الجمعة 8 آذار (مارس) 2019

قراءة بين سطور زيارة نتنياهو لموسكو

الجمعة 8 آذار (مارس) 2019 par بسام أبو شريف

برود روسي مقصود
وصيغة مغمغمة لخروج القوات الإيرانية من سورية
والحملة ضد “حزب الله” مقدمة للتصعيد

المتابعون بامعان لما يجري من اشتباكات كلامية بين القوى السياسية الاسرائيلية يدرك عمق القلق والأرق والارتباك ، الذي يسود كافة التنظيمات السياسية في اسرائيل لعدم وضوح الرؤية حول المستقبل ، وما سيحمله من تطورات سياسية وعسكرية ، ويزيد من مرارة القلق الاسرائيلي شعور كافة الأحزاب وتوقعاتها بأن تولد الانتخابات حالة من اللاوزن وفقدان القدرة على اتخاذ قرارات أساسية نتيجة عدم تمكن أي حزب من الحصول على أغلبية تمكنه من صنع القرار ، ولاشك أن التدقيق فيما يقال علنا أو يسرب من أسرار ” تسريب مقصود ” ، هو تغطية للتراجع ومحاولة لخداع الناخبين وكسب أصواتهم .
وسنأخذ مثالا واضحا للتدليل على ذلك ، لقد اختارت موسكو توقيتا ذا معنى لاستقبال نتنياهو الذي كان يلح في طلب هذا اللقاء ، اذ أن موسكو تعاملت ببرود مقصود مع هذا الطلب خاصة أن الرئيس بوتين اتخذ موقفا سلبيا من هذا اللقاء منذ أن ارتكبت اسرائيل خديعة اسقاط الطائرة الروسية فوق الأراضي السورية ، شعرت موسكو أن الوقت مناسب وذلك استنادا لمعرفتها الدقيقة بالأمر السائد في اسرائيل في هذه الفترة الانتخابية الحساسة ، فموسكو تعلم أن التوقيت كان مغريا لنتنياهو الذي أراد أن يعود بمكسب يستخدمه في استدراج الأصوات في الانتخابات وارادت موسكو أن تلجم اسرائيل لتحجم عن الاغارة من سماء لبنان والبحر المتوسط على أهداف سورية أو على الأرض السورية .
ومن الضروري أن نشيرهنا الى أن ماصرح به نتنياهو بعد عودته من موسكو لم يكن كذبا ، بل كان دقيقا لكن البعض لم يقرأ بامعان ما قاله نتنياهو ، فهو لايستطيع أن يدلي بتصريح يمكن أن تنفي موسكو مضمونه لقد قال بالحرف : ” اتفقت مع الرئيس بوتين على هدف هوخروج كافة القوات الأجنبية من سوريا ” ، لنقرأ سويا مرة اخرى ” اتفقت مع الرئيس بوتين على هدف ، هو خروج القوات الأجنبية من سوريا ” ، الهدف هو مايجب تحقيقه والعمل من أجله ، وخروج القوات الأجنبية يعني أن سوريا تقرر أنه لاحاجة لقوات أجنبية على أرضها لأنها حققت تحرير سوريا من الارهاب ، وتوصلت الى حل سياسي والتعبير خروج لايعني اخراج ، الخروج هو قرار ذاتي بملء الارادة والاخراج يكون بالاكراه ، وهذا يعني عدم استخدام القوة العسكرية لاخراج أي قوات أجنبية من سوريا ، والقوات الأجنبية التي حددتها روسيا هي القوات الموجودة على أرض سوريا دون طلب أو موافقة من الحكومة السورية .
اذ لايمكن أن يكون الرئيس بوتين قد بحث مع نتنياهو أمر وجود القوات الروسية على الأرض السورية …. مثلا ، وكانت روسيا قد أعلنت مرارا أن وجود القوات الايرانية والرديفة كحزب الله أمر منوط بالحكومة السورية وموافقتها ، وليس بأي جهة اخرى ، وهذا يعني أن الرئيس بوتين كرر الموقف واستند له لتحذير نتنياهو من استمرار شن الغارات على الأراضي السورية .
تصريح رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو يدل على فزعه ، ومحاولته تأويل أو تجيير أي تحرك لصالحه ، وصالح طمأنة الاسرائيليين الى موقف موسكو التي اهتزت علاقتها بتل أبيب منذ اسقاط الطائرة الروسية ، لكن لجم اسرائيل من قصف الأراضي السورية لايعني بالضرورة الا يخدع نتنياهو موسكو مرة اخرى تحت حجج مختلفة ، ومن الجدير بالذكر هنا أن نتنياهو ” الذي رافقه وفد يضم الاستخبارات العسكرية والمخابرات ” ، حمل معه خريطة تشير الى مواقع القوات الايرانية وحزب الله حسب معلومات تل أبيب ورصدها ، وذلك للتدليل على أن تلك المواقع أقيمت قرب مراكز عسكرية سورية ، كان ذلك من باب اقناع موسكو بأن تل أبيب لاتريد قصف المواقع السورية لكن قرب مواقع الحرس الثوريمن مواقع السوريين هو الذي يوحي بأن القصف استهدف مواقع سورية ، وقوبلت ملاحظات نتنياهو ومعلوماته بابتسامة … فتلك الخرائط شبيهة بالخرائط التي عرضها نتنياهو في الأمم المتحدة لمخازن صواريخ حزب الله في المدينة الرياضية !! ، وجرت عليه فضيحة الكذب أمام ممثلي العالم .
اذا لجمت اسرائيل عن قصف سوريا تكون خيارات نتنياهوفي المغامرات العسكرية قد ضاقت غزة وحزب الله لبنان ، والخياران يشكلان شوكة في حلق نتنياهو : فاتفاق غزة لوقف اطلاق النار وكسر الحصار اتفاق رعته وترعاه مصر ، ولهذا السبب قام وفد من مخابرات القاهرة بزيارة غزة أمس لافهام الاسرائيليين أنهم لم ينفذوا ما اتفق عليه ، وأن التصرف بالاغارة على مواقع حماس والمقاومة في غزة مناقض للاتفاق الذي رعته مصر ، لكن الاتفاق لن يمنع نتنياهو ورئيس أركانه الجديد من المغامرة العسكرية في غزة لتحقيق أهداف تساعده في الانتخابات ، ولن تمنعه من تحريك يوسي كوهين – مدير الموساد الجديد الذي اختاره نتنياهو لشن عمليات خاصة في قطاع غزة .
أما في لبنان فحسابات نتنياهو وضباطه أكثر تحفظا ، وما سلسلة البرامج التي بثتها قنوات اسرائيل التلفزيونية حول السيد حسن نصرالله الا من باب تذكير الذين يخططون بخطورة هذا الخيار !!!
اننا نقرأ بين سطور الاسرائيليين مبالغة مقصودة في تقدير قوة حزب الله ، لكن ذلك يأتي ضمن حملة شاملة على حزب الله تبدأ في واشنطن وتمر في اوروبا وتصل لدول عربية أظهرت بوضوح عداءها لحزب الله عندما أيدت موقف الصهيونية تيريزاماي ” التي تعتبر أي انتقاد لاسرائيل هو معاداة للسامية ، وخلقت أزمة لحزب العمال واتهمته باللاسامية لأنه أيد حقوق الفلسطينيين ” ، الحملة التي تقودها الولايات المتحدة وتشارك فيها دول عربية واوروبية لها في لبنان أصدقاء في مواقع رسمية وفي الحكومة مواقع أساسية هي الحاضنة لأي مغامرة عسكريةاسرائيلية ضد حزب الله قد تستخدم أسلحة محرمة دوليا .
الشعور بالقلق في اسرائيل شعور طاغ ، ووضع بنيامين نتنياهو متأرجح كليا والمعركة الداخلية أحالت اسرائيل الى نوع من ” الشلل ” ، لايفكر نتنياهو باخراجها منه سوى بانتصارات عسكرية بعمليات خاصة تحدث ضجة كبيرة !! ” ومنها الاغتيالات ” ، والتركيز على حزب الله هو التركيز على ضرب محور المقاومة الذي حقق انتصارات متتالية على مخططات الولايات المتحدة في المنطقة ، محور المقاومة الذي تخشى القيادة الاميركية من الخطر الذي يشكله على وجودها العسكري في العراق ” خاصة بعد سحب قواتها من سوريا للعراق ” ، وهذا الاحتمال سوف يؤثر على ما أعلنه ترامب من أن تقوية وجود واشنطن العسكري في العراق يستهدف ايران ، لقد بلغت توترات واشنطن من نجاحات حزب الله مستوى عاليا اضطرها لتكليف سفيرتها في بيروت ابلاغ رئيس وزراء لبنان سعد الحريري أن ” واشنطن قلقة من تزايد نفوذ حزب الله في الحكومة ” ، وهذا يعني أن هناك عمل تآمري كثيف يجري داخل لبنان ضد محور المقاومة ، وهذا يعني أن اسرائيل سوف تعتمد على هذا العامل الخطير في الساحة اللبنانية رغم الفشل الذي تكرر سابقا .
نستطيع القول بأن المعركة هذه قد بدأت بنقض التحالف السعودي لاتفاق ستوكهولم واللجوء لعمليات انزال مكثفة في بعض المحافظات اليمنية ، وهذه العمليات الخطيرة هي أولى نتائج زيارة الوزير البريطاني هنت الذي أهان اليمنيين بعودته الى عدن التي أخرج أبطال الجبهة القومية قواتها منها في العام 1968 ، الوزير هنت جاء ليعلن أن اتفاق السويد الذي فشلت اميركا في تحويله الى احتلال الحديدة وموانئ البحر الأحمر قد انتهى ” الفرصة الأخيرة كما سماها ” ، انه نفس التصرف في فنزويلا .
ان سياسة ترامب هي سياسة محاولة احياء الاستعمار بشكله القديم ، وما تعيين بولتون ” المسؤول عن مجازر ارتكبت ضد الشعوب ” ، واليوت ابرامز الا دليل على أن ترامب قد سلم ملف المغامرات العسكريةالدموية لرجلين معروفين بدمويتهما وعنصريتهما وصهيونيتهما .
بولتون زار الشرق الأوسط ، ونتج عن ذلك ابقاء القوات الاميركية في سوريا ، ومنع اللاجئين السوريين في مخيم الرقبان من العودة لديارهم ، لكنه بعد توجهه الى فنزويلا وما خطط لها ولكوبا ولنيكاراغوا أرسل ترامب كوشنر العراب الحقيقي لصفقة القرن ليبحث مع شريكه محمد بن سلمان ونتنياهو واردوغان الخطط التي رسمت للهجوم القادم .
والسؤال الذي يطرح دائما هو : اذا كان هذا هو مايخطط له العدو ، فلماذا لانغير المواقع لنجعل العدو يلهث وراء مانخطط له نحن ، ومانقوم به .
ان حالة الاشتباك مع العدو وتصعيدها هي الوسيلة التي تحقق هدفين معا : الهدف الأول مقاومة العدو وابقائه في موقع الدفاع ، والهدف الثاني ردع الأفاعي التي أطلت من جحورها رافعة يافطة التطبيع .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 53 / 2184554

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع بسام أبو شريف   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2184554 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 3


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40