السبت 9 أيار (مايو) 2020

نتنياهو وليبرمان ومعركة كسر العظم السياسية

السبت 9 أيار (مايو) 2020 par علي بدوان

يلاحظ في تحوُّلات المعادلة “الإسرائيلية” الداخلية، أن حزب “إسرائيل بيتنا” الذي يمثِّل اليمين العلماني في “إسرائيل” بزعامة أفيجدور ليبرمان، بقي خارج الصخب المُتعلق بالحكومة الجديدة، المُزمع الإعلان عنها بعد توافق (نتنياهو ــــ جانتس) من حيث المشاركة في الائتلاف الحكومي من عدمه. فرئيس الحزب أفيجدور ليبرمان مرفوض من قبل كتل اليمين التوراتي الحريدي، كما هو مرفوض من قبل تلاوين المعارضة المختلفة، بالرغم من وجود كتلة نيابية من ثمانية أعضاء كنيست تنتمي لحزبه، وبالتالي في تأثيره الفاعل داخل الكنيست وفي ترجيح الائتلاف.
أفيجدور ليبرمان وضع شروطا بالأساس اعتبرها ضرورية لانضمام حزبه إلى أي “حكومة إسرائيلية” ائتلافية في أوج عُمق الأزمة السياسية التي تلت الانتخابات التشريعية المُعادة للمرة الثالثة، وعدم حصول أي من معسكري زعيم حزب الليكود واليمين، بنيامين نتنياهو، ورئيس كتلة (كاحول ـ لافان)، الجنرال بيني جانتس، على أغلبية في الكنيست. فقد اتضح أن الانتخابات التشريعية المعادة للمرة الثالثة ليس فقط أنها لم تحل الأزمة السياسية وإنما زادتها تعقيدا.
حقيقة، إن أفيجدور ليبرمان، وبالشروط التي وضعها، ابتعد عن نتنياهو وحزب الليكود، وبالتالي ابتعد عن توافقات (نتنياهو ـــ جانتس)، بانضمامه إلى الحكومة الائتلافية المتوقع الإعلان عن أسماء وزرائها، ونيلها ثقة الكنيست. والشروط التي طرحها أفيجدور ليبرمان، والتي تم كشفها على صفحات المطبوعات “الإسرائيلية”، تتمثل: أولا: بــ”نقل كافة الصلاحيات في موضوع المواصلات العامة وفتح المتاجر في يوم السبت إلى السلطات المحلية” (أي تجاوز قوى اليمين التوراتي). ثانيا: سن “قانون زواج مدني”. ثالثا: “التهوّد من خلال حاخامات المدن، بحيث يُقيم أي حاخام محكمة تهود” (أي وضع شروط للتهود على عكس رغبة قوى اليمين التوراتي). ورابعا: “منح المتقاعدين الذي يحصلون على مخصصات ضمان الدخل ومخصصات الشيخوخة 70% من الحد الأدنى من الأجور”. وخامسا: “سن قانون التجنيد لطلاب الييشيفوت (المعاهد الدينية للحريديين) بصيغة يرفضها الحريديون رفضا تاما حتى الآن”. وهي شروط يستحيل أن توافق عليها الأحزاب التوراتية الحريدية، وهي الشريك الأساسي لحزب الليكود ونتنياهو، ومن القوى المشاركة في الائتلاف الحكومي وفق توافقات (نتنياهو ـــ جانتس)، بل ترفضها بمجملها.، وبناء على ذلك ترفض اللقاء مع أفيجدور ليبرمان وحزبه، حزب “إسرائيل بيتنا”، حزب اليمين العلماني، الذي يمثِّل بشكل رئيسي يهود الكتلة الشرقية وجمهوريات الإتحاد السوفييتي السابق، الذين اقتربت أعدادهم لثلث أعداد اليهود داخل “إسرائيل”.
إن تردي العلاقة لم يقتصر بين ليبرمان ويمينه العلماني مع أحزاب اليمين التوراتي الحريدي، بل تردَّت بالأساس بين ليبرمان ونتنياهو منذ فترة لا بأس بها بداية العام 2019 الماضي، فالشرخ بينهما نابع من أن نتنياهو كان قد قدم سبع شكاوى ضد ليبرمان إلى الشرطة والنيابة العامة وسلطة الضرائب، في العام الماضي 2019، وذلك كرد من نتنياهو على الحملة التي يقودها ليبرمان بإقصاء نتنياهو عن المشهد السياسي “الإسرائيلي” قبل الانتخابات التشريعية بفترة طويلة، باعتباره غارقا في الفساد وتلقي العمولات والرشى على حد تعبير ليبرمان.
وعليه، لقد وجد نتنياهو أمامه، الرجل الأساسي الذي يمنعه من ولاية خامسة في رئاسة الحكومة، وهو أفيجدور ليبرمان. ويبدو هذه المرة أن ليبرمان يعتزم العمل بكافة الطرق الممكنة من أجل إكمال المهمة، من ناحيته، وأن يُخرج نتنياهو من ديوان رئيس الحكومة، من خلال السعي لسن قانون يقضي بمنع تكليف مُتهم بمخالفات فساد، أي نتنياهو، بتشكيل حكومة، وتقييد رئاسة الحكومة بولايتين. وردا على خطوات، وتصريحات، ونوايا ليبرمان، طالب حزب الليكود المستشار القضائي للحكومة بفتح تحقيق في قضية الفساد التي تورط فيها عدد من قادة حزب “إسرائيل بيتنا”، عام 2015.
في هذا السياق، وفي حمى تلك المعركة السياسية، يفترض أن تناقش “المحكمة العليا الإسرائيلية” بتركيبة 11 قاضيا، إن كان بمقدور رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أن يُشكّل حكومة بعدما قُدمت لائحة اتهام ضده، على أن تناقش لاحقا الاستئنافات المقدمة ضد الاتفاق الحكومي. وبسبب (جائحة كورونا) ستعقد الجلسة في أكبر قاعات المحكمة العليا الخمس. وستسمح هذه القاعة بدخول بما يصل إلى ثلاثين شخصا، مع كمامات وعلى بعد مترين من بعضهم البعض. وذلك من أجل الامتثال لتوجيهات وزارة الصحة، حيث تم وضع جدران زجاجية شفافة للفصل بين القضاة، لأن حجم الطاولة في قاعة المحكمة لا يسمح بمسافة مترين بين القاضي والقاضي وفق ما أوردته الصحافة “الإسرائيلية” في أعدادها الصادرة يوم الأحد في الثالث من أيار/مايو 2020. كما أن المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، قدم للمحكمة رأيه القانوني، حيث أوضح بأنه: “لا مانع قانونيا من تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة، على الرغم من اتهامه بقضايا فساد”، ورغم ما وصفه بـ”الصعوبات القانونية”، في زيادة التكهّنات بأن المحكمة العليا لن تتدخل.
وبالنتيجة، إن الترجيحات، والتقديرات، تقول بأن “المحكمة العليا الإسرائيلية” لن تمانع قيادة نتنياهو للحكومة الائتلافية، وتشكيل حكومة، وهو ما يعتبره البعض من أقطاب اليمين في “إسرائيل” بمثابة انتصار للمعسكر اليميني، وتشريع قانون للحد من صلاحيات المحكمة العليا كما كان يطالب نتنياهو باستمرار. وهذا لا يعني بأن أفيجدور ليبرمان سيصمت، بل سيبادر للسعي مرة جديدة في خوض معركته السياسية مع نتنياهو، معركة كسر العظم، ومع باقي أحزاب اليمين التوراتي الحريدية، مستندا لقوة وحضور ونفوذ الأعداد الكبيرة من يهود دول الاتحاد السوفييتي السابق المنضوية تحت راية حزبه.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6591 / 2183518

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع علي بدوان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

2183518 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 25


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40