في صميم مأساتنا كلاجئين فلسطينيين في سوريا، ومحنة الشعب السوري ككل خلال السنوات الماضية، وجد أنفسنا أمام محنة جديدة، اسمها (فيروس كورونا). فمن رأى نور الحياة من أطفالنا قبل عشر سنوات نما وترعرع مع ظروف الأزمة التي عصفت بالبلاد وامتدت لفترة طويلة، والآن يقف أمام محنة جديدة عنوانها (فيروس كورونا)..!
فهل نحن أمام قصة سينمائية…؟
فيروس يجتاح العالم، فيما يعمل الباحثون على إنتاج علاج لإنقاذ حياة الملايين. وقد تجاوز الهلع من (الفيروس) الوافد، الخوف من الطاعون، والتيفوئيد، والملاريا، والحمى، والإنفلونزا الإسبانية … وسائر الأمراض المعدية، التي واجهتها الإنسانية عبر سنوات طويلة من حياتها. فمن منّا كان يتوقع أن يَكِفَّ الناس عن مصافحة بعضهم البعض إذا ما تلاقوا، حيث بات الهلع من شبح (فيروس كورونا) يتجاوز كل ما سبق.
لقد وحَّدَ (فيروس كورونا) العالم بأسره، شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، ساحلا وجبلا، وصولا إلى أعماق البحار وإلى كل مكان غاب عنه البشر منذ زمنٍ بعيد. وحَّد العالم بأسره من خلال مفاعيلة الصحية المرضية الكارثية، لكنه بالمقابل قطّع أوصال بلدان وقارات، ومنها دول القارة الأوروبية، حيث بدأت تتركز بؤرة الفيروس فيها، وهو ما حدا قادة دول مجموعة الاتحاد، للقول بأن (فيروس كورونا)، يُشكِّل مأساة إنسانية وأزمة صحية عالمية، وأن مخاطره كبيرة على الاقتصاد العالمي. فبَدَت العديد من العواصم والمُدن شبه مهجورة مع اتخاذ الحكومات إجراءات قاسية لاحتواء الفيروس، فيما صرخات منظمة الصحة العالمية لكل الحكومات تتزايد، طالبة منها بذل المزيد من الجهود، في حين يواصل الفيروس انتشاره بأنحاء العالم.
(الفيروس كورونا) يتسلل بسهولة على ما يبدو، نتيجة عوالم العولمة (الكوكبة) واختلاط البشر والشعوب، وقد وحَّدَ بين الأباطرة والخدم والحشم، بين أجناس وكل أعراق البشر. وحَّدَ بينهم في الهلع والرعب، ومن ينجو منه كمن كُتِبَ له عمر جديد، خصوصا وأن وجود الفزع الإعلامي الذي يحيط بــ(فيروس كورونا) يُشعر الناس بالقلق، على المستوى الفردي، أما على المستوى الجماعي فيُمكن أن يدخلوا في هلع على المستوى الشرائي خوفا من نقص مواد معينة، وهلع من حصد الأرواح.
ما أضعف الإنسان، وما أحقر تجبُّره، ففجأة، اكتشف الإنسان الذي يزهو بنفسه (وعلى حد تعبير المثل الفلسطيني الشائع: يا أرض اشتدي … وما حدى قدي)، الإنسان الذي صَعَدَ إلى سطح القمر، وأرسل الـ(باثنفايندر) لسطح المريخ، اكتشف أنه ضعيف ومُتهالك أمام (فيروس) مُستنسخ، لا هو كائن حي (جرثومة) ولا شبيها بها، بل هو جماد، مؤلف من سلسلة بروتينية منسوخة بطريقة خاطئة في سلسلة (DNA) حاملة الشيفرة الوراثية في جسم الكائن البشري، والمعروفة باسم (الحمض الريبي النووي منقوص الأكسجين)، سلسلة لا ترى بالعين المجردة، ولا يُمكن رصد حركتها لاتقاء اجتياحها البلاد والعباد وأهلها في غمضة عين.
عاد الإنسان المتجبر، المُتكبر، المستقوي بذاته إلى الاعتراف بضعفه وقلة حيلته في مواجهة الوباء الذي لا يُرى إلا بعد تمكُّنه من ضحاياه، والذي لا دواء له إلا العزلة حتى الوقت الحاضر.
لكن، هل سيتمكن دماغ الإنسان من إنتاج وتركيب المضاد لهذا (الكورونا)؟ وهل سيسقطه بالضربة القاضية..؟
الاحتمال كبير في نجاح الإنسان، احتمال موجود، لكن بعد أن تدفع البشرية الثمن الباهظ، من الأنفس والأموال، وغيرها. وبانتظار استنساخ جديد لـ(فيروس جديد) بعد سنوات قد لا تطول بوجود شياطين الصراع على المصالح على سطح الأرض وعامة المعمورة، قد يكون أكثر فتكا من سابقه.
السبت 4 نيسان (أبريل) 2020
سيف الكورونا المُسلط
السبت 4 نيسان (أبريل) 2020
par
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
12 /
2692433
ar الكلمة الحرة نوافذ الموقف علي بدوان ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
16 من الزوار الآن
2692433 مشتركو الموقف شكرا