الأحد 27 آذار (مارس) 2022

لولا اللغة!

الأحد 27 آذار (مارس) 2022 par عبداللطيف مهنا

- لولا اللغة!

لولا اللغة لصعب على المشاهد التفريق بين فضائية الجزيرة في تغطيتها للحدث الأوكراني وشقيقتها الC.N.N إبان الغزو الأميركي للعراق. الفارق فحسب، لجهة الأمركة، هو ذاك الذي بين لغة الضاد والرطانة الإنكليزية.. هذه التوأمة عهدناها إبان الحرب على ليبيا ومستدامها على سورية.. كاد أولياء أمور “إمارة الجزيرة” الخروج من جلودهم زهواً عندما خلع عليهم بايدن صفة حليف من خارج حلفاء أميركا، أو ما يعني تابع مقرَّب.. في الأمر ما يذكي غيرة رفاق سائر المحميات الخليجية!

- مَوَران

يمور العالم في تنّور تحولاته الماثلة عياناً حتى للعميان، ولدينا منهم الكثير.. عالم ما بعد الأميركان، وإن شئتم الغرب، يدق الأبواب، لأزوفه ترتجّ التحالفات وتتبدَّل السياسات.. لا يظنن أحد منا أن وطننا العربي بعيداً عن هذا الذي يجري.. لن يستثنوه حتى لو استثنى نفسه منه، ومخطىء من ظن أنه على رداءة واقعه سيفعل، هذه الرداءة هي من محفزات تحوُّلاته الآتية لا ريب.. في مَوَران العالم، تحوُّلاته، رداءة واقعنا، اعتمال أتواقنا، ما يعزز لدينا ثقافة المقاومة.

- إعادة تموضع كوني

بعد الحدث الأوكراني، لم نعد نتحدث عن آحادية القطبية، هذه باتت من الماضي، تآكلت بفعل بروز متعدد المراكز الطامحة لأخذ أمكنتها المستحقة على مائدة القرار الكوني.
نتحدث عن إعادة تموضع كوني لعالم ديدنه كان وسيظل مقسوماً بين فسطاطين رئيسين ومن حولهما لا ينعدم تعدد المراكز..عن فسطاطين طفق كليهما في تلمُّس سبل رسم تخومه و خطوطه الحمر:
آفل باغٍ يندحر، ولانثلام سطوته تزداد شراسته التي تباري ازدياد إحساسه بتراجعه وارتخاء قبضته على مصائر وثروات المعموره..
وصاعد يتلمس طريقه، لم يظهر خيره من شره بعد، لكنما هو قطعاً أقل خطراً على البشرية من المندحر السائر إلى أفوله..
في أوكرانيا التي تغطي سماواتها أدخنة البارود تدرج الآن الخطوات الأولى لبدايات عالم ما بعد العصر الأميركي، والذي يعني ما بعد الغربي.. وأن ما يدعى النظام العالمي الراهن هو سائر بدوره إلى حيث ما كان يدعى النظام العربي!
.. السؤال أين العرب مما يجري، بل وحتى أينهم؟!

- ولو ربع بوتن!

مكره أخاك لا بطل، لا يملك بوتن ألا يفعل في أوكرانيا إلا ما هو فاعل، ما يفعله ليس بأكثر من رفع بطاقته الحمراء في وجه تسلل الناتو إلى حدائقه الخلفية والتلصص العدواني الخطر منها عبر سياجات بيته.. كل ما فعله، وسيسجله له الروس والعالم والتاريخ ومعهم المتلصصين، أنه قد أثبت أنه لها.. ذلك حين، وبيده الفولاذية، أرَّخ لدفن ما بات مستحقاً دفنه، أو ما كان مضمراً لا معلناً وسنحت لحظة إشهاره.. الدفن المستوجب لآحادية القطبية الأميركية، وبالتالي الإعلان المتأخر لميلاد تعدديتها الكونية.

.. وقد يداهمنا ميل لأن نستطرد فنقول، ونخال أنه اقترب من دق مسمارٍ في نعش وحدة الناتو، ورسم غمامة شك مضمر قد تكبر مع الأيام حائمةً فوق الأطلسي تاركةً أثرها على ضفتيه.. ناهيك عن فضح ضعف وهشاشة الأوروبيين، أضف إليه نفاقهم الكوني المزمن بالتوازي مع ذيليتهم الدائمة للأميركي، الذي على الرغم من تناقض مصالحه هنا مع مصالحهم، أو تضحيته بها وبأوكرانيا، قد جرَّهم من آذانهم، وجميعاً، برضى الراضي وطاعة المكره، للرقص الوثني الدائر في ساح مذبح أضحيته الأخيرة، وحوَّلهم، راضين وكارهين، جوقة ولولة تصدح بأُحْدية العقوبات غير المسبوقة وغير المتفق عليها في حومة هذه المناحة الدائرة لشيطنة بوتن.

قالوا في هجاء بوتن ما لم يقله مالك في الخمر، نعتوه بكل الشوائن وخلعوا عليه ما هب ودب من الصفات اللاإنسانية التي ارتكبوها وكانت لائقة بهم وحدهم، في كوريا، والفيتنام، وأفغانستان، و و.. وصولا لوطننا العربي، بدءاً ونهايةً بفلسطين، ومروراً بالعراق وليبيا وسوريه واليمن، ولا حاجة بنا في هذه العجالة، لجردة حساب لحروبهم التي لم تتوقف، ولا للعودة لما سبق في تاريخنا معهم، ولا سائر ما فعلوه في أمم هذه الأرض، أو ما أسسوا إمبرياليتهم على دواهيه ومظالمه.. التاريخ تكفَّل بهذا.

حيال الحدث الأوكراني، انقسم العرب عربان، وللأمانة هذه القسمة تليدة وسابقة عليه.. انقسما إلى عرب الأميركان، أو اللذين مع أميركا أكثر مما هي مع أميركا، وهؤلاء من الظلم تسميتهم عربا، وعرب الأمة، الذين يدركون أن كل ما يتميز به بوتن هو روسيته الحقة، وهذا ما يغبطونه عليه، وما خلاه، فربما لو كان في محل الأميركان وغربهم لما كان مختلفاً كثيراً عنهم، لكنهم أما وهو يقارعهم فهم معه.. ويتمنون لو كان لديهم ولو ربع بوتن!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2183553

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عبداللطيف مهنا   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2183553 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40