الجمعة 4 كانون الثاني (يناير) 2019

انشاقاقات أحزاب تعزز موقع نتنياهو

الجمعة 4 كانون الثاني (يناير) 2019 par د. فايز رشيد

على أبواب الانتخابات الإسرائيلية ـ كما في كل انتخابات ـ تتزايد انشقاقات الأحزاب من داخلها وبعضها عن بعض, كما إنشاء أحزاب جديدة وائتلافات بعضها مع بعض. لقد صادقت اللجنة الإدارية في الكنيست الإسرائيلي مؤخرا على طلب مفاجئ من زعيمي تحالف أحزاب المستوطنين “البيت اليهودي” بزعامة وزير التعليم العنصري نفتالي بينيت ووزيرة القضاء العنصرية أييليت شكيد, للانشقاق عن الكتلة البرلمانية الحاكمة, وتشكيل حزب جديد أطلقا عليه اسم “اليمين الجديد”. وكما يبدو فإن الهدف من الانشقاق هو لجم تمدد حزب الليكود, في أوساط اليمين الإسرائيلي. في المقابل فإن بنيامين نتنياهو يحاول مجددا خفض نسبة الحسم في الانتخابات بهدف تفتيت الكتل البرلمانية, ليبقى زعيم الكتلة الأكبر من دون منافس. معروف أن تحالف أحزاب ما يسمى بـ”البيت اليهودي” الذي خاض انتخابات العامين 2013 و2015م هو ائتلاف من ثلاثة أحزاب تنتشر أساسا بين جمهور المستوطنين, وبشكل خاص لدى المتدينين الصهاينة. واثنان من هذه الأحزاب متحالفان أصلا في حزب “هئيحود هليئومي” (الوحدة القومية), والثالث هو حزب “المفدال” الديني الصهيوني, وهو الحزب التاريخي في دولة الكيان. وقد حصل هذا التحالف في انتخابات عام 2013 على 12 مقعدا, وتراجع في انتخابات عام 2015 إلى 8 مقاعد, وكانت تلك خسارة مقابل تمدد حزب الليكود أكثر بين المستوطنين الصهاينة في دولة الكيان.
لقد جاء هذا الانشقاق مفاجئا, ولم تظهر له أي مؤشرات من قبل, خصوصا وأن المنشقيْن يقودان التحالف من دون منازع. وتشير كتابات وتعليقات الصحافة الإسرائيلية إلى أن هذا الانشقاق يهدف (كما ذكرنا) إلى لجم تمدد حزب الليكود في أوساط اليمين الإسرائيلي المتطرف والأكثر تطرفا, فتحالف “البيت اليهودي” يطغى عليه طابع التيار الديني الصهيوني. مرد ذلك يعود إلى استفحال التشدد الديني لدى هذا الشارع, ما يجعل مصوتين كثيرين يتجهون إلى أحزاب يمينية أكثر يمينية وتطرفا وتشددا من خلال التجربة العملية لها, في سن القوانين العنصرية, والمزيد من التنكر لحقوق الفلسطينيين, والتمهيد لأن تمتد دولة إسرائيل على أرض فلسطين التاريخية، بالإضافة إلى هضبة الجولان العربية السورية, وأول هذه الأحزاب التي تهيئ هذه الظروف وبالتجربة هو حزب الليكود. يهدف المنشقون إلى طرح إطار سياسي جديد قادر على أن يجذب جمهورا أوسع من أوساط اليمين المتشدد. وقد أظهرت نتائج انتخابات العام 2015, أن حزب الليكود بدأ يتمدد أكثر من ذي قبل في المستوطنات, وحتى لدى الجمهور الديني الصهيوني, ما ساهم أكثر في تراجع قوة أحزاب تجمع “البيت اليهودي” الذي خسر ثلث مقاعده التي حصل عليها في انتخابات 2013, في انتخابات عام 2015.
وفي المقابل, ظهرت أنباء تتحدث عن أن بنيامين نتنياهو سيحاول عقد جلسة استثنائية للكنيست, في فترة الإجازة الحالية, لسنّ قانون يخفّض فيه نسبة الحسم للدخول إلى البرلمان من 3,25% حاليا (والتي وضعت أساسا من اجل منع دخول الأحزاب العربية إلى الكنيست, فالتف عليها شعبنا في منطقة 48 بتشكيل ائتلاف لكل الأحزاب العربية تحت اسم “القائمة العربية المشتركة”). نتنياهو يحاول الآن تخفيض نسبة الحسم لدخول الحزب إلى الكنيست إلى 2,5% أو أقل, ما يفسح المجال أمام أحزاب صغيرة, لتتمثل فيها, كما أن نسبة كهذه من شأنها أن تفتت تحالفات قائمة. والهدف الأساسي لدى نتنياهو هو أن يكون زعيما للكتلة الأكبر التي تتوقع لها الاستطلاعات أن تبقي على قوتها 30 مقعدا, مقابل كتل برلمانية صغيرة, أكبرها قد تصل إلى 14 مقعدا, وهذا ما يمنح نتنياهو سيطرة أكبر على الحكومة التي من المتوقع أن يشكلها بعد الانتخابات المقبلة. وأن لا تكون في حكومته كتلة كبيرة قادرة على تهديد الائتلاف المتوقع تشكيله لتسلم الحكم. فحسب ما هو متعارف عليه, فإنه حينما يكون الكنيست في عطلة للانتخابات, لا تجتمع خلالها الهيئة العامة إلا لتمرير قوانين أو قرارات متفق عليها بين الائتلاف والمعارضة, وبما أنه توجد معارضة واسعة لخفض نسبة الحسم فإن محاولة نتنياهو قد تفشل. لكن ذلك لن يؤثر لا على نتنياهو ولا الليكود, لأن كل الاستطلاعات تشير إلى أن الائتلاف الحاكم الحالي سيعزز قوته ببضعة مقاعد قليلة, ما يجعله ثابتا أكثر, في ما لو اتجه نتنياهو إلى ذات التركيبة.
من ناحية أخرى, فإن الأحزاب الجديدة التي ظهرت في الآونة الأخيرة قد تحصل على مقاعدها المفترضة من كتل المعارضة الحالية, وبالذات من تحالف “المعسكر الصهيوني”, الذي يضم حزب “العمل” التاريخي, وحزب “الحركة” بزعامة النائبة تسيبي ليفني, الذي سيهبط حسب الاستطلاعات, من 24 مقعدا حاليا إلى ما دون 14 مقعدا.
وحاليا, وفقا لتصورات نتنياهو, سيرتكز في تشكيلة حكومته المقبلة على الشركاء الحاليين: كتلتي المتدينين المتزمتين, وأحزاب المستوطنين, وحزب “كولانو” بزعامة وزير المالية موشيه كحلون, الذي من المتوقع أن يهبط تمثيله من 10 مقاعد اليوم إلى 6 مقاعد. كما حزب “يسرائيل بيتينو” بزعامة أفيجدور ليبرمان. ولكن هذا لا يغلق الباب في وجه كتل جديدة قد تدخل البرلمان, أو أمام من جلس في المعارضة في الولاية المنتهية. مثل نجم الانتخابات المقبلة رئيس أركان جيش الاحتلال السابق بيني جانتس, الذي تتوقع له الاستطلاعات حاليا حصوله على 13 – 16 مقعدا. والصورة الأوضح للمشهد الانتخابي الإسرائيلي ستكون لدى تقديم القوائم الانتخابية للجنة الانتخابات المركزية، في نهايات شهر شباط/فبراير من العام الحالي 2019.
ولكن التحدي الأكبر الذي قد يواجه نتنياهو, هو صدور قرار من المستشار القضائي للحكومة آفيحاي مندلبليت بشأن تقديم لوائح اتهام ضده في قضايا الفساد, بموجب توصيات الشرطة وجهاز النيابة. وحتى الآن يتم التداول في احتمالين: الأول: أن يقرر المستشار تأجيل صدور قراره النهائي إلى ما بعد الانتخابات. والثاني: أن يصدر قراره في الأسابيع المقبلة, وفي حال أعلن عن قبول التوصيات بمحاكمة نتنياهو, فإن هذا سيعيد ترتيب المشهد الحزبي (مع استبعاده), هذا رغم أن كل استطلاعات الرأي حتى الآن, توحي بأن الشارع الإسرائيلي لن يتأثر من قضايا الفساد التي تلاحق رئيس حكومته. في كل الأحوال سنكون أمام مشهد إسرائيلي أكثر تشددا في إنشاء دولة إسرائيل على عموم الأرض الفلسطينية، بالإضافة إلى هضبة الجولان, كما المزيد من التنكر التنكر للحقوق الفلسطينية, فلينس البعض الفلسطيني مراهنته على انتزاع دولة فلسطينية من خلال المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية القادمة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 142 / 2183589

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2183589 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40