الاثنين 1 حزيران (يونيو) 2015

عهدة خامسة لمنتخب الفاسدين بالفيفا

الاثنين 1 حزيران (يونيو) 2015 par حبيب راشدين

كانت نهاية الأسبوع من الأيام السعيدة لمجتمع المفسدين، وكبار المجرمين من ذوي الياقات البيض، بعد نشر غسيل الفساد المتعشش داخل الفيفا، بعد اعتقال سبعة من كبار أعوان بلاتر على رأس المنظمة، وانطلاق ملاحقة قضائية لأوكار الفساد في المنظمة قد تنتهي بتفكيكها.

معظم قادة الدول والمنظمات الدولية تنفسوا الصعداء، وابتهجوا في السر للحدث الذي يرفع الحرج عن المفسدين منهم، مادام قادة منظمة رياضية مثل الفيفا، يفترض أنها تدير نشاطا بشريا يروج للتنافس الشريف وفق القيم الأولمبية، بأدوات ديمقراطية شفافة، قد سقطت في الأوحال الآسنة للفساد.

الحدث لم يكن في ما حصل من اقتراب وزارة العدل الأمريكية من الأنشطة الإجرامية للمنظمة، وقد تحولت إلى جهاز ضخم لتبييض المال الفاسد، بل الحدث في تأخّر تفجير الفضيحة، فيما كان جانب من الإعلام العالمي يلاحق تباعا ومنذ أعوام مواقع الفساد في المنظمة، دون أن يحرك ساكنا للقضاء أو لمؤسسات الرقابة لردع جماعة المافيا حول بلاتر، وقد حول الفيفا إلى “دولة” عالمية تملي شروطها على الدول الأعضاء، وكان الداني والقاصي يعلم فساد الفيفا وفروعها من المنظمات الإقليمية، مثل الكاف الإفريقية برئاسة حياتو.

الوجه الآخر من وجوه الفساد في ملف الفيفا، والذي كان وراء تفجير هذه القنبلة يومين قبل انعقاد الجمعية العامة للفيفا، ظهر في التوظيف السياسي بين القوى العظمى للملف، ليس بنيّة اجتثاث الفساد من المنظمة، بل لنقل معارك الحرب الباردة إلى ساحة الكرة، فقد خرج الرئيس الروسي بوتن مدافعا عن بلاتر، ربما لأنه قرأ في الملاحقة القضائية الأمريكية والسويسرية للفيفا محاولة أمريكية لانتزاع تنظيم دورة 2018 من روسيا، كما انقسم موقف الدول الأعضاء والفدراليات القارية إلى فسطاطين: فسطاط غربي مشكّل من الفدرالية الأوروبية، والجزء الغربي من الكونكاكاف، وفسطاط من بقية دول العالم من إفريقيا وآسيا، في اصطفاف يذكّرنا بما هو حاصل في ملفات إدارة الحرب والسلم في العالم داخل مؤسسات الأمم المتحدة.

المثير للاهتمام أن فضيحة الفيفا قد جمعت بين آفتين ترتكز عليهما المنظومة الغربية في ابتزازها المنهجي للنخب الحاكمة في دول العالم الثالث: آفة تلاعب النخب بالدساتير والقوانين للخلود في المناصب القيادية، وتمديد العهد للنخب القيادية، وآفة الفساد المالي والإداري، وقد جمع بينهما بلاتر ونظراؤه مثل عيسى حياتو، ورأيناه أمس الجمعة يصارع من أجل انتزاع عهدة خامسة ربّما للتمكن من دفن ما بقي من ملفات الفساد.

هذا الحجم من الفساد في مؤسسةٍ رياضية عالمية، باتت تعمل مثل الشركات متعددة الجنسيات خارج القانون، هو غيض من فيض من كمّ الفساد الذي يشوب الآن أنشطة معظم المؤسسات الدولية الأممية والأهلية، لا تدعو في الوقع إلى الاستغراب، وقد سبقها إلى التعاطي بالفساد بلا قيد منظمة الأمم المتحدة ذاتها، وهي التي استغلت إدارتها من قبل مأساة الشعب العراقي لتعبث بأموال النفط مقابل الغذاء، ولا تكاد تخلو مؤسسة من مؤسساتها من أوجه الفساد الذي انتقلت عدواه من فساد النخب السياسية للدول إلى هياكل وأنشطة مؤسسات ما يسمى بالمجتمع الدولي.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 47 / 2165445

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع حبيب راشدين   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165445 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010