حتى الآن لم يتوقف التصعيد الرسمي وغير الرسمي «الإسرائيلي» بشأن مدينة القدس وما يدور داخلها وفي محيطها القريب.
فحكومة نتانياهو أعلنت بعد حادثة (السكاكين والبلطات) التي نفذها الناشطان الشقيقان الشهيدان (عدي وغسان أبوجمل) من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعد يوم واحد من قيام المستوطنين بشنق الشاب الفلسطيني المقدسي يوسف راموني، أعلنت عن عطاءات جديدة للاستيطان في القدس.. وزادت من ذلك ممارسات مجموعات المستوطنين الذين يصولون ويجولون دون رقيب أو حسيب.. عدا عن العودة لنغمة فقدان الشريك الفلسطيني والطرف المقابل، في مسعى لتحشيد المتطرفين من اليهود، ولتفجير الوضع برمته.
الأوضاع في القدس تَزدادُ تَأزُماً، ويتوقع للمواجهات أن تتسع مع تواصل مشاريع الاحتلال، وتواصل المَس بالمواطنين المقدسيين، والمَس بأملاكهم وبيوتهم وحرياتهم الشخصية، والمَسُ بالمسجد الأقصى، وانفلات مجموعات المستوطنين، الذين يحظون بحماية رسمية من قبل سلطات الاحتلال وأجهزته الأمنية، ويمتشقون السلاح الناري الآلي في الشوارع.. فضلاً عن تغذية المشاعر البهيمية ضد الفلسطينيين عند القاعدة الواسعة من اليهود، والتي تقوم بها جماعات المُتطرفين وبعض الأحزاب اليمينية واليمينية المتطرفة في «إسرائيل» وقواعد حزب الليكود وحزب «إسرائيل بيتنا» الذي يقوده المتطرف اليهودي المولدافي الأصل أفيغدور ليبرمان.
وغني عن القول، بأن مجموعات المُتطرفين اليهود من تيارات اليمين التوراتي (أحزاب الحريديم) الغارقة في عصبياتها وفاشيتها، ومعها غالبية من قواعد أحزاب «اليمين القومي العقائدي» (كحزب الليكود وحزب إسرائيل بيتنا وحزب شاؤول موفاز)، ترى ضرورة التصعيد في منطقة القدس، انطلاقاً من مساعيها للإطباق على المدينة بشكلٍ كامل، وكسب الوقت لتمرير الجزء الأكبر من مشاريعها الموضوعة لإحداث التفوق الديموغرافي اليهودي في المدينة المقدسة بجزئيها الشرقي والغربي، وإحلال أكثرية يهودية على حساب أصحاب المدينة ومواطنيها الأصليين تحت عنوان (قدس يهودية.. قدس قوية).
في هذا المعمعان التفاعلي من الأحداث المتسارعة، يُقَدَر بأن الأمور، وعلى الأرجح، لم تَعد قابلة للرتق أو التقطيب، أو حتى الطي، ولم يَعد بالإمكان إخضاعها للمناورات السياسية، وللجهود السرية والعلنية على حدٍ سواء، التي بدأت الإدارة الأميركية ببذلها عبر التدخل المباشر لوزير الخارجية جون كيري الذي وصل المنطقة قبل أيام وغادرها.