الخميس 14 أيار (مايو) 2015

ديمومة وعد العودة

الخميس 14 أيار (مايو) 2015 par علي بدوان

تَمُرُ ذكرى نكبة فلسطين السابعة والستين بمآسيها الأليمة، وفلسطينيو سوريا يعيشون نكبتهم الثانية، وهي النكبة الأقسى والأَمَرّ التي داهمت هذا الجزء الأصيل من الشعب العربي الفلسطيني، هذا الجزء الذي كان ومازال الخزان البشري الكبير للثورة الفلسطينية المُعاصرة بكل فصائلها وقواها السياسية والفدائية منذ بواكير الكفاح الوطني الفلسطيني بعد النكبة الكبرى الأولى عام 1948.

نكبة فلسطينيي سوريا الثانية، شكّلت نقطة الانعطاف الصارخة في مسيرة الآلام الفلسطينية على درب الجلجلة الطويل، منذ وعد بلفور اللئيم عام 1917 وحتى اللحظة الراهنة، وقد فاقت بتفعيلاتها ومفاعيلها ونتائجها كل الأزمات التي مَرّت في مسار الثورة الفلسطينية المعاصرة، حيث سقط حتى الآن نحو (4000) شهيد من لاجئي فلسطين في سوريا عدا المفقودين والأعداد المتزايدة من الجرحى والمعطوبين، منهم نحو (1400) شهيد من مخيم اليرموك وحده، وهجرة نحو (100) ألف منهم نحو دياسبورا المنافي والشتات على إمتداد المعمورة في رحلةٍ قسرية على قوارب الموت، وقد إبتلعت مياه وأسماك البحر الأبيض المتوسط أعداداً منهم بعد أن ضاقت بهم أرض العرب على إتساعها، رحلة فاقت بآلامها وجراحها الدامية ماجرى لأبناء فلسطين في سوريا عندما أُغتصبت مُدنهم وقراهم في حيفا ويافا وصفد وعكا والناصرة وطبريا وعموم مناطق الجليل شمال فلسطين عام النكبة الأولى إبان عمليات التطهير العرقي التي قادتها عصابات الهاغاناه والبالماخ تحت دعم وإسناد سلطات الإنتداب البريطاني في حينها، حيث سلمت فلسطين الى الحركة الصهيونية قبل إعلانها عن إنتهاء إنتدابها على فلسطين.

تَمُرُ ذكرى النكبة الكبرى الأولى السابعة والستين، ولاجئي فلسطين في سوريا، وبالرغم من جراحهم الكاوية في نكبتهم الثانية وهجرة الأعداد الوافرة منهم نحو قوسٍ واسع من بقاع المعمورة بجهاتها الأربع، مازالوا على موعد دائم مع وعد العودة، مع وطنهم التاريخي، حُلم العودة الى وطنٍ لن يَكُونَ لهم من وطنٍ سواه، هناك في العمق المُحتل عام 1948، فهم الآن يعيشون ذكرى النكبة بإحيائها في داخل مخيم اليرموك المعزول، وفي مخيمات جرمانا والنيرب وعموم تجمعاتهم فوق الأرض السورية، لتبقى الفكرة مُتقدة وحية، وليبقى الحَقُ حاضراً عند أجيالهم الصاعدة.

لقد كَتَبَ قبل أيام رجلٌ فلسطيني داخل مخيم اليرموك في ذكرى النكبة التي عاشها بطفولته، ومن قلب المعاناة، وقد تجاوز عمراً عتياً، كَتَبَ على جدار منزله عبارة مجازية، لكنها غاية في البلاغة والتصميم والإصرار عندما قال : »سأنام بحذائي حتى لايفوتني حُلم العودة«.

نعم إنه حُلم ووعد العودة، يَتَضَافر هذا الشعار بقوة ليتحول بمفاعيله لإصرارٍ عنيد لشعبٍ واحد موحد، يَمتَدُ من مخيمات اليرموك وجرمانا والنيرب وغيرها في سوريا الى عين الحلوة والرشيدية في لبنان، الى الأمعري وبلاطة وعسكر وقلنديا في الضفة الغربية، الى جباليا والشاطىء والبريج ودير البلح في قطاع غزة، الى الوحدات والبقعة في الأردن. إنه التاريخ الحي الذي لايستطيع أحد أن يلوي عنقه، فالنبت الأخضر اليانع من ينمو الآن بين الحجارة والردم والحواري في مخيم اليرموك، لشعبٍ مازال يَمسِكُ بناصية حقوقه الوطنية، في مواجهة مساعي التمويت التي يُريدها من يَعمل على إجهاض حق العودة، وتدمير الرواية الوطنية من ألفها الى يائها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2183080

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع علي بدوان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

2183080 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 29


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40