الاثنين 6 تموز (يوليو) 2015

آن أوان القول لتركيا كفى

الاثنين 6 تموز (يوليو) 2015 par علي جرادات

أن يضرب الإرهابيون التكفيريون مصر في ذكرى ثورة 30 يونيو، ذلك يعني أن ثمة رسالة سياسية واضحة ترسلها دول وجهات تدعم هؤلاء الإرهابيين وتمدهم بالسلاح والمقاتلين والمال، وتعمل في السر والعلن على زعزعة استقرار مصر وأمنها.
لذلك من الطبيعي والمنطقي أن تكون «تركيا أردوغان» و«جماعة الإخوان» في مقدمة الدول والجهات المتهمة بالوقوف وراء أو تسهيل وقوع جريمة اغتيال النائب العام، المستشار هشام بركات، وعملية «داعش» الإرهابية الأكثر تنظيماً ضد الجيش في شمال سيناء.
ذلك ببساطة لأن جماعة «الإخوان»، بدعم شامل ومعلن من تركيا بقيادة أردوغان، لم تسلم بنتائج ثورة 30 يونيو، وتصفها ب«الانقلاب العسكري»، وتطعن في شرعية انتخابات السلطة المصرية الجديدة، وتصفها ب«المزورة»، ناهيك عن أن زعزعة الجيش والقضاء، أهم أعمدة الدولة المصرية، هدف ثابت ل«جماعة الإخوان»، ارتباطاً بدور المؤسستيْن البارز في مساندة ثورة 30 يونيو التي أطاحت سلطة «الجماعة» وأنهت أحلامها في حكم مصر ل500 عام، وبددت طموحات حزب أردوغان وأطماعه العثمانية في مصر والمنطقة العربية عموماً.
أما أن يهاجم تنظيم «داعش» الإرهابي مصر بعد أسبوع على وقوع مذبحة الفتنة في الكويت ومذبحة ضرب السياحة في تونس، وبعد شهور على وقوع مذبحتيْ الفتنة في السعودية، ذلك يعني أن تصعيد العمليات الإرهابية في مصر، يندرج، بلا لبس أو شك، في إطار مخطط أشمل لتصعيد العمليات الإرهابية في المنطقة العربية بأسرها، ما يعني أن داعمي تنظيم «داعش» وغيره من العصابات التكفيرية الإرهابية قرروا الزج بدول عربية أخرى، في مقدمتها قلب الأمة مصر، في أتون سيناريو التذبيح والتدمير والتجزئة الدائر منذ سنوات في كل من العراق وسوريا وليبيا.
بل ويعني أن العمل على زعزعة الجيش المصري وإضعافه يقع على رأس أولويات الأطراف الدولية والإقليمية والمحلية الداعمة للعصابات الإرهابية، ذلك، لأن هذا الجيش يشكل عماد الدولة المصرية وحمايتها من التفكك والتحول إلى دولة فاشلة، ولأنه الجيش العربي الأقوى والوحيد بين جيوش «دول الطوق» الذي نجا مما حل بالجيش السوري، فضلاً عن الجيشين العراقي والليبي، من تدمير، ما يعكس تقاطع مصالح «إسرائيل» وحلفائها، والولايات المتحدة منهم بالذات، الساعية بثبات إلى نشر «الفوضي الخلاقة» في الدول العربية وتدمير جيوشها، مع مصالح دول وجهات إقليمية ومحلية، في مقدمتها «تركيا أردوغان» و«جماعة الإخوان» اللتيْن ركبتا موجة الحراك الشعبي العربي للسيطرة على المنطقة العربية، وضرب الدولة الوطنية المدنية الحديثة فيها، بما يعيدها إلى نظام الملل والمذاهب والطوائف العثماني البائد.
ولئن كان صعود «جماعة الإخوان» إلى السلطة في مصر على كتف ثورة 25 يناير قد فتح شهية قيادة «الجماعة» على تسلم السلطة في غير قُطْر عربي، فإن شهية قيادة حليفها، بل فرعها، التركي، حزب «العدالة والتنمية»، قد انفتحت على مصراعيها للسيطرة على المنطقة العربية بأسرها، حتى لو تطلب الأمر استخدام عصابات الإرهاب التكفيرية، و«داعش» منها بالذات، اللهم إلا إذا كان بلا معنى انتقال سياسة تركيا الخارجية بعد انطلاق الحراك الشعبي العربي من واقع «صفر مشكلات مع دول الجوار والمنطقة»، والعربية خصوصاً، إلى واقع «100% مشكلات». أما بعد أن أطاح الشعب المصري في ثورة 30 يونيو سلطة «الإخوان»، فقد كان من الطبيعي أن يكون الارتباك والتخبط والانفعال والغضب، المحرك الأساس لسياسة فروع التنظيم الدولي ل«جماعة الإخوان»، خصوصاً الفرع التركي الذي صار مركز «الجماعة» بعد خسارتها مركزها لعقود في مصر.

وأكثر، فعوض أن تفضي خسارة مركز «الجماعة» الجديد لنحو 10% من قاعدته الشعبية في الانتخابات التشريعية التركية الأخيرة، إلى مراجعة النفس والكف عن سياسة الانفعال والغضب لمصلحة سياسة أكثر واقعية وعقلانية من شأنها المساهمة في تجاوز تركيا ودول المنطقة عموماً أزماتها الناجمة عن استخدام عصابات الإرهاب التكفيري، نجد أن حزب «التنمية والعدالة» يمعن في توريط تركيا في زيادة أشكال الدعم لتنظيم «داعش» إلى حدود مساعدته على محاولة إعادة احتلال مدينة عين العرب السورية الذي غضب أردوغان وأركان حزبه وحكومته بعد تحريرها على يد مقاتلي «قوات الحماية الكردية»، بل وإلى حدود حشد قوات تركية على الحدود مع سوريا، وإلى خرق اتفاق وقْف إطلاق النار مع حزب العمال الكردستاني التركي في شمال العراق، بذريعة الحيلولة دون قيام دولة أو كيان كردي في شمال سوريا، فيما يعلم الجميع أنه لا حزب العمال الكردي التركي ولا نظيره السوري يطرحان الحل الانفصالي للمسألة الكردية الذي يطرحه الحزب الحاكم في إقليم كردستان العراق وحليف تركيا التي تدعمه فيما أنجزه أو يكاد من انفصال عن الدولة المركزية في العراق.
على أي حال، من الطبيعي أن تنفي «تركيا أردوغان» تورطها في دعم «داعش» وغيره من العصابات الإرهابية في العراق وسوريا، وأن تنفي و«جماعة الإخوان» أي صلة لهما بما وقع ولا يزال يقع في مصر وليبيا وتونس وغيرها من الدول العربية من أعمال إرهابية، لكن دورهما في ذلك لم يعد بحاجة إلى إثبات أو برهان، بعد التصريحات العلنية التي أطلقها زعماء دول عظمى بوزن نائب الرئيس الأمريكي، بايدن، والمستشارة الألمانية، ميركل، وأكدوا فيها تورط تركيا في دعم عصابات «داعش»، كما لم يعد بحاجة إلى إثبات تورط «جماعة الإخوان» فيما يجري من عمليات إرهابية، على الأقل في كل من مصر وليبيا، اللهم إلا إذا كان بلا معنى تصعيد هذه العمليات في هذين القُطرين العربييْن مباشرة بعد إطاحة سلطة «الجماعة» فيهما، أو إذا كان بلا معنى تصريح القائد»الإخواني«المصري، محمد البلتاجي، بعد عزل الرئيس «الإخواني»، مرسي، حيث قال: سوف تتوقف أعمال العنف في سيناء عندما يعود الرئيس المنتخب، مرسي إلى الحكم.لذلك، بعيداً عن إنكار حزب «العدالة والتنمية» التركي وفروع «جماعة الإخوان» عموماً، آن أوان أن يقول العرب لتركيا الرئيس والحكومة والحزب الحاكم كفى لأن «السيل بلغ الزبى»، ولأن سياستها «الإخوانية» الانفعالية تهدد المنطقة العربية بأسرها، وقلبها مصر خصوصاً، إلى درجة أن تضطر مصر إلى تأكيد أن مشروع تعديل قانون العقوبات وقانون مكافحة الإرهاب سيشمل «إجراءات دبلوماسية».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2160528

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع علي جرادات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2160528 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010