الخميس 18 أيلول (سبتمبر) 2014

وداعا دكتور أحمد نعيم.. السفير الذي مثّل بلاده

الخميس 18 أيلول (سبتمبر) 2014 par صالح عوض

سفير أندونيسيا الراحل الكبير الذي غادرنا أمس إلى الحياة الآخرة.. السفير الذي ملأ الفضاء حيوية وحبا وحرصا لعلاقة إستراتيجية بين الجزائر وبلاده اندونيسيا.. هو الرجل الذي مثل بلاده حق تمثيل، لأنه أدرك ان تمثيل بلاده يبدأ من إيمانه بالمهمة الملقاة على عاتقه في صنع المناخ المناسب لعلاقة نافعة وحقيقية في البلد المضيف..

لقد كان السفير الأندونيسي وهو أحد قيادات جمعية نهضة العلماء بأندونيسيا سفيرا للاقتصاد الأندونيسي والثقافة الأندونيسية والأمل الأندونيسي في الوصول إلى مصاف الدول المتقدمة..

كان كثير التنقل بين الجزائر وجاكرتا مرافقا لرجال الأعمال الجزائريين الذين فتح لهم السفارة الأندونيسية كما فتح لهم قلبه والأبواب المغلقة في جاكرتا معززا العلاقات بين الدولتين الجزائرية والأندونيسية والشعبين الشقيقين الأندونيسي والجزائري.. فلطالما عقد الندوات بمناسبة ثورة نوفمبر التحريرية وبمناسبة عيد الاستقلال الجزائري رابطا بين تاريخ اندونيسيا ويوم استقلالها بيوم استقلال الجزائر.. متحدثا بالعربية ومحبا لأهل الجزائر والعرب وفلسطين.

كنت يوما في زيارة للسفارة الأندونيسية وقت صلاة الظهر فسمعت صوت الآذان وعندما سألت، قالوا لي ان السفير يؤذن للصلاة وبعدها التحقنا به وهو قائم يصلي فصلينا خلفه وبعد الصلاة والأذكار انتظرته للسلام عليه فأخبرني صديقي الأندونيسي ان للسفير وردا يستغرق اكثر من نصف ساعة بعد كل صلاة.. تركت السفارة وأنا أقول هذا السفير يمثل بلاده حقا ويمثل شعبه حقا..

عندما نقرأ عن السفراء الأمريكان والانجليز والفرنسيين والألمان والروس وكل سفراء الدول التي تستثمر في هذا المجال وتعتبر ان السفراء كتيبة قتالية من نوع مميز وفي الخندق الأمامي وأنهم بمهمات استثنائية ينبغي عدم التهاون فيها.. كنا نسمع ونقرأ مغامراتهم الاقتصادية والأمنية والسياسية فندرك ان الدولة الغربية لم تخترع هذا الصنف من العمل لتنميق السياسة او تعظيم سمعتها إنما لتحقيق ضمانات استمرار وجودها ودورها.

وكان الحزن يأكل قلوبنا ونحن نرى كثيرا من سفراء بلادنا العربية لا همّ لهم إلا الحياة الوادعة المستقرة لاسيما إن كانت مهماتهم في بلدان حيوية.. ويفقد هؤلاء أهمية وجودهم عندما لا يكونوا طلائع فدائية بأسلحة ديبلوماسية، محققين النفع لبلدانهم وحسن العلاقة مع مضيفيهم، حيث يفترض بداية معرفتهم للبلد المضيف واحترامهم له ولتقاليده وسياسته وان يبحث عن المصالح المشتركة بين بلده والبلد المضيف..

وفي قصص السفراء ما يحزن وفيها ما يفرح لاسيما إن كانت القضية التي يمثلها السفير قضية وجود وحياة لشعبه انه حينذاك لابد ان يكون ناسكا في محراب قضيته.. فكلنا يتذكر سفراء لفلسطين كانوا أبطالا قضوا شهداء عندما اغتالتهم رصاصات الموساد الصهيوني وهم يؤدون مهماتهم النضالية بشرف وإباء مثل الهمشري وعز الدين قلق ونعيم خضر وأبوخليل وافي وسواهم كثير ممن لم يبدلوا تبديلا..

كما كان في تمثيليات جبهة التحرير الوطني الجزائري المنتشرين في كثير من بلدان العرب والعالم.. كانوا مقاتلين أشاوس دفاعا عن قضيتهم وعن شعبهم فكان لجهادهم العظيم أثر بالغ امحمد يزيد والأخضر الإبراهيمي وعبد الحميد مهري وعلي لونيسي وبوعلام أوصديق وأوعمران والشيخ الغسيري وسواهم من الرجال العظماء.

رحم الله سفير اندونيسيا الذي ترك أفضل الأثر في نفوس الجزائريين الذين التقاهم وتعاملوا معه.. رحم الله سفير اندونيسيا الذي خدم بلاده وكان سفيرا بحق لها وكم كان رائعا عندما كان يزور الشروق وهو يتحدث ويقول تكلموا بالعربية فإني أفهمها وعندما تحدث كان عمليا واقعيا، لكنه طموح، مؤكدا ان بلاده في طليعة الأمة مع فلسطين وشعبها.

اجل انه سكن القلوب وضرب أروع الأمثلة للسفير المحترم الذي مثل افضل ما في بلده واحترم البلد المضيف، احترم تاريخه وتقاليده وسياساته.. رحمك الله يا دكتور أحمد سليم نعيم والعزاء لأهلك ولزملائك في سفارة اندونيسيا ولجمعية نهضة العلماء وللشعب الأندونيسي العزيز وجزاك الله خيرا على جهودك لتعزيز التعاون والمحبة بين الجزائر واندونيسيا.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2183156

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2183156 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40