الأحد 14 شباط (فبراير) 2021

ما الذي جرى في لقاء الفصائل الفلسطينية في القاهرة؟

الأحد 14 شباط (فبراير) 2021 par د. ابراهيم أبراش

نظراً لتعدد القضايا الخلافية وصعوبتها والتي تراكمت على مدار 14 سنة من الانقسام بالإضافة إلى استمرار التدخلات الخارجية الضاغطة على طرفي المعادلة الفلسطينية الداخلية – حركتا فتح وحماس- فقد كان متوقعاً حوارات ماراثونية وصعبة بين الفصائل الفلسطينية في القاهرة تمتد لأيام، إلا أن جلسات الحوار بدأت يوم الاثنين 8 نوفمبر وانتهت ظُهر اليوم الموالي، بمعنى أنها لم تستغرق أكثر من ساعات، ليصدر بيان ختامي مقتضب، وإن كان أشار لبعض القضايا التي تم الاتفاق عليها كالحريات السياسية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين عند الطرفين ومحكمة خاصة بالانتخابات إلا أنه تجاهل القضايا الخلافية الكبرى.
ما جرى يعطي بعض الأمل بأن عجلة العملية الانتخابية تدور وأنه مع مرور الأيام يصبح تراجع حركتي فتح وحماس عن الالتزام بالعملية الانتخابية أكثر احراجاً، مع أن الفشل وارد في أية لحظة من المسار الانتخابي كما صرح صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في رده على سؤال عن نتائج الحوارات، كما أنه من الوارد انهيار كل شيء حتى بعد الانتخابات كما جرى بعد انتخابات يناير 2006 .
ولكن ولأن الشعب في هذه المرة أكثر اهتماماً نسبياً بما يجري تحت عنوان المصالحة والانتخابات من المرات السابقة ونظراً للانهيارات الكبرى داخلياً وفي الإقليم وخصوصاً مع التطبيع العربي، فإن الانحياز للتحليل التفاؤلي يصبح ضرورة، ومن هذا المنطلق يمكن تفسير السرعة في إتمام حوارات القاهرة بواحدة أو أكثر من الفرضيات التالية :
الأولى: إن حركتي فتح وحماس، وبتنسيق مع مصر ودول عربية معنية بالأمر وتلعب دور الوسيط مع الإدارة الأمريكية وإسرائيل، اتفقت مسبقاً وبطريقة سرية على جميع أو أغلب القضايا الخلافية وهذا ما لمح له السيد جبريل الرجوب رئيس وفد حركة فتح، واجتماع القاهرة كان إخراجاً لهذه التفاهمات بشكل يضفي عليها مظهر التوافق الوطني.
الثانية: إن ضغوطاً أمريكية وأوروبية وعربية كبيرة تم ممارستها على الحزبين الكبيرين لتذليل كل العقوبات لإنجاز الانتخابات في المواعيد المقررة تمهيداً لتحريك عملية السلام سواء من خلال مؤتمر دولي كما يطالب الرئيس أبو مازن أو عودة المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبالتالي لم يسمح الوقت ولم تسمح مصر للمتحاورين العودة لفتح كل الملفات الخلافية حتى لا تكون سبباً في فشل الحوارات وخصوصاً أن مصر احتضنت عشرات جلسات الحوار طوال عقد من الزمن وشاركت في بعضها دون التوصل لأي نتيجة إيجابية، لذا تم الاتفاق بين جميع الأطراف الفاعلة على سرعة إنهاء جلسات الحوار وإصدار البيان الختامي الذي يتضمن الأمور التي تم الاتفاق عليها و تأجيل بعض القضايا الخلافية للشهر القادم وأخرى إلى ما بعد الانتخابات.
الثالثة: يمكن تفسير ما جرى بأنه يندرج في سياق رؤية وطنية عقلانية لتفكيك قضايا الخلاف تدريجياً والحفاظ على حالة الانفراج في العلاقة بين فتح وحماس وحالة التفاؤل الشعبي وإن كان حذراً، ورمي الكرة في الملعب الإسرائيلي والأمريكي واختبار جديتهما تجاه العملية الانتخابية الفلسطينية.
بالرغم من أن التفاؤل الحذِر ما زال سيد الموقف وخصوصاً بعد رفض حركة الجهاد الإسلامي المشاركة في الانتخابات وعدم اتضاح موقف الجبهتين الشعبية والديمقراطية من المشاركة ، إلا أنه مع مرور كل يوم يصبح من المحرِج لأي من الحزبين الكبيرين التهرب من عملية الانتخابات ويصبح التحدي أمامهما هو كيف يضمنا نتائج مشرفة لهما في الانتخابات، وأعتقد أن التحدي الأكبر سيكون عند تشكيل الحكومة وكيفية تعاطي العالم الخارجي وخصوصاً الكيان الصهيوني معها.
وأخيراً ومع تمنياتنا بنجاح المصالحة الوطنية والمسار الانتخابي، إلا أنه من الواضح أن ما يجري لا يعبر عن إرادة وطنية خالصة بقدر ما هو استجابة للضغوط الخارجية ورغبة الحزبين الحاكمين في غزة والضفة، اللذان يحتكران السلطة والسلاح والمال وتحت تصرفهما فضائيات ووسائل إعلام متعددة، في تجديد شرعيتهما المتآكلة من خلال انتخابات، أي كان شكل هذه الانتخابات، وعليه يمكن تسمية هذه الانتخابات بانتخابات الضرورة، أو انتخابات خارج سياق الديمقراطية، وستتضح الأمور أكثر عند تشكيل القوائم الانتخابية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2184526

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع ابراهيم أبراش   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2184526 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40