مُعظم الأطراف الدولية والإقليمية التي أعلنت وساهمت في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار أثناء الحرب الأخيرة التي شُنّت على قطاع غزة ورحبت به في السادس والعشرين من أغسطس العام الماضي، تبدو اليوم غير معنية، أو تتعمد تجاهل تنفيذ عملية إعادة إعمار القطاع، لتتحول إعادة الإعمار إلى سلاح يَستهدف إضعاف الفلسطينيين مرة ثانية، ووضع المزيد من الاشتراطات عليهم.. والمساهمة في ترحيل موضوع إعادة إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي ووضعه في الثلاجة إلى أجل غير مُسمى من خلال وضع الاشتراطات التي تدفع نحو إخراج حركة حماس من دائرة القرار في القطاع وبالتالي في خلق المزيد من التناقضات في البيت الفلسطيني.
وفي إعلان صريح ليس بحاجة إلى تفسير، أشار مبعوث الرباعية الدولية رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير خلال زيارته قبل فترة لقطاع غزة والضفة الغربية، أن «تغيير الوضع الراهن في قطاع غزة شرطاً مُسبقاً لانطلاق عملية إعادة الإعمار فيه، ولحل الصراع بأكمله في فلسطين» على حد تعبيره.. وهذه دعوة تشجيعية تكاد تكون مُباشرة لتسويغ عدوان عسكري جديد قد تَشِنَهُ إسرائيل على القطاع المحاصر منذ سنواتٍ طويلة وتحديداً منذ قرابة الثماني سنوات، حيث تتواتر المعلومات اليومية بشأن الاستعداد «الإسرائيلي» لإنجاز عملية عسكرية ضد قطاع غزة.
هنا، نشير بأن المُتطرف أفيغدور ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» كان قد أعلن أيضاً «أن عملية عسكرية رابعة على قطاع غزة حتمية».. وزاد في ذلك سفير «إسرائيل» لدى الأمم المتحدة رون بروسور في رسالتين موجهتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ولرئيس مجلس الأمن الدولي مؤخراً، وفيهما أن «حركة حماس تعمل على مدار الساعة لشن عملية هجومية.. ولا يمكن لأحد أن يتوقع من إسرائيل مجرد الانتظار».. أما التقدير الإستراتيجي السنوي الذي يُصدره معهد «أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي» فدعا إلى «الاستعداد لجولة عسكرية قادمة على قطاع غزة» لخلق شروط سياسية تسوية أفضل».
في هذا المجال، وطبقاً للتقارير الدولية، ومنها تقارير الأمم المتحدة ومجموعة العمل المُشكّلة من عدة مؤسسات عاملة، ومعطيات المؤسسات الإغاثية العاملة في القطاع، فإن قطاع غزة يحتاج إلى أكثر من (800.000) شاحنة من المواد اللازمة لبناء المنازل والمدارس والمنشآت الطبية والبنى التحتية الضرورية التي دمُرت وتضررت بفعل العدوان الأخير على القطاع.. حيث هناك ما يقارب (100.000) شخص من النازحين الذين دُمرت بيوتهم، نِصفهم من الأطفال، يقطنون مراكز الإيواء والمساكن المؤقتة أو لدى عائلاتهم الممتدة.