اليومية للاحتلال «الإسرائيلي» لفلسطين، من محاولات للتخلص من نتنياهو، ليس لأنها ضبطته متلبساً بجرائم القتل التي يرتكبها على رؤوس الأشهاد، وليس لأنه تورط في أعمال فساد واحتيال، وإنما لأنها تريد استبداله بمن هو أكثر شراسة وعدوانية منه في إدارة عملية إنتاج وإعادة إنتاج الاحتلال اليومية. فهذا هو دأبها، منذ تأسيس دويلة الاحتلال عام 1948، حيث تدرجت تصاعديا في الإتيان بقادتها المستعدين لرفع مستويات البطش والتنكيل بالشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وكل الداعمين له. فقد يكون خيارها قد وقع هذه المرة على الصهيوني أفيغدور ليبرمان الذي يقود حزباً اسمه «إسرائيل بيتنا» مع أنه قادم من كيشنيوف عاصمة جمهورية مولدافيا السوفييتية السابقة (أو كيشيناو عاصمة مولدوفا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي). فالمؤسسات الأمنية «الإسرائيلية» وأقطاب التجمعات واللوبيات اليهودية عبر العالم، وقطعان المستوطنين، أقرانه، ينظرون إليه، ربما بأنه «الرجل» المناسب لهذه المرحلة الاستثنائية التي أصبح فيها اليهود في «إسرائيل» لأول مرة يخشون من أقرانهم اليهود أكثر من العرب، وذلك وفقا لاستطلاع معهد الديمقراطية «الإسرائيلي» التي أشارت نتائجه الجديدة إلى أن 36% من اليهود المستطلَعة آراؤهم، يرون أن التوترات بين اليهود المتطرفين واليهود «الليبراليين»، كانت أكبر مشكلة في البلاد، مقابل 28% منهم قالوا إن التوترات بين اليهود والعرب هي المشكلة الأكبر.
علماً بأن نفس الاستبيان الذي أُجري في عام 2012، أشار إلى أن 9٪ من اليهود كانوا يرون أن الخلافات اليهودية-اليهودية هي التي تسببت في معظم التوترات، مقابل 47٪ ذكروا بأن التوتر ناتج في المقام الأول عن مشاكل مع العرب (المصدر: بلومبيرغ، 3 ديسمبر 2018)



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 98 / 2183589

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع محمد الصيّاد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2183589 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40