كفكفوا دموعكم رد عزاؤكم أيها المتفرجون على اللحم الآدمي المشوي في غزة.. انسحبوا من المكان والزمان فهذا ليس زمانكم هو زمان الفعل الحضاري المقتدر.. هو عزيمة أشبال شعب فتحوا أعينهم على الموت الاحمر وهو يرافقهم يلاعبونه ويلاعبهم فيغلبونه أو يغلبهم ولكنه أقسم أن يرافقهم في معركة الحياة ينقض بهم على ثكنات العدو ومعاقله ومخادعه، فأي زمان هذا الذي نعيش؟
غزة ولا بواكي.. يا حرقة الفؤاد ويا وجع العظام على أطفالك تشويهم آلة البطش الصهيونية وهم ينادون: يا الله يا الله..
يا كل ما تبقى من العرب وكرامتهم ومن المسلمين وغيرتهم ومن الانسانية وضميرها هذا هو الانسان؛ أخوكم في الدين والعروبة والانسانية يعري عصابة الشر ويدفع بها إلى المقصلة.. إنها معركة الانسان فهنا تتجدد قيمة الكرامة والعزة.
غزة تصنع ملحمة نحتاجها جميعا فلقد أكل الخور جنبات صدورنا وعبثت الفتن بعقولنا وأزاحتنا المحن عن الجادة الصواب.. فكنا نحتاج هذه الملحمة، ومن سوى غزة يجدد المعاني ومن سواها يشعل قناديل الاقصى ومن سواها ينفخ الروح في موات الأمة.. إنها فلسطين بجلالها تقف مشرئبة العنق بسيفها القاطع.. غزة ترد على تجمعات الكيان العنصري في حيفا وتل أبيب والقدس الغربية وبئر السبع.. وتمنح العقل والروح فرصة التدبر والتأمل والتفكير في سبيل النصر.
غزة ولا أحلى ولا أبهى ولا أكرم.. غزة ومن لا ينحاز إليك فليتلفع بثياب العار والدناءة والخزي.. كم مرة نصبوا إليك المشنقة وكم مرة أعدوا الجنازة.. كم مرة ناموا ليلهم الطويل ظانين أن صبحك لن يكون.. كم مرة أرضعت أولادك حليبك بالدم.. كم مرة اختلطت آمالك باليقين والقنابل.. كم مرة.. وفي كل مرة كنت أنت يا غزة هاشم يا مثوى جد رسول الله ويا حبيبة الفاتحين الاولين.. تكونين على قدر عنادك الأسطوري تعلمين الكون أن الكرامة أغلى وأعز.
غزة.. خذينا منا إليك نخلع عند عتبات قدميك جلد الهزيمة. طهرينا يا بنت العروبة والإسلام من دنس المراحل التائهة وارفعي أيدينا الخائرة إلى ربنا عله يقبل منا الاستغفار بعد أن تركناك وحدك تنوبين عن أمة المليار..
أين أولئك الجوالون الصداحون النائحون الذيم ملأوا الدنيا ضجيجا دعما لتجار الحشيش في أفغانستان في معركتهم ضد الروس.. أين أولئك الذين جندوا وأنفقوا لحرب الفتنة الحرام في سوريا.. أين الخلفاء والأمراء والتعساء والتافهون..؟ هنا الامتحان هنا الفاحص الحقيقي.
غزة وفلسطين كلها غزة في الخليل الرائع وجنين الحبيبة والقدس عاصمة الروح في الطيبة والطيرة وأم الفحم والمثلث وكل فلسطين ومخيماتها في اللجوء.. هي غزة فلا خوف على إرث النبوة وعهدة الصالحين.. غزة ولا بواكي رد عزاؤكم أيها المتفرجون.. تولانا الله برحمته.