الأحد 15 أيار (مايو) 2022

أربعة وسبعون عاماً.. واسالوا باراك!

الأحد 15 أيار (مايو) 2022 par عبداللطيف مهنا

أربعة وسبعون عاماً نكباوياً تتقاسم سنيها عذابات التشرُّد، وتضحيات الصمود، وضرائب الرباط، وقرابين الحفاظ على البقاء، ورُقى حلم العودة.. كنَّا فيها وحدنا، ليس معنا سوى وجدان أمتنا المقهورة والمغيَّبة، وهم لم يكونوا وحدهم.
.. كانوا الغرب الاستعماري بقضه وقضيضه، بجبروته، بقدراتٍ وخبراتٍ راكمتها قرون ممارسة السطو على مقدرات شعوب المعمورة.. بآلتيه الهائلتين، التآمرية المجرِّبة، والعسكرية المدجَّجة بآخر مبتكرات وسائل الموت وأدوات الفتك المتطورة..
أربعة وسبعون عاماً، وظللنا الباقين، وظلوا العابرين.. ظلّوا تفتك بهم فوبيا الزوال، ووجهاً لوجه مع قدرية تاريخ يرفضهم وجغرافيا تلفظهم وأمة لا تراهم إلا عدواً.. واسألوا قاتلهم الأشر، جنرالهم الدموي، باراك، الذي طفق مؤخراً يحذرهم من زوال محتوم يحمله عقد وجودهم الثامن.

- مشهد فاضحهم.. وراية أفزعتهم!
كان مشهداً فاضحاً ومشيناً تعدت همجيته حدوداً فاجرةً تليق بالصهاينة ولم يسبقهم إليها محتل. ذلك ما مثله هجوم جند المحتلين على بيت الشهيدة شيرين أبو عاقلة، ومن ثم على جنازتها.. ليس في المشهد ما هو مخالف لمعتادهم، هو من جنس ما يكررونه في فلسطين المحتلة منذ أن احتلوها، من يومنا وعودٍ إلى النكبة.. جريمة اغتيالها بالذات، كصحفية، تختتم، مؤقتاً، قائمةً من أربعين صحفياً فلسطينياً متصدّرةً من سبقوها إلى الشهادة منذ العام 2000.

ليس الصهاينة وحدهم من تلطَّخت أيديهم بدمها الطهور ودماء زملائها الأبرار.. ودماء شعبها على مدار الساعة.. فحسب، وبل معهم وجوه وأيادي الغرب، أو ما يدعى “المجتمع الدولي” المنافق الشاجب حرجا، والمتلعثم تجنُّباً لاتهام مغتاليها.. تشاركه رؤوس من ابتلعوا ألسنتهم وتخلُّوا عن كرامتهم من عربه المسالمين الاحتلال والمطبعين معه، أنظمةَ ونخباً.

.. دخل المشهد بالصوت والصورة كل بيت في هذا العالم، لاحظنا ولا حظ معنا، رغم مزمن إشاحته بوجهه التي أدمنها، كم أرعبت رفرفة العلم الفلسطيني وهو يشيّعها قتلتها الصهاينة.. كم افزعتهم حد الهوس تلك الراية التي ستتلقفها أجيالنا لترفعها خفاقةً حتى التحرير والعودة.

- اوروبا والكتب المدرسية الفلسطينية!

قرر الاتحاد الأوربي حظر تمويل الكتب المدرسية الفلسطينية باعتبار مناهجها تتضمن ما يحض على الكراهية ويدعو للعنف، أو ما يعني أنها لا تلتزم الرواية الصهيونية للصراع ولا تدعو لعدم مقاومة الاحتلال، وبلغة أخرى، لا تربي أجيالها، إن لم يكن على محبته، فعلى الأقل على وجوب مسالمته!

هنا نحن لسنا إزاء مجرَّد نفاق أوروبي تليد أمثلته عديده ومنها، أنهم رسمياً لا يعترفون بضم القدس ويعتبرون الضفة بعامة أراض محتلة، لكنهم يدعمون الاستيطان بفتح أسواقهم لمنتجات المستوطنات، بل وملاحقة دعوة الداعين لمقاطعتها قانونياً، ناهيك عن اعتبار مقاومة الفلسطينيين للمحتلين عملاً ارهابياً!

قرار الاتحاد الأوروبي ينسجم بالمطلق مع موقفه الحقيقي والثابت والدائم من الصراع العربي الصهيوني، أوروبا هي من اختلقت الكيان الصهيوني وأرضعته في مهد نكبتنا صبيا وأميركا من تبنته من حينها، وهما من كفلاه وعملا على حمايته وتثبيته في القلب من الوطن العربي وتعهدا مده بأسباب الحياة والبقاء، من الإبرة حتى السلاح النووي مروراً بالقباب الحديدية.. ووصولاً إلى بذل مستطاعهما لفرض الرواية الصهيونية الزائفة والفاجرة على أطفالنا.

من حسنات الراهن الأوروبي الأكراني أنه قد، وأقول قد، يلفت نظر ذوي الحَوَل من نخبنا الشائهة والمسهمة بدورها في تشويه الوعي بالمراهنة على “العدالة الدولية”، والتي تعني راهناً “الغربية”.. تلفتهم إلى حيث التمعُّن في أبجديات الصراع في بلادنا وعلى بلادنا.. كفاهم أن يتذكَّروا أن النازية والصهيونية، والحربين الكونيتين، اختراع ومنتج أوروبي قح لا ينازع القارة العجوز عليه أحد..

- مدرسة شهادة وعبقرية فداء
جبهة أعدائنا كبيرة، كبيرة، وفاجرة، وأمتداداتها مترامية ومتَّسعة ومتعاضدة، خارجاً وداخلاً.. وحتى وكأنما ليس لنا إلا إرادتنا ودمنا، ووعد أمتنا الآتي الذي نؤمن به ولم يحن حينه بعد.. جبهة أعداءٍ فاجرةٍ يواجهها شعب بات مدرسة شهادةٍ، سلاحه صمود يمتشق عبقرية فداء.. شعب إن ادلهمت من حوله المراحل لا تعوزه مفاجأتها بابتكاراته النضالية المتجددة.. بطولة فدائيي “العاد” ليست إلا واحدة في سفر بطولات تتلاحق وتتعاظم في ملحمة عنوانها التحرير ومنتهاها العودة..



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2183503

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عبداللطيف مهنا   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

27 من الزوار الآن

2183503 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 29


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40