الجمعة 30 حزيران (يونيو) 2017

كيف أسَّست الولايات المتحدة لهيمنة عملتها على العالم؟

الجمعة 30 حزيران (يونيو) 2017 par جواد البشيتي

الدولار هو العملة الدولية الأولى، والعملة التي بها وحدها يُسعر النفط (وغيره من السلع الاستراتيجية). لقد تربع الدولار على عرش العملات الدولية، وأحكم قبضته على احتياطات العالم النقدية، وألْزم مُنْتجي سلع عديدة استراتيجية على تسعيرها به؛ وما كان له أنْ يسير في هذا المسار الصاعد من غير أنْ يهيئ، في الوقت نفسه، أسباب وعوامل وظروف تراجعه، وسيره في مسار هابط.
إنَّ زمرة من الرجال في عالم المال هي التي جَعَلَت الدولار حاكِمًا ماليًّا عالميًّا مُسْتَبدًّا؛ وهذه العصابة اتَّخَذَت مجلس الاحتياط الفدرالي مقرًّا لها، وجَمَّعَت في قلعة “فورت نوكس (Fort Knox)” معظم الذَّهب في العالَم.
الدولار، وبتوصية من الرئيس توماس جيفرسون، اعْتُمِد، سنة 1792، عملة قومية، على مستوى الولايات جميعًا؛ وكانت قيمته، بموجب قانون النقد الصادِر في السنة نفسها، 24.75 حبَّة من الذَّهَب الصافي. سنة 1933، ومن أجل رفع الغطاء الذهبي عن الدولار، سُنَّ قانون يسمح بمصادرة الذهب من البنوك والأفراد في داخل الولايات المتحدة، فسُحِب الذهب (بالقمع والإكراه) من التداول، وحلَّت محله “الورقة الخضراء”، التي ما أنْ بدأ رفع الغطاء الذهبي عنها، وفي هذه الطريقة اللصوصية، حتى شرعت تَصْفَر، وتزداد اصفرارًا.
قبل سنة 1933، كان يُكْتَب على ورقة الدولار عبارة يفيد معناها أنَّ هذه الورقة تستمد قيمتها من محتواها من الذهب، بعد ذلك أصبحت “ورقة قانونية للدفع”، لا قيمة (ذهبية) لها.
سنة 1934، وعلى إثْر الأزمة الاقتصادية الكبرى، خُفِّض معادِل الدولار الذَّهبي؛ وسنة 1973، خُفِّضَت أكثر قيمة الدولار، فأصبحت 42.22 دولارًا للأونصة الواحدة، ومنذ سنة 1973، هبطت القيمة الحقيقية للدولار 50 مرَّة.
وسنة 1971، حررت الولايات المتحدة الدولار من قيده الذهبي، فأعلن الرئيس نيكسون أن بلاده لن تدفع بالذهب من الآن وصاعدا. وقال: “من قبل كان يأتينا شخص حاملا 35 دولارا، فنعطيه بدلا منها أوقية من الذهب. كنا ملتزمين هذا؛ أما الآن فلا”!
وهكذا تضاعفت الكمية المطبوعة من الدولار بين سنتي 1971 و2000 إلى أكثر من 2000 في المئة، فالطبع (الرخيص) ما عاد مشروطا بغطاء ذهبي. ولقد صدق ديجول، وأصاب كبد الحقيقة، إذ وصف طبع الولايات المتحدة للدولار من دون غطاء ذهبي في خلال حرب فيتنام بأنه سرقة مكشوفة وكبيرة.
والآن، تملك الولايات المتحدة (في “فورت نوكس”، وفي البنك المركزي في نيويورك) معظم الذهب في العالم، فمن خلال مساعدتها لأوروبا لإعادة بناء اقتصادها الذي دمرته الحرب العالمية الثانية، سحبت الولايات المتحدة من القارة قسما كبيرا من مخزونها من الذهب، معطية الأوروبيين في مقابله عملتها الورقية التي كانت خاضعة لأحكام اتفاقية “بريتون وودز”.
الدولار هو العملة الدولية الأولى، والعملة التي بها وحدها يُسعر النفط (وغيره من السلع الاستراتيجية). لقد تربع الدولار على عرش العملات الدولية، وأحكم قبضته على احتياطات العالم النقدية، وألْزم مُنْتجي سلع عديدة استراتيجية على تسعيرها به؛ وما كان له أنْ يسير في هذا المسار الصاعد من غير أنْ يهيئ، في الوقت نفسه، أسباب وعوامل وظروف تراجعه، وسيره في مسار هابط.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2160642

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع جواد البشيتي   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2160642 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010