عندما نقرأ صفحة قلب الرئيس الروسي بوتين، ينفتح لنا عالم من الروسية المتوقدة .. فهو من أجل روسيا يدعو قادة العالم لمناقشة الإرهاب، ولفتح ملفات ذات خصوصية. ومن أجل روسيا التي كشفت له عن مفاتن عظمتها، بدأ قلبه الشيوعي يتوافق مع حلمه القيصري .. وليس بين الشيوعية والقيصرية الآن أي حلم خارج دائرة المصلحة الروسية.
تشغلنا روسيا لأنها كانت شغلنا الشاغل إبان قوى التحرر العالمي والقيادات التي سطعت نجومها في أكثر القارات حتى كوبا. كنا نتطلع إليها باحترام شديد ونؤمن بأنها الأقرب إلى أمانينا، وأن عمرنا العربي مرهون على مساعداتها وما تقدمه، ويوم نصرتنا في أكثر المواقع وخصوصا في بناء السد العالي، أشبعنا صداقة، بل أخوة أكثر من بعض العرب الذين عذبوا وجداننا في تلك الأيام مثلما يعذبونه اليوم.
ويبدو أن روسيا ستظل تشغلنا، فلا نحن نخرج من عمق فهمها لنا ولها عندنا، ولا هي كذلك، إذن نحن وإياها في مسيرة الربح والخسارة، ومعها سيظل موعد مضروب لا نهاية لتوقيته، ولسوف نجده كلما تأملنا الحاجة إليها، فتكون هي بالمقابل جاهزة لحاجتها إلى حالها.
وعندما يكون هنالك رئيس روسي ما زال قلبه الشيوعي ينبض، وتراثه الروسي كل الانحياز لها، تصير العلاقة مع سوريا أولا في مقام العلاقة مع الذات الروسية .. ماذا تريد دمشق تريده روسيا، وماذا يؤمن للعاصمة السورية تراه موسكو يؤمنها، وينبغي في هذا المقام أن تكون الكتابة غزلا بالرئيس بوتين، وماذا يعيب إن كانت كذلك، وهو من يلعب دور مانع الشياطين عن الاستئثار بذبح سوريا.
ومن يقدم لسوريا سدا مانعا للإرهاب، يسعد السوريين والمغرمين بها، يكون قدرنا في أن نتمسك به .. احتاجته سوريا خلال السنوات الأربع ووجدته. يظل القائد الروسي كبوتين بنكهته العربية قريب الصلة بنا نحن أبناء العروبة، وهو من عرف تاريخا مميزا مع سوريا، ومثله مع مصر باستثناء الظلام الساداتي الذي هز عظام القيصر الأول يوم قال للسوفييت: اخرجوا من مصر.
من الواضح أن بوتين عاد يجمع العرب إليه، فلديه الثقة بروسيا أنها مقبلة على اتخاذ قرارات ليس غيرها ما تلعبه .. فهل وضع الأميركي على عاتقها الملف السوري بشكله الكامل كي يريد انسحابا مشرفا منه، مع أنه يبقي أدواته يلعبون أدوارهم إلى أن يقول لهم كلمة السر فينكفئون..؟
نحن أمام تاريخ روسي يقدم فيه الرئيس الروسي الحالي ما يفترض إفهامه لمن يهمهم الأمر، مع أنه لا يترك مناسبة إلا وقالها للمعني مباشرة، الأميركي. وأفضل الطرق في السياسة أن تقولها مباشرة لا مواربة، لأن بعض السياسة العربية تفعل عكس ما تخبئ، وتضمر عكس ما تعلن.
نحن إذن في عصر رئيس عقله قيصري وقلبه شيوعي كما قلت مرة، وهي صفة محببة إلى من يهتم بالثوابت، فتراث روسيا إذا ما أضيف إلى تاريخها السوفييتي إلى حاضرها المنفتح، عامل صدق يهمنا التمسك بأهدابه.
السبت 29 آب (أغسطس) 2015
قيصر بقلب شيوعي
السبت 29 آب (أغسطس) 2015
par
زهير ماجد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
34 /
2189838
ar أقسام منوعات الكلمة الحرة كتّاب إلى الموقف زهير ماجد ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
17 من الزوار الآن
2189838 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 17