السبت 4 كانون الثاني (يناير) 2020

أي حراك لبناني للعام الجديد؟

السبت 4 كانون الثاني (يناير) 2020 par د. عصام نعمان

مع استقالة حكومة سعد الحريري وتكليف حسان دياب بتأليف حكومة جديدة، انقسم الحراك الشعبي اللبناني إلى ثلاثة أقسام؛ الأول اعتبر استقالة الحريري انتصاراً وتعهد بعض من نشطائه بمواصلة الكفاح حتى نيل كل المطالب، والثاني اعتبر تكليف دياب استجابة لأحد مطالب الحراك، وأن الرجل يستحق إعطاءه فرصة للعمل والاختبار، والثالث رفض تكليف دياب واعتبره إجحافاً بالحريري؛ إذ جرى تطبيق شعار «كلّن يعني كلّن» بحقه وحده، في حين يقتضي إطاحة جميع الرؤساء.
من المنتظر أن تواصل أقسام الحراك الثلاثة أنشطتها على الأسس التي مر ذكرها، لاسيما القسم الثالث الذي يشكل أنصار الحريري قاعدته الشعبية. وإذا ما استمر هؤلاء في معارضة دياب حتى على الرغم من نجاحه في تشكيل حكومته، فمعنى ذلك أن الحريري سيكون نواة معارضة جديدة للرئيس ميشال عون وحلفائه. وقد يلجأ إلى إحياء تكتل 14 آذار القديم الصديق للغرب عموماً، والمعارض لسوريا وحلفائها خصوصاً.
أما أنصار القسمين الأول والثاني فسيراقبون أداء حكومة دياب المرتقبة، وفي ضوء إنجازاتها أو إخفاقاتها يحددون موقفهم منها.
القوى الوطنية الإصلاحية في لبنان ما زالت تنظر بعين الرضى إلى الحراك الشعبي وتنتظر من نشطائه وأنصاره المزيد من العمل والإنجاز، إلا أنها تشعر بأسى لما أصابه بعد استقالة الحريري وتكليف دياب بتأليف حكومة جديدة. فالانقسام الذي جزّأه إلى ثلاث جماعات أضعف نشاطه وأعطى أهل السلطة هامشاً من حرية المناورة، ما أدى إلى ترسيخ نفوذهم السياسي، لاسيما لجهة تركيبة الحكومة الجديدة.
ثمة ثغرات أخرى كانت، وما زالت، موجودة في البنية العامة للحراك، لعل أولاها وأوسعها، أنه مجموعة حراكات وليس حراكاً واحداً. إنه مجاميع من شبان وشابات بمشارب ثقافية وسياسية متعددة يجمعهم سخط عميق، متأجج على فشل أصحاب السلطة في جميع المجالات، ما يستدعي إجلاءهم عن مقاليد الحكم، وإلغاء تحكمهم في السلطة منذ أكثر من أربعين عاماً.
ثانيتها أن الحراك الشعبي أخفق في إقامة قيادة له أو مجرد لجنة تنسيق بين مختلف جماعاته وأنشطته، غير أن غياب وحدة القيادة جرى تعويضه بوحدة الهدف: إسقاط أهل السلطة. ما عدا ذلك كان ثمة تعدد، وأحياناً تناقض في مواقف جماعات الحراك حيال ما يقوم به أهل السلطة أو ما يُلوِّحون به من إصلاحات، ذلك كله أحدث بلبلة في حياة البلاد السياسية والاجتماعية وحال دون تحقيق مكاسب محسوسة للفقراء وذوي الدخل المحدود، والعاطلين عن العمل والمرضى والمحتاجين.
ثالثتها أن جماعات اليسار في معظمها، لم تنخرط تماماً في أنشطة الحراك الشعبي؛ بل ظلت على هامشه، وبعضها كان يحاول دائماً تنظيم أنشطة سياسية واجتماعية متمايزة عن أنشطة الحراك الرئيسية.
هل من مخرج من حال الحراك الحاضرة في مطلع العام الجديد؟
يُدلي كثير من المفكرين والعاملين الراديكاليين في الحقل العام بآراء متنوعة حول السبيل الأفضل لتفعيل الحراك الشعبي ومواصلة كفاحه المرير، يمكن تلخيصها في خطوط ثلاثة:
الخط الأول قوامه مجاميع من المثقفين والناشطين المستقلين ودعاة إعادة تفعيل الحراك، بحسب نهجه الأول الاستقلالي المثابر وغير المساوم.
الخط الثاني يجاري أهل الخط الأول في ضرورة إسقاط نظام المحاصصة الطائفية، لكنه يشترط لإنجاح تنحية أهل السلطة، ضرورة العمل على توحيد القوى الوطنية والاجتماعية الإصلاحية في جبهة عريضة وفاعلة، تقوم بنضال موصول بكل الوسائل والآليات المشروعة، وصولاً إلى إكراه أهل السلطة على القبول بقانون ديمقراطي للانتخابات على أسس الدائرة الوطنية الواحدة، والتمثيل النسبي وخفض سن الاقتراع إلى الثامنة عشرة، وتنفيذ المادة 22 من الدستور القاضية باعتماد مجلسين، الأول للنواب وطني لاطائفي، والثاني للشيوخ لتمثيل الطوائف، على أن يصار إلى إقراره في استفتاء شعبي.
الخط الثالث قوامه ذوو النيات الحسنة من المواطنين المطالبين بالتغيير والإصلاح، عبر المؤسسات الدستورية للنظام السياسي القائم، وذلك بالضغط الشعبي السلمي على أهل السلطة، ويتطلعون إلى قيام حكومة حسان دياب بإصلاحات محسوسة، ويعلّقون موقفهم منها على ما تقدمه من إنجازات، تحت طائلة معارضتها إذا أخفقت في ذلك.
هذه هي الواقعات والخيارات المطروحة. فأي حراك شعبي سيتجدد ويستعيد الشارع في العام الجديد؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 49 / 2183358

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عصام نعمان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

2183358 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 26


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40