القائمة العربية المشتركة شوكة في عيونهم

السبت 14 آذار (مارس) 2020 par علي بدوان

بعيدا عن الموقف من المشاركة العربية أو عدمها في انتخابات “الكنيست الإسرائيلي”، فإن النتائج التي أحرزتها القائمة العربية المشتركة، نتائج مهمة، وذات مفعول كبير على ضوء النشاط العام للنواب العرب، ودورهم المأمول في مواجهة سياسات الاحتلال، فالقائمة العربية المشتركة شوكة في حلوق قادة دولة الاحتلال، وعموم أحزابه، وخصوصا منها أحزاب اليمين “القومي العقائدي”، واليمين التوراتي المتطرف في “إسرائيل”، وصولا للحزبين الكبيرين: حزب الليكود، وحزب (أزرق ـ أبيض).
وعلى ضوء نتائج الانتخابات، فإن رئيس قائمة حزب (أزرق ـ ابيض) أو (كاحول لافان) باللغة العبرية، الجنرال ورئيس الأركان الأسبق بيني جانتس، لن يتمكن حتى من الحصول على تفويض بتشكيل الحكومة المقبلة كما تُشير المعطيات والمعلومات المتوافرة، وحتى نتائج الانتخابات، دون توصية من القائمة العربية المشتركة بالتصويت إلى جانب حكومة يُشكلها (أزرق ـ أبيض) دون المشاركة العربية بها، باعتبارها أقل الضرر قياسا لحكومة قد يُشكلها حزب الليكود ومجاميع ومجانين التطرف في دولة الاحتلال.
لقد تهرّب الجنرال بيني جانتس من الرد على سؤال الصحافيين حول إمكانية دعم القائمة المشتركة لحكومة أقلية بقيادته من الخارج دون المشاركة فيها، فيما تؤكد قيادات في القائمة المشتركة أن القائمة ستتخذ قرارا بهذا الشأن على ضوء التطورات الجارية في “إسرائيل” بعد الإعلان النهائي عن نتائج الانتخابات التشريعية. وفي هذه الأثناء، وفي إطار اللعبة التنافسية داخل “إسرائيل”، يواصل رئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، الذي يسعى إلى إنقاذ مستقبله السياسي بضمان أغلبية برلمانية تمكنه من تشكيل حكومة يمينية، ساعيا لجلب ثلاثة نواب من باقي الكتل النيابية (وتحديدا من مجموعة ميرتس + حزب العمل + غيشر) حتى يكتمل مشروعه لتشكيل حكومة ائتلافية بــ61 نائبا يتوقع أن يتم تكليفه بتشكيلها من قبل الرئيس “الإسرائيلي” (رؤبين ريفلين)، فنتنياهو قذف بيني جانتس بـ”تهمة” التعاون مع القائمة العربية المشتركة في تصريحات عنصرية تحرض على المواطنين العرب أصحاب الوطن الأصليين، وتجرّم العمل السياسي العربي برمته في الداخل المحتل عام 1948.
وكان رئيس القائمة العربية المشتركة أيمن عودة قد كتب على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي مخاطبًا الجنرال بيني جانتس: “ليفهم جانتس جيدًا نحن لسنا فقط ضد نتنياهو، وإنما بالأساس ضد سياسة نتنياهو. لا نوصي أبدًا على من يدعم تهجير شعبنا وأهلنا من منطقة المثلث في الداخل. وليفهم الجميع أننا وصلنا إلى 15 مقعدًا، ونحن الرقم الصعب بالمعادلة. لا يمكن بدوننا”. وأضاف أيمن عودة “فالقائمة العربية لا يمكن لها أن تقبل بالمشاركة مع أي حكومة “إسرائيلية” قادمة، ما دامت تلك الحكومة تمارس الاستيطان ونهب الأرض وتتنكر لحل الدولتين”.
إن الجنرال بيني جانتس وقائمته المعنونة بحزب (أزرق ـ أبيض) تنضح بالعنصرية تجاه المواطنين الفلسطينيين العرب في الداخل حالها كحال حزب الليكود وكل تشكيلات قوى اليمين واليمين المتطرف. وقد كان الجنرال بيني جانتس صريحا في ذلك عندما قال: “لدينا خلافات عميقة فيما يتعلق بالمسائل السياسية والقومية والأمنية لدولة إسرائيل. إسرائيل هي الدولة اليهودية والديمقراطية الوحيدة في العالم، وتحتاج إلى الدفاع عن نفسها من الأعداء الخارجيين”. وهنا، فإن القائمة العربية المشتركة لا يمكن لها، ولا لأي حزبٍ عربي أن يعترف بما يسمى “يهودية الدولة”. فمفهوم “الدولة اليهودية” و”القومية اليهودية” خارج التاريخ تماما، عدا عن التزوير الفظ الذي يحمله، فاليهودية دين وليست قومية.
لقد حصدت القائمة العربية عددا من المقاعد في الكنيست محققة رقما جيدا، لأول مرة في تاريخ المشاركة العربية في الكنيست منذ العام 1949، وهو ما يؤهلها كي تلعب دورا أكبر في مقارعة دولة الاحتلال والتنغيص اليومي على عتاة الصهاينة، وإيصال رسائل واضحة لهم بأن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني لن تكون مرة جديدة ضحية طبخة سامة أيا كان اسمها.
وأخيرا، القائمة العربية المشتركة، بات الآن في الميدان من أوسع أبوابه، ميدان مقارعة الاحتلال في عقر داره، في الكنيست، وفي بطن الحوت.