السبت 28 أيلول (سبتمبر) 2019

ما بعد الانتخابات “الإسرائيلية”

السبت 28 أيلول (سبتمبر) 2019 par علي بدوان

وفقا لما توقعناه في كتاباتنا السياسية خلال الشهر الماضي، ومتابعاتنا للوضع داخل المجتمع “الإسرائيلي” بشأن التوقعات والتقديرات لمسار الانتخابات التشريعية التي جرت يوم الثلاثاء 17/9/2019، ووفقا للنتائج الأولية وفحص العينات من جولة الانتخابات “الإسرائيلية” للكنيست الـ22، وحتى الإعلان الرسمي الكامل عن نتائجها، لم يُسجّل أي من المتنافسين الرئيسيين: بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود، والجنرال بيني جانتس زعيم حزب (أزرق أبيض)، فوزا انتخابيا فارقا وملموسا، وحاسما، يخوّله بتشكيل الحكومة الائتلافية القادمة. بالرغم من أن نسبة التصويت العامة بلغت حتى مساء يوم الانتخابات 63.7%، وهي أعلى بـ2.4% عن نظيرتها في الانتخابات الأخيرة في شهر نيسان/ أبريل الماضي 2019، فيما بلغ إجمالي عدد المصوتين في الوقت نفسه 4,071,398 ناخبًا حتى تلك اللحظة.
فقد أغلقت مراكز الاقتراع في “إسرائيل” أبوابها معلنة نهاية يوم الانتخابات للكنيست الثانية والعشرين في تمام الساعة العاشرة مساء بتوقيت القدس من يوم السابع عشر من أيلول/سبتمبر 2019، لكي تبدأ عملية فرز الأصوات مباشرة، ومن ثم ترفع النتائج إلى اللجنة المركزية للانتخابات التي ستعنى في الأيام القليلة القادمة بنشر نتائجها الرسمية.
ومنذ اللحظات الحاسمة، مساء اليوم الأول من الانتخابات، وبإجراء عملية قراءة وفحص للعينات التي فرزها، والتي من المفترض عادة أن يتم اعتبارها قريبة إلى حد كبير من النتائج التي ستنتهي إليها عملية فرز الأصوات في نهاية المطاف، نجد فيها توازنا بين الحزبين الكبيرين: حزب الليكود 31 مقعدا. حزب تحالف (أزرق ابيض) 32 مقعدا. والقائمة المشتركة 13 مقعدا. حزب اليمين العلماني بقيادة أفيجدور ليبرمان المُسمى حزب “إسرائيل بيتنا” ثمانية مقاعد. حزب “شاس” تسعة مقاعد. حزب “يهدوت يتوراة” ثمانية مقاعد. قائمة اليمين الجديد سبعة مقاعد. حزب “المعسكر الديمقراطي” بقيادة الجنرال أيهود باراك خمسة مقاعد. تحالف حزبي “العمل وغيشر” خمسة مقاعد.
فحص نتائج العينة إياها مساء اليوم الانتخابي، والتي تم فرزها قبيل انتهاء الانتخابات بوقت قصير، تُظهر أن كتلة قوى اليمين برئاسة نتنياهو مؤلفة من 56 نائبا، بينما تتألف الكتلة المنافسة “الوسط يسار”، أي حزب (أزرق أبيض) بزعامة الجنرال بيني جانتس من 45 نائبا، وإذا ما انضم إليها النواب العرب فستصبح 58 نائبا. وفي كلتا الحالتين لن يتمكن أي من الطرفين من تشكيل حكومة بدون حزب اليمين العلماني “إسرائيل بيتنا” بزعامة أفيجدور ليبرمان، الذي منحته نتائج العينات ثمانية مقاعد إلى عشرة مقاعد، والذي يتوقع أن يكون دور هذا الحزب اللاحق كــ”بيضة قبان”.
وعليه، وبعد الإعلان النهائي عن النتائج الكاملة للانتخابات، تبدو الأمور وكأنها عادت مرة جديدة في “إسرائيل” إلى نقطة الصفر، فإمّا حكومة ائتلافية تضم الحزبين الكبيرين، وبالتناوب على رئاسة الحكومة ــــ عامين لكل واحد: نتنياهو وبيني جانتس، كما جرى في التسعينيات بين زعيم الليكود إسحاق شامير وزعيم حزب العمل شيمون بيريز ــــ وهو أمر لا يفضله نتنياهو على الإطلاق انطلاقا من شخصيته التي ترفض مشاركة شخصية مؤثرة في صنع القرار، وإلا فاسترضاء حزب “اسرائيل بيتنا” وهو أمر صعب أيضا مع نتنياهو، حيث ترفض أحزاب اليمين التوراتي الدخول في ائتلاف حكومي مع نتنياهو بوجود حزب اليمين العلماني (حزب ليبرمان: إسرائيل بيتنا)، وهو ما قد يدفع ليبرمان للتوجه نحو التحالف مع الحزب الكبير الآخر (أزرق أبيض).
لقد بات حزب “إسرائيل بيتنا” بمثابة بيضة القبان، في تقرير شكل ومكونات وعناصر التحالف الائتلافي القادم في “إسرائيل”، وعلى الأرجح فإن هذا الحزب وزعيمه المتطرف أفيجدور ليبرمان، يفضل حكومة “وحدة وطنية” في مواجهة الأحزاب التوراتية (الحريدية) التي لا تقبل التحالف إلا في إطار يميني صهيوني واسع يكون حزب الليكود على رأسه. ومستبعدين في الوقت نفسه إمكانية اللقاء مع حزب “إسرائيل بيتنا” باعتباره الحزب المنافس، بل والحزب المتعارض معهما بالرغم من “طينة التطرف واليمين” التي تجمعهما.
أما الكتلة العربية، والتي باتت الكتلة الثالثة في الكنيست من حيث عدد أعضائها المنتخبين، فلن يكون لها أي دور في أي تشكيل حكومي لأسباب عربية صافية. لكنها ستكون قوة مؤثرة، وذات فعل ملموس على مقاعد الكنيست، في مقارعة سياسات الاحتلال، والتصدي لها. ومواجهة المتطرفين داخل الكنيست.
إن تشكيل حكومة “وحدة وطنية” هو الطريق المُرجّح عند غالبية القوى الحزبية “الإسرائيلية” وحتى في الشارع، كما هي رغبة الرئيس “الإسرائيلي” (رؤوبين ريفلين) المنتمي أصلا لحزب الليكود. لكن بات يرى، ومن واقع التجربة خلال الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين، ومن واقع الانقسام الانتخابي بشأن الخيرات السياسية والمجتمعية، في المجتمع اليهودي على أرض فلسطين التاريخية، أن خيار “حكومة الوحدة الوطنية” هو الخيار الأسلم والأسلس، والأفضل بالنسبة لــ”إسرائيل”. لذلك يتوقع أن يدفع بجهوده من أجل تحقيق هذا الغرض، بدلا من المراوحة بالمكان عند خيارات غير مجدية، تزيد “الطين بلة”.
لقد جرت الانتخابات العامة للكنيست، في ظل شرخ واسع بين “الإسرائيليين”، ورغبة قسم منهم بأن تقود هذه الانتخابات إلى نهاية عهد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو. فالذين يتمنون نهاية عهده يشكلون أغلبية بشكل عام بين “الإسرائيليين”، لكن ليس بالضرورة أن ينجحوا في مساعيهم، فالوضع في “إسرائيل” معقّد أكثر وفيه تداخلات هائلة. في حين يجد نتنياهو الآن، وبكل الحالات، أن مستقبله السياسي بات يتأرجح على كف عفريت، وقد يصبح أمامه طريق واحد وهو المحاكم والقضاء بتهم الفساد التي تلاحقه وتلاحق زوجته منذ عدة سنوات، وبالتالي انتهاء حياته السياسية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 83 / 2183440

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع علي بدوان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2183440 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40