الأحد 13 أيلول (سبتمبر) 2020

بيان الجامعة العربية نتاج
تبدّل وظيفتها وارتهانها
للإدارة الأميركية

ما بعد اجتماع الأمناء العامين بحاجة إلى إرادة سياسية
الأحد 13 أيلول (سبتمبر) 2020 par رامز مصطفى

البيان الختامي الذي صدر في نهاية أعمال الدورة العادية الـ 154 للجامعة العربية، والتي عُقدت الأربعاء 9 أيلول الحالي، برئاسة وزير خارجية السلطة الفلسطينية رياض المالكي، لم يكن مفاجئاً على الإطلاق، بعد أن تمّ إسقاط المشروع الفلسطيني الذي يُطالب بإدانة الاتفاق الإماراتي مع كيان الاحتلال الصهيوني، باعتباره خروجاً عن المبادرة العربية للسلام. مكتفياً البيان بتأكيد الالتزام بالمبادرة من دون التعرّض للاتفاق لا من قريب ولا من بعيد.

النتيجة سياق طبيعي لتبدّل وظيفة عمل جامعة الدول العربية في الدفاع عن الحقوق العربية، والحقوق الفلسطينية في المقدمة منها. وبالتالي إلى الهيمنة الغير مسبوقة لدول البترو دولار، السعودي الإماراتي القطري عليها، والتأثير في قراراتها. وكانت أخطر تجليات هذا التبدّل، مع بداية ما يسمّى بـ “الربيع العربي”، عندما دعت مجلس الأمن في آذار 2011، إلى فرض منطقة لحظر الطيران فوق ليبيا، في مواجهة أيّ عمل عسكري ضدّ الشعب الليبي. ومن ثمّ تعليق مشاركة سورية في اجتماعات مجلس الجامعة وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، اعتباراً من 16 تشرين الثاني 2011، وفرض عقوبات اقتصادية وسياسية عليها. وشروعها في آذار 2016 بوصم مقاومة حزب الله بالإرهاب، كرمى لعيون جوقة الدول الرجعية والكيان الصهيوني.

الحديث عن قرار الجامعة العربية، على أنّه قد شكّل سابقة خطيرة في رفضها تبني مشروع القرار الفلسطيني، وبالتالي مثّل خضوعاً مكشوفاً لأنظمة التطبيع، وطعنة في ظهر الشعب الفلسطيني، تسهيلاً وتقاطعاً مع “صفقة القرن” الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية وعناوينها، إنما يعكس رهاناً في غير مكانه وموقعه، عن دول يجمعها كلّ شيء ما عدا مواجهة ومقاومة الكيان ومشروعه الصهيوني، انتصاراً للحق العربي على أرض فلسطين.

إنّ التباكي على ما حمله البيان الختامي من خذلان، يعكس مدى السقوط المدوّي لجامعة تشبه كلّ شيء إلاّ أن تكون عربية، تعمل وفق مشيئة وإرادة الولايات المتحدة الأميركية، كحصان طروادة يعمل على المزيد من الانفتاح والتطبيع مع الكيان الصهيوني، وإقامة التحالفات معه، في تغييرٍ متعمّد لأولويات الصراع، لتصبح في مواجهة إيران وقوى المقاومة في المنطقة. ولكن في الوقت ذاته لا يستطيع أحد أن يُنكر أنّ الحالة الفلسطينية بالمعنى الرسمي، تتحمّل المسؤولية عن هذا التهافت العربي الرجعي، عندما وقعت على اتفاقات “أوسلو” عام 1993. لكنّ ذلك لا يُشكل مُبرّراً لتلك الأنظمة، التي ساهمت وعن عمد، في دفع القيادة الرسمية لمنظمة التحرير نحو هاوية التسوية السياسية المُذلة على حساب الحقوق والعناوين الوطنية لقضيتنا، أرضاً وشعباً ومقدسات.

- ما بعد اجتماع الأمناء العامين بحاجة إلى إرادة سياسية

بواقعية مُقدّرة، الشيخ صالح العاروري يؤكد وفي معرض سؤاله عن اجتماع الأمناء العامين ومرحلة ما بعد الاجتماع، ردّ بما حرفيته، أن لا ضمانة في التوصل لشيء، ولكن نحن سنبذل كلّ الجهود وبقية الفصائل بما فيها فتح من أجل التوافق وإنهاء الانقسام، لمواجهة التحديات وما يحيط بقضيتنا من مخاطر.

كلام نائب رئيس حركة حماس الشيخ صالح العاروري يستند إلى التجارب السابقة، وهو مُحقّ في ذلك، على اعتبار أنّ الخلاف يتمحور حولّ البرنامج السياسي الذي قاد إلى اتفاقات «أوسلو» وما حمله من تنازلات مسّت بشكل مباشر عناوين القضية بعد أن اعترفت المنظمة بالكيان و«حقه» بالوجود، والتنازل عن 78 بالمائة من أرضنا الفلسطينية.

ما تضمّنته الكلمات التي ألقاها الأمناء العامون وقبلهم السيد أبو مازن رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة، ما زالت تؤكد على أنّ الخلاف السياسي ما زال سيد المشهد، على الرغم من قناعتنا أنّ هذا الخلاف المتراكم منذ «أوسلو»، لن ينتهي من اجتماع أو اجتماعين أو أكثر. فكلمة السيد أبو مازن أكدت على التمسك بالمفاوضات، وبالمقاومة الشعبية السلمية، بينما الأستاذ اسماعيل هنية رئيس حركة حماس، قد أكّد على كلّ أشكال المقاومة بما فيها المسلحة، مسهباً في الحديث عن القدرات العسكرية لحركة حماس. ومضيفاً أنّ حركته حماس لن تعترف بالكيان، مطالباً الخروج من اتفاقات «أوسلو».

العناوين الخلافية ستبقى حاضرة في اللقاءات الجماعية أو الثنائية، ولازمة لا يستطيع أيٍّ من الأطراف، أو الطرفين تجاوزها، أو إسقاطها لصالح برنامج سياسي متوافق عليه، خصوصاً أنّ فصائل حماس والجهاد والقيادة العامة والشعبية والصاعقة وحتى الديمقراطية، ترى أنّ اتفاقات «أوسلو» يجب التخلص منها، بشقيها الأمني والاقتصادي، مع سحب الاعتراف بالكيان وحقه بالوجود، مع إعادة الاعتبار للمشروع الوطني، والإسراع في إعادة بناء المنظمة ومؤسساتها، ومدخلها تشكيل مجلس وطني جديد بمشاركة الكلّ الفلسطيني من دون استثناء أو إقصاء لأحد، طالما ننشد توحيد الساحة بهدف مواجهة تحديات «صفقة القرن»، وخطة الضمّ الصهيوأميركية.

السؤال عن مرحلة ما بعد اجتماع الأمناء العامين، سؤال محقّ وهو برسم جميع المشاركين في الاجتماع، وتحديداً حركتي حماس وفتح، اللتان تعكفان على وضع خارطة طريق لإنهاء الانقسام، ومن ثمّ ما تمّ الاتفاق عليه في ختام أعمال الاجتماع. مؤكدين أنّ النوايا وحدها لا تكفي، بل الإرادة السياسية للخروج من المأزق هو الأساس، ودون ذلك فنحن أمام انتاج تجربة فاشلة جديدة، تُضاف إلى شقيقاتها من التجارب السابقة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 47 / 2183544

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع رامز مصطفى   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2183544 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40