ما زالت جائحة كورونا تضرب أطنابها في المجتمع “الإسرائيلي”. وقد وصلت الإصابات إلى حدود عالية من الأرقام، بما في ذلك حتى الوفيات. والسبب الرئيسي يعود إلى سوء عملية “الحجر” الصحي و”الإغلاق”، وعدم الالتزام بها، وانفتاح البلدات التي تضم السكان من “اليهود الحريديين”، الذين لا يعتقدون بأهمية الحجر والإغلاق، في وقت يواصلون فيه ممارسة طقوسهم المعتادة، والتي تقتضي قيام تجمعات كبيرة منهم، والاختلاط، مخترقين تعليمات عدم التجمهر، ودون أي مراعاة للوضع الصحي العام مع انتشار وباء كورونا. وقد ظهرت تلك التجاوزات في عدة بلدات من بينها تجمعات “اليهود الحريديين” في القدس، كبلدة (بني براك)، وحي (ميئا شعاريم) … وغيرها من البلدات.
وساهم نتنياهو شخصيًّا، في تأزيم الوضع الناجم عن انتشار الوباء من خلال صمته تجاه رفض “اليهود الحريديين” لعملية الإغلاق، وموافقته على النشاطات العامة لتلك المجموعات اليهودية المتطرفة، وكل ذلك من أجل كسب صفوفها وودها للمرحلة التالية في “إسرائيل”، حيث الانتخابات التشريعية قادمة حتى لو طال الوصول إليها نتيجة وجود تلك الجائحة وانتشارها في المجتمع. ورغم ذلك حاول نتنياهو مترددًا في إصدار أوامره لسلطات إنفاذ القانون بتطبيق التقييدات والحد من التنقل في أوساط “اليهود الحريديين”، حتى لا يُغضب شركاءه في الائتلاف الحكومي من حزبي “شاس” و”يهدوت هتوراة”، في حين اصطدمت الشرطة بمعارضة وصلت لحد المواجهات عندما حاولت منع التجمهر والصلاة بالكنس وإغلاق المدارس الدينية للحريديين قبل فترة.
وبالطبع، فإن عدم مراعاة “اليهود الحريديين” المتزمتين لشروط السلامة والقبول بالإغلاق والحجر الصحي، استولد معه نتائج سلبية، بارتفاع نسبة وأعداد الإصابات أولًا. وتراجع الإمكانيات العلاجية في المشافي مع ازدياد أعداد الإصابات ثانيًا. والتكلفة المادة الهائلة للمواد العلاجية، ومنها المستوردة ومستلزماتها ثالثًا. والأهم من كل ذلك تراجع الوضع الاقتصادي حيث يُعتبر “اليهود الحريديين” غير منتجين عمليًّا ويعتمدون على إنتاج باقي المجتمع رابعًا. وعليه وصف مدير عام وزارة “المالية الإسرائيلية” الأسبق، ياروم أرياف، الوضع الاقتصادي في “إسرائيل” بأنه “كارثي”. وقال في تصريحات صحافية يوم، الثلاثاء الواقع في 3/11/2020: “إن الوضع خطير لدرجة أنه إذا لم تستدرك الحكومة الوضع فورًا، فإنه “هذه لن تنتهي بسنة ضائعة، وإنما بأزمة شديدة ستمتد لعقد، ونحن على شفا كارثة اقتصادية”.
لقد ساهمت أزمة جائحة كورونا في تراجع دخل خزينة الدولة بسبب تزايد الإنفاق في أعقاب الخطط الاقتصادية من أجل دعم المتضررين من الإغلاق، وغير الخاضعين للإغلاق كاليهود الحريديين لكنهم المستهلون من الميزانية العامة، حيث تُشير التقديرات إلى أن قرابة 65 ألف مصلحة تجارية أغلقت منذ بداية جائحة كورونا، وأن هذا العدد سيرتفع إلى ما بين 80 – 87.5 ألف مصلحة تجارية بحلول نهاية العام الحالي.
وهنا نستعين لتثبيت تلك المعلومات والمعطيات، بما نشرته صفحات المطبوعات “الإسرائيلية”، “دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية”، يوم 3/11/2020، التي قالت بأن “عدد العاطلين عن العمل تجاوز لأول مرة منذ الإغلاق الأول المليون شخص، ووصل إلى 1,079,500 شخص، وأن نسبة البطالة وصلت إلى قرابة 23% من قوة اليد العاملة، بينما كانت أعداد العاطلين عن العمل قبل بدء جائحة كورونا نحو 180 ألف تقريبًا، ونسبة البطالة حوالي 3.9%.. كذلك فإن نسبة النمو الاقتصادي الآن وفي ظل الواقع القائم، سلبية بما يتراوح بين 6% ـ 8%، فيما العجز في الميزانية العامة بات يبلغ نحو 14%، مسجلًا بذلك رقمًا قياسيًّا”. ويُهدد هذا الوضع بتراجع التصنيف الائتماني لــ”إسرائيل” عالميًّا، وذلك في الوقت الذي استقال فيه عدد من المسؤولين في وزارة المالية “الإسرائيلية” نتيجة عدم إقرار الميزانية العامة حتى الآن نتيجة الصراع بين الحزبين الكبيرين في الائتلاف الحكومي: حزب الليكود، ومجموعة (أزرق ـ أبيض) أو (كاحول ـ لافان).
وبالنتيجة، والاستخلاصات الأخيرة، إن واقع “إسرائيل” الحالي كدولة واقعة تحت التأثير الكبير لجائحة فيروس كورونا، ووجود فئات متطرفة من سكانها، وتحديدًا “اليهود الحريديين”، رافضة لإجراءات الوقاية، ووجود أطراف حكومية داعمة لها لأسباب حزبية، سيؤدي لتفاقم تلك الحالة العامة الناجمة عن وجود تلك الجائحة، بما فيها تراجع الوضع الاقتصادي، الذي قد يصل إلى كارثة حال استمرت الأمور على ما هي عليه، وهو ما تتنبأ به بعض الجهات الخبيرة بالاقتصاد في “إسرائيل”.
الأحد 27 كانون الأول (ديسمبر) 2020
(الحريديون) و(كوفيد 19)
الأحد 27 كانون الأول (ديسمبر) 2020
par
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
34 /
2183368
ar أقسام منوعات الكلمة الحرة كتّاب إلى الموقف علي بدوان ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
30 من الزوار الآن
2183368 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 31