الجمعة 1 شباط (فبراير) 2019

الانسحاب الأميركي بالعين “الإسرائيلية”

الجمعة 1 شباط (فبراير) 2019 par علي بدوان

مهما يكن من أمر، فإن الموقف الأميركي بشأن سحب القوات الأميركية من سوريا، جاء كوقع الصاعقة على رأس معظم صناع القرار الأمني والعسكري والسياسي في دولة الاحتلال “الإسرائيلي”، بالرغم من التسريبات التي بدأت تقول وقتها بأن نتنياهو كان على علم مسبق بنية الرئيس ترامب بقرار الانسحاب العسكري من سوريا. إلا أن عموم الحالة “الإسرائيلية” شعرت إلى حد بعيد بعملية “انقلاب” في مواقف الرئيس ترامب بشأن الموضوع السوري، وفضّلت حكومة نتنياهو تجنب انتقاد الرئيس ترامب علنا، لكن أصواتا كثيرة لمَّحت إلى تذمر “إسرائيل” من هذه الخطوة، التي وصفت من قبل البعض في “إسرائيل” بـ”الضربة” بل وحتى بـ”الخيانة” للحليف القديم، فطوال فترة بداية ولايته وحتى الآن، كانت وما زالت للرئيس دونالد لترامب علاقات دافئة للغاية مع دولة الاحتلال، في ظل علاقة معقّدة لكنها إيجابية بشكل عام، مع المجتمع الأميركي اليهودي والموالي لــ”إسرائيل” وهو الذي صوّت بمعظمه لصالح المرشح في حينها ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي أوصلت ترامب لموقع القرار الأول في الولايات المتحدة.
لقد كذَّبَ موقع “استخباراتي إسرائيلي” تصريحات بنيامين نتنياهو، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أطلعه على قراره سحب القوات الأميركية من سوريا. وزعم الموقع الاستخباراتي العبري (ديبكا)، أن “الإدارة الأميركية أطلعت نتنياهو على خبر الانسحاب الأميركي من سوريا قبل خمس دقائق فقط من إعلان ترامب الانسحاب”. وأفاد الموقع الاستخباراتي، بأن “نتنياهو هاتف كلا من وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي، جون بولتون، وتحدث معهما حول العملية العسكرية الإسرائيلية درع الشمال، أمام حزب الله اللبناني”. وأوضح له بأنه “ليس هناك ما يدعو إلى القلق، وبأن القوات الأميركية العسكرية موجودة في مناطق شرق وشمال سوريا، وهي القوات التي لن تسمح للقوات الإيرانية والقوات الموالية لها والموجودة غرب العراق، من الدخول إلى سوريا، أو مساعدة قوات حزب الله”. وذكر الموقع الاستخباراتي العبري، “أنه في الوقت الذي لم يعلم نتنياهو بموعد الانسحاب الأميركي من سوريا، فإن هناك شخصيتين دوليتين، ربما، علما بهذه الخطوة الأميركية، قبل الإعلان عنها، هما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين”. وادعى “الموقع الاستخباراتي الإسرائيلي” (ديبكا)، أن هذه المعلومات تُعزى إلى أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي أرسل المستشار الخاص لسوريا، جيمس جيفري، لتوقيع اتفاق سري مع أردوغان، حول حركة الجيش التركي في الشمال السوري، بعد الانسحاب أو الخروج الأميركي من سوريا. وأنهى الموقع الاستخباراتي العبري (ديبكا) تقريره، بأنه “على إسرائيل إنهاء العملية العسكرية المسماة درع الشمال المفترضة أمام حزب الله اللبناني، والاستعداد لتداعيات الانسحاب الأميركي من سوريا”. وكان “الجيش الإسرائيلي” قد أطلق حملة عسكرية، في الرابع من شهر كانون الثاني/يناير 2019، أسماها “درع الشمال”، لكشف وتدمير ما قالت عنه دولة الاحتلال بــ”أنفاق حزب الله” على الحدود الشمالية بين فلسطين المحتلة ولبنان، حين تحدث جيش الاحتلال عن أربعة أنفاق زعم أنها لقوات حزب الله ولكتيبة الرضوان التابعة لقوات النخبة في حزب الله اللبناني.
لقد كتب وزير الحرب الإسرائيلي السابق، الجنرال موشيه يعالون، على حسابه على موقع (تويتر) باللغة الروسية، قائلا إنه “إذا انسحب الأميركيون من سوريا، فإن عبء المسؤولية عن أمن الشمال سيُلقى على كاهل إسرائيل”. وفي السياق، نقلت القناة الرابعة عشرة العبرية، عن مسؤول “أمني إسرائيلي” كبير، قوله إن “الرئيس ترامب ألقى بنا تحت عجلات شاحنات الجيش السوري الذي ينقل الأسلحة إلى سوريا وحزب الله في لبنان”.
من هنا، حذرت مصادر “عسكرية إسرائيلية” من تداعيات إعلان واشنطن سحب القوات الأميركية العاملة في سوريا. وذكرت المصادر “أن إسرائيل، هي أول المتضررين من القرار، إذ إنها استغلت الوجود الأميركي في جارتها الشمالية حتى الآن، من أجل حماية مصالحها الأمنية، ومكافحة الوجود الإيراني هناك”، معتبرة في الوقت نفسه “أن خروج القوات الأميركية سيعني تآكل صورة الردع الإسرائيلي العسكري بشكل كلي”. وذكر موقع (واللا) العبري، أن انسحاب القوات الأميركية من سوريا بناء على إعلان واشنطن “يُعد ضربة للمصالح العسكرية الإسرائيلية، ولا سيما في فترة يحاول فيها نظام بشار الأسد إعادة تشكيل دولته وجيشه، بينما تسعى إيران لتحقيق إنجازات داخل سوريا”.
واقتبس موقع (واللا) العبري تصريحات منسوبة لقائد شعبة الاستخبارات العسكرية سابقا، اللواء احتياط عاموس يدلين، كان أشار خلالها إلى أن “صورة الردع العسكري الإسرائيلي لا تكتمل إلا بسبب التحالف مع الولايات المتحدة”، مضيفًا “أن حقيقة الوجود الأميركي في سوريا، وطبيعة الأنشطة العسكرية هناك، كانت تركز على خدمة المصالح العسكرية والأمنية الإسرائيلية، سواء السرية منها أو المعلنة”. ومن جانبه، اعتبر تقرير لموقع (ديبكا) العسكري، أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الانسحاب العسكري من سوريا “يشكل أكبر انتصار عسكري لإيران لأنه سيتيح لها تنفيذ خططها لإقامة جسر بري يربطها عبر العراق وسوريا”. ورأت صحيفة (يديعوت أحرونوت) على لسان مصدر أمني في جيش الاحتلال “أنَّ الانحساب الأميركي من سوريا يشكل تحديا كبيرا لإسرائيل”، لافتة إلى أنه “عندما يكتمل الانسحاب من المؤكد أننا سنرى قاسم سليماني (قائد فيلق القدس) وهو يفرك يديه فرحا، وسيبلغ قائده الأعلى علي خامنئي بأنه تمت إزالة عقبة أخرى أمام إيران لتعزيز وجودها في سوريا، وتم فتح جبهة ثانية ضد إسرائيل”.
لقد حاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع المستقيل أفيجدور ليبرمان، ورئيس الأركان الجنرال جادي آيزنكوت، ورئيس الموساد يوسي كوهن، المرة تلو الأخرى، إقناع نظرائهم بأن الوجود العسكري الأميركي في سوريا حيوي، ليس فقط لمصالح الولايات المتحدة، بل وأيضا لحلفائها في الشرق الأوسط، وأولا وقبل كل شيء لـ”إسرائيل” المعنية بوجود جنود أميركيين كي توازن النفوذ الروسي في سوريا، وتشكل عاملا كابحا لمساعي التوسع الإيراني والنوايا الإيرانية لنشر صواريخ وميليشيات على مقربة من الحدود مع “إسرائيل”.. وفق المصادر “الإسرائيلية”ـ فكان قرار الرئيس ترامب بانسحاب القوات الأميركية خطوة مدوية داخل “إسرائيل”، حيث اعتقد الكثيرون في “إسرائيل” أنَّ معنى القرار هو “أنه لا يمكن في واقع الأمر الاعتماد على الولايات المتحدة لتحميهم عند الحاجة. كما أن هذه ضربة قاضية للأكراد الذين يشعرون مرة أخرى بأنهم خانوهم. فقد خاضوا معظم الحرب ضد داعش في السنة الأخيرة، بمساعدة هجمات جوية للتحالف الدولي، سفكوا دماء أبنائهم، والآن يجدون أنفسهم مرة أخرى وحدهم أمام تركيا والدولة السورية” على حد تعبير المصادر “الإسرائيلية”.
بالنتيجة النهائية، خسرت “إسرائيل” رهانها، فالوجود الأميركي في سوريا كان “ورقة المساومة الوحيدة لديها لإقناع روسيا بمنع استمرار وجود إيران في سوريا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 70 / 2183972

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع علي بدوان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2183972 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 24


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40