لفت انتباهي إعلان الصحفي الكاتب الألماني اليهودي الشهير هنريك ديدور إسلامه مؤخرا.. وانتباهي لهذا الحدث جاء من عدة زوايا.. أولها أن الموجة الإعلامية المشوِّهة للإسلام بلغت أوجها وأن الروح العدوانية الإقصائية في الغرب ترى رواجا واسعا وقد تشكلت جمعيات ومؤسسات تهتم بتوجيه الانتقادات والشتم والإساءة لرموز الدين الإسلامي..
ثم من زاوية أخرى ما يتعرض له الدين من محاولات لتشويه منهجه وروحه ببروز مجموعات يروّج الإعلام الغربي والعميل لها ممارساتها بما يرتكب من قتل واستهانة بالروح الآدمية وحقوق الإنسان فيتم تقديم الإسلام على أنه دين توحّش.. ولفت انتباهي أيضا هذا الموقف من هذا الكاتب الشهير فيما يتعرض له الإسلام في بلاد العرب إلى تشويه وتهميش وإقصاء وقلة المناصرين له بعلم ووعي وإيمان..
وأخيرا لفت انتباهي إسلام هنريك ديدور بالذات بعد أن كان من ألدّ خصوم الإسلام والمروّجين لمعاداته واعتباره خطرا داهما على أوروبا ودعوته إلى شباب أوروبا للرحيل، لأن المستقبل في بلدانهم -حسب هنريك- للإسلام الذي يتنامى بسرعة فائقة.. الجميل في إعلان هنريك أنه أكد عودته للدين الإلهي، دين الفطرة، وأن المستقبل له، لأنه دين الإنسان، دين السلام وأن كل التشويهات التي يحاولها البعض لا تنال من صفائه وقوته.
وعرف تاريخ الإسلام المعاصر شهوداً عديدين على قدرته في اختراق جدر التضليل والتعمية ووصوله إلى الوجدان الانساني والعقل البشري يحررهما من الخرافة والانحراف والتزايد في الانحياز إلى أحد أقطاب عملية التفكير.. ولمعت في سماء الغرب أقمار بهية زاهية لأفذاذ المفكرين موريس بيكاي وريني ڤينون ومالكوم اكس ومحمد أسد وروجي غارودي وآخرين في أعلى مستويات التحصيل العلمي والأدبي.. كما حاز الإسلام على احترام كثير من المؤسسات والهيئات العلمية في الغرب وأصبح بلا منازع الدين الثاني وجودا والأول انتشارا والمتميز بفاعليته ودوره في الغرب.
وفيما نحن نكتب هذه الكلمات تحاصرنا نماذج لا تدعو إلى الراحة والاعتزاز في بلاد العرب والإسلام تكاد تغطي على المشهد كله وتقدم صورا ليست هي الصورة الحقيقية التي يجد فيها الإنسان ضالته.. رغم ذلك، إلا أن هناك جهوداً جبارة يبذلها آخرون في بلاد الغرب الآن للدعوة إلى الدين القويم لإنقاذ البشرية من منهج الدمار والتخريب المتحكم في فلسفات السياسات الغربية والتوجّهات الامبريالية.
إنها إحدى آيات الإسلام أنه يقاتل في أسوإ الظروف وينتصر وأنه يخترق كل الجدران السميكة ويصل إلى الضمير الانساني رغم كل الأغلفة والعتمة الدامسة.. ذلك يعود بلا شك إلى قوة ذاتية فيه وفي منطقه وفي انسجامه المطلق مع الكون ونواميسه والنفس وقوانينها والحياة وسننها، وهو عندما يسجّل حضوره في أعلى المواقع العلمية وبين علية القوم هناك إنما يقول بملء الفم إنه دين البشرية جمعاء ومستقبلها وهو لا سواه ناظم حياتها السعيدة.
[(إسلامٌ يوحدنا ويملؤنا عزة وكرامة ويبصّرنا سبيل التصدي لمؤامرات العدو الاستعماري ويطهّرنا من عوامل الضعف والخراب.. إسلام صاف من نبع القرآن الكريم كلام الله العزيز الحكيم ومن السنة المطهرة من صحيح ما نقل عن رسول الله من قول أو فعل.. إسلام رحمة للعالمين وبشرى خير للمستضعفين ونذير للمجرمين الاستعماريين..)]
هذا هو مسار الإسلام الدين المنتصر في كل الظروف.. وكل متتبع وما أكثرهم في مراكز التحليل والإشراف المدعمة لصناع القرار في الغرب يرفع بإشارات الخطر للسياسيين ومؤسسات وضع الاستراتيجيات الاستعمارية هناك.. لأن تنامي حركية الإسلام وتقدم فاعلياته في الغرب والشرق سواء يعني بوضوح خطرا حقيقيا على مصالح الأنانيين الاستحواذيين الذين يريدون تحطيم كل مقاومة تتصدى لمشاريعهم في أمتنا.. ومن هنا يمكن تفسير الدافع وراء هذا التطرف الغربي في معاداة الاسلام والهجوم الواسع على بلدانه والعمل على تشويه صورته وتقديم نماذج توحّش في محاولة دؤوبة منه لتنفير الغرب من الإسلام وإبعاده عن حياة الناس في الشرق وفرض نماذج رديئة تخدم الدعاية الغربية الاستعمارية.
والإسلام في حقيقة الأمر هو رأس مالنا الثمين وكنزنا الاستراتيجي وهو معيننا الذي نشقى بدونه.. وإن العبث بهذا الكنز إنما هو عبث بمستقبلنا ومصيرنا.. وهذا يدعونا إلى العودة إلى ديننا الصافي الجميل القويم الحق الصراط المستقيم الذي يحترم عقولنا وينمي عزائمنا وتشرق به أرواحنا وتصفو به قلوبنا.. الإسلام البيّن الواضح الذي يجعل من العمل الصالح منهجا لنا في الحياة ومن الأخوة الإنسانية إطارا لنا لتأدية الواجب، كما أنه يدعونا دوما لما ينفع الناس كل الناس، ويرتقي بنا إلى الأمة الخيّرة..
من هنا ندرك أي شر تحمله تلك المؤامرة التي تحول بيننا والإسلام من خلال تضليل بعض أبنائنا بأفكار معلّبة وتصوّرات سقيمة وكلام غير علمي عن الإسلام.. ندرك كم هم أشرار أولئك الاستعماريون عندما يقذفون في ساحتنا بنماذج صنّعوها هم تقدِّم لنا نماذج مشوهة عن الإسلام أو أن يقدم لنا نماذج تغريبية علمانية معاندة بلا علم ولا سبيل رشاد.. إنه في الحالين إنما يصرّ على عدم ترك فرصة لنا للحياة بإسلامنا دين الفطرة والسلام والعلم والعمل النافع الصالح.
إسلامٌ يوحدنا ويملؤنا عزة وكرامة ويبصّرنا سبيل التصدي لمؤامرات العدو الاستعماري ويطهّرنا من عوامل الضعف والخراب.. إسلام صاف من نبع القرآن الكريم كلام الله العزيز الحكيم ومن السنة المطهرة من صحيح ما نقل عن رسول الله من قول أو فعل.. إسلام رحمة للعالمين وبشرى خير للمستضعفين ونذير للمجرمين الاستعماريين.. إسلام الحرب على العنصرية والجاهلية والشر بأنواعه كلها المعنوية والمادية.
إنه الإسلام الذي يهتدي إليه الآن العظماء من الرجال في الغرب والشرق.. انه إسلامٌ تنهض به العقول الكبيرة والهمم العظيمة والطباع السوية.. إسلامٌ يبدّد ظلام القرون الفائتة ويقدّم للبشرية منهجا لحياة تنقذها من الأخطار المعلقة فوق رؤوسها.. لهذا الإسلام يجب أن ننهض ونخلع عن أرواحنا وعقولنا كل التصورات والأفهام والقيم التي تولدت في غيابه.. أي لا بد من تجديد الانتماء للإسلام ومثالنا في ذلك أولئك الرواد في صدر الاسلام وما فعلوه من مجد.. تولاّنا الله برحمته.