بثّت القناة العاشرة للتلفزيون العِبري مؤخراً تقريراً عن عميل لبناني اسمه أمين عباس الحاج، قدّم “خدماتٍ جليلة” للاحتلال الصهيوني طيلة 30 سنة كاملة، تسبّب خلالها في اغتيال الكثير من المقاومين الفلسطينيين، ومنهم علي حسن سلامة، المسؤول الشخصي عن أمن الرئيس ياسر عرفات، وأدى دورا أساسياً في الكثير من عمليات الموساد في الشرق الأوسط، وفي احتلال بيروت سنة 1982، وقدّم معلوماتٍ “ذهبية” للكيان الصهيوني، جعلته يصفه بأنه “ثروة استخباراتية كبيرة” له و“رجلُ الموساد في لبنان”...
ومع ذلك كله، كافأه الاحتلال على “إخلاصه” له بشكل مهين جدا، ورفض حتى علاجه مجاناً في مستشفياته كما يفعل مع جنوده، ونبذه وتركه مريضاً ذليلاً يتجرّع المهانة.. تابعوا ما قاله العميل “الحاج” حرفياً للتلفزيون الصهيوني: “لقد رمتني الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية كالكلاب، أنا أعيش في إسرائيل ببطاقة منتهية الصلاحية، دون حقوق ودون تأمين طبّي، وعدد قليل فقط من أصدقائي الجيّدين يقومون بمساعدتي بين الحين والآخر. لقد استخدموني، وانتزعوا كل ما بوسعهم امتصاصه مني، أعطيتُ قلبي وروحي لهم، والآن ألقوا بي جانبا مثل الخرقة البالية، لقد رموني رمية الكلاب”.
مع أن “الحاج” لم يعد إلى لبنان ليلقى جزاءه وفضّل البقاء في إحدى القرى الفلسطينية المحتلّة، ولم يعرب عن ندمه لخيانة بلده ونقْل معلوماتٍ عنه إلى العدوّ والتسبّب في مقتل الكثير من الشرفاء في المقاومة الفلسطينية، وتحسّر فقط على معاملة الاحتلال له بشكل مهين، إلا أن شهادته هذه ينبغي أن تكون عبرة لكل الخونة والعملاء الذين يقبلون ببيع أوطانهم رخيصة للاحتلال ويسعون إلى إرضائه بأي طريقة، ولكنهم لا يلاقون منه إلا الازدراء والاحتقار والمقت، ويكافئهم بما يستحقون ويرميهم “رمية الكلاب” كما قال العميل “الحاج”، ليقضوا بقية حياتهم أذلاء مهانين إلى أن يأتيهم أجلُهم ويقفوا أمام ربّهم ليحاسبهم الحساب الأكبر.
لقد تسبّب العملاء في فلسطين ودول عربية أخرى في مقتل آلاف المقاومين الفلسطينيين، وقادة كبار، ومنهم عرفات والشيخ أحمد ياسين والرنتيسي وسعيد صيام والكثيرين غيرهم. وفي حروب غزة الثلاثة استشهد الكثيرُ من المقاومين وحتى النساء والأطفال، بسبب وشايات الخونة، وهُدّمت آلافُ البيوت وشُرّد عشراتُ آلاف المدنيين.. وقبلهم استشهد الكثيرُ من الجزائريين بسبب وشايات “الحركى” الخونة، وساهم هؤلاء الأنذال في تأخّر الاستقلال عن فرنسا أكثر من 7 سنوات، ولولاهم لكانت المدة أقصر بكثير، لكن فرنسا تنكّرت لما وصفوه بـ“تضحياتهم” بعد الاستقلال وبقوا مهمّشين منبوذين نصف قرن، ومات الكثيرُ منهم في الغربة مذمومين مدحورين...
هذا عن مصير العملاء الصغار، أما العملاء “الكبار” الذين آثروا الوقوف مع العدوّ ضد المقاومة في غزة والتآمر عليها وطعْنها في الظهر بشتى الأشكال وإقامة “تحالف استراتيجي” مع الصهاينة ضدها، فقد يسمح لهم سلطانُهم بالإفلات من العقاب في الدنيا، ولكنهم لن يتمكّنوا أبداً من النجاة من العقاب في الآخرة، وهذا عزاءٌ لكل المستضعفين والشرفاء.