الخميس 4 كانون الأول (ديسمبر) 2014

رسالة “للرئيس.”. أعرف مسبقا.. أنه لن يرد عليها

الخميس 4 كانون الأول (ديسمبر) 2014 par د. فايز رشيد

سيادة الرئيس محمود عباس.. رئيس السلطة الفلسطينية: أدنت عملية القدس البطولية الأخيرة التي نفّذها الشهيدان، غسان وعدي (أبوجمل)، الرئيس صاغ مساعدوك الإدانة بشكل ساوى فيه بين العملية الفلسطينية، التي تعتبر حقا مشروعا للدفاع عن النفس والأرض المحتلة، وبين عدوان المستوطنين وجريمة الإرهابي باروخ غولدشتاين مقترف مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل عام 1994. من خلال القول: إن الرئيس عباس يدين عملية القدس كما يدين الاقتحامات الإسرائيلية للقدس والأقصى، إدانتك مفهومة لو جاءت من رئيس حكومة دولة إسكندنافية، أو دولة أخرى محايدة في النظرة للصراع الفلسطيني العربي – الصهيوني، غير أنها ليست مقبولة، بل مدانة، كونها جاءت من رئيس مفترض أنه فلسطيني وزعيم للفلسطينيين.
تدرك يا أبا مازن، أن جنديا صهيونيا قادرا على إيقاف موكبك الرئاسي وحجز سيارتك، وتفتيشك بدنيا، وقادر على إعادة سيارتك من حيث أتيت، وقادر في الأخير على اعتقالك ووضعك مقيد اليدين والقدمين في السيارة الخاصة بنقل المعتقلين.
تدرك أيها الرئيس أن قوات الاحتلال الصهيونية تدخل عاصمة السلطة رام الله لتعتقل من تعتقل، وتغتال من تغتال، وتهدم ما تريد من البيوت على مرأى ومسمع من أجهزة السلطة الأمنية المتعددة، التي أنشأتها دون تدخل من هذه الأجهزة الأخيرة...التي درّبت واشنطن قادتها وأفرادها. وفقط على قمع الفلسطينيين! رغم كل ذلك، تدين أيها الرئيس العملية البطولية لمناضلين من أبناء شعبك، عذبا طويلا في السجون الصهيونية، ومكثا طويلا فيها، احتل العدو منزليهما ومدينتهما وأراضيهما ووطنهما واتخذ نتنياهو قرارا بهدم منزلي أهليهما، والمستوطنون وقطعانهم يمارسون اقتحامات يومية لمدينتهما وللأقصى، وقوات الاحتلال تنكل بأهليهما وشعبهما، وتقتل بدم بارد أصدقاءهما وأبناء وطنهما.
أتطرّق إلى أسماعك ماذا فعلت قوات الاحتلال بأهليهما بعد العملية؟ ألم تر مقطعا مصورا للطريقة الهمجية لاقتحام قوات الاحتلال للمنزلين وما عاثته من فساد فيهما؟ ألم تشاهد اعتقال 12 فردا من عائلتيهما وذويهما؟ ألم تفكر قبل إدانتك لبطولتهما، بأنهما استشهدا عن سابق إصرار وقناعة بالمقاومة (وليس يأسا) كونها الطريقة الوحيدة التي يفهمها هذا العدو النازي الفاشي المرتكب الدائم للمجازر؟ ألم تفكر في أن كلا منهما ذهب إلى العملية وهو يدرك أن هذا الفعل البطولي سيكون الأخير له في الحياة الدنيا، وأنه سيتشهد؟ ألم يخطر على بالك ما فكر فيه كل منهما في طريقه إلى الاستشهاد الحتمي: الأم، الزوجة والأبناء إن وجدوا، حب الحياة، الطموحات، الأحلام الشخصية، تحرير الوطن؟ ومع ذلك ذهبا غير نادمين فداءا للوطن ومن أجل رد الاعتبار للكرامة العربية الفلسطينية (بما فيها كرامتك) المنتهكة على أيدي وجرائم وموبقات ومذابح قوات الاحتلال في كل ثانية وساعة؟
السؤال الأخير الذي نتوجه به إليك: ألم تفكر قبل إدانتك للعملية بأن معهد “هارنوف” الديني المتطرف الذي يربي الفاشيين المتطرفين أمثال: مائير كاهانا، رحبعام زئيفي، عوفوديا يوسف، نفتالي بينيت، أفيغدور ليبرمان، بنيامين نتنياهو وغيرهم من الحاقدين... على كل ما هو إنساني، وكل من هو غير يهودي. والذين يؤمنون “بأن العربي ليس أكثر من عبد لليهودي، وأن العربي الجيد هو العربي المقتول”... ألم تفكر للحظة أن هذا المعهد مقام على أرض قرية دير ياسين الفلسطينية العربية الكنعانية، التي ارتكبت عصابات القتل الصهيونية مذبحة مروعة بحق أهلها ومسحتها نهائيا عن الخارطة؟ نحب أن نقول لسيادتك: إن سامحت بحقك في مدينتك صفد، فإن عشرات الآلاف من أهلها ما زالوا يتمسكون بحقوقهم ويصرون على العودة لها، ونقول: إذا كنت قد نسيت مذبحة دير ياسين وأنت الحائز على درجة الدكتوراة في “الحركة الصهيونية” من أحد معاهد موسكو المتخصصة، فسنذكّرك ببعض منها:
دير ياسين قرية من قرانا الفلسطينية الوادعة.. أهلها طيبون وبسطاء بساطة أرضنا وسهول ساحلنا معطاءون مثل كل بيادر قمحنا تقع القرية غربي مدينة القدس وعلى مسافة قصيرة منها. وقعت المجزرة في الساعة التالثة من فجر التاسع من أبريل عام 1948. عندما اجتاح إرهابيو عصابتي “شتيرن” و“الأرغون” الصهيونيتين. مثل داء الكوليرا الرهيب كانوا مثل طاعون قاتل... بربريين... يقتحمون أرضا غنّاء! أهل دير ياسين طيبون مثل كل أهل ريفنا الفلسطيني العربي الأصيل، وثقوا بالاتفاقية التي كانوا قد وقّعوها قبل أسبوعين فقط من تاريخ المجزرة! كان زعماء المستوطنات اليهودية المجاورة للقرية قد أعدوا مذكرة “حسن جوار” بين المستوطنات والقرى الفلسطينية المجاورة، تنص على “السلام” بين الطرفين وعدم الاعتداء! وقعها زعماء القرية ومخاتيرها بكل صدق ووفاء وطيبة، اجتاح الغازون الهمجيون من الانكشاريين البرابرة بيوت القرية بعد مقاومة بسيطة من بعض أهلها، ممن امتلكوا بنادق صدئة من مخلفات الحرب العالمية الثانية وتمكنوا من قتل أربعة من المهاجمين، بنادق اشتروها بعد بيع ذهب زوجاتهم، استشهد الأربعة الذين حملوا البنادق. بدأت العصابات... القتل، أطلقت الرصاص على الجميع.. كان من بين الضحايا نساء كثيرات، شيوخ من كبار السن وأطفال أطلق عليهم الرصاص...نياما، الحصيلة 366 ضحية من الفلسطينيين الأبرياء المعتدى عليهم وعلى أراضيهم ووطنهم.
غادرت العصابات القرية وقد ارتوت جزئيا من دماء أهلنا فهم متعطشون ونهمون.. وما زالوا لدمائنا... أشبعوا بعضا من شهيتهم للّحم الفلسطيني بدلا من عبق رائحة البن في أجواء القرية... انتشرت رائحة المذبحة والدماء والجريمة الهمجية. في الصباح.. سار من بقي حيا من أهالي القرية بمساعدة أهالي القرى المجاورة في تشييع جثامين الشهداء، هذا هو العدو الصهيوني... وهذه هي إسرائيل! نود إهداء ما سبق... للرئيس (المناضل) محمود عباس. ونتوجه إليك بالسؤال الأخير: ألم تدرك كل ذلك يا سيادة الرئيس؟ وأصررت على الإدانة؟!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 59 / 2182960

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2182960 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40