السبت 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019

كيف لنا أن لا نفكر بالقرود.. وقد وصلوا إلى الحدود؟

السبت 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 par كمال خلف

يحكى أن رجلا يعالج وجع الأسنان بالرقية، فيقرأ على المريض المتأملم بعض الكلمات ثم يقول له إذهب ستشفى غدا ولكن بشرط أن لا تفكر الليلة بالقرود. لكن المريض يعود في اليوم التالي وقد اعياه الألم، فيقول للرجل لم اشف كما وعدتني فيرد عليه الراقي بالقول اكيد انك فكرت أمس بالقرود فيجيب المريض نعم فكرت.. فيقول الرجل افسدت الرقيه الم أقل لك لا تفكر بالقرود.
تذكرت هذه القصة وانا اتابع رد حركة حماس على المنددين ببناء مشفى ميداني أمريكي بتمويل قطري قرب معبر بيت حانون على حدود قطاع غزة. وسيعمل المستشفى المقرر إنشاؤه على مساحة 40 دونماً هناك بمحاذاة السياج حيث ينتشر جنود الاحتلال.
المتحدث باسم حركة حماس قال أن إنشاء المستشفى الميداني الجديد جزء من التفاهمات بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي برعاية الامم المتحدة ومصر، وان المستشفى الميداني يتبع لجهات خيرية إنسانية باتفاق مع كافة الفصائل الفلسطينية. وإنه سيساهم في التخفيف من الأزمة الصحية، التي يعيشها قطاع غزة.
وزارة الداخلية في قطاع غزة وضحت أن المشفى “يهدف إلى تقديم خدمات طبية للمواطنين وتقوم عليه مؤسسة أمريكية غير حكومية” إذا لا داع للنقد والقلق.
في هذا الإطار تضع حركة حماس إقامة المشفى في إطار إنجاز من إنجازات صمود المقاومة وحاجة إنسانية لأهلنا في القطاع، وهي تنصحنا وفق ذلك ان لا نفكر بالقرود وهي نصيحة مستحيلة التطبيق تماما كما في قصة مرضى الاسنان و الرجل المعالج بالرقية.
ولكن كيف لنا أن نبعد القرود عن اذهاننا ونحن قبل يومين فقط كنا نستمع لوزير الخارجية الأمريكية “مايك بومبيو” يعترف بشرعية المستوطنات تمهيدا لقرار إسرائيل ضم أجزاء من الضفة. كيف نسقط التفكير بالقرود من هواجسنا وقد قطعت الإدارة الأمريكية الدعم المالي عن وكالة غوث وتشغيل الاجئين الفلسطينين، وقبل ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن وعقد ورشة المنامة لتصفية القضية الفلسطينية وطرح أفكار بهلوانية مثل السلام الاقتصادي و السلام مقابل المال. بعد كل هذا تأتي لبناء مشفى في قطاع غزة من أجل صحة وسلامة الفلسطينيين. من يصدق؟
غازي الصوراني عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أكد في منشور على صفحته في فيسبوك أن الجبهة ترفض وتدين وتستهجن إقامة ما يسمى المستشفى الميداني الأمريكي على أراضي شمال قطاع غزّة و ان هذا المستشفى شبهة أمنية، وإن جاء بلباس إنساني زائف وموهوم.
وليد العوض عضو المكتب السياسي لحزب الشعب اكد ان المستشفى الأمريكي، لم يأت بموافقة الفصائل الفلسطينية، وأنه لم يطرح أمامنا نهائياً، وأنه ليس جزءاً من تفاهمات التهدئة”.وهذه المواقف تبدو محيرة لجهة قول المتحدث باسم حماس أن بناء المشفى في إطار تفاهم الفصائل. في الحقيقة لا ينظر سكان القطاع وحسب متابعة المنشورات على” السوشل ميديا ” بعين الاطمئنان لهذه الخطوة. هم بلاشك بأمس الحاجة إلى الرعاية الصحية و المشافي والدواء، لكن تأمين ذلك يأتي من خلال رفع الحصار وكف يد العدوان الإسرائيلية عن تدمير البنى التحتية واستهداف المدنيين، وليس تفكيك مشفى ميداني من سوريا يعمل تحت سقف التدخلات الأمريكية والاحتلال الأمريكي لجزء من دولة عربية، ثم نقله إلى غزة بالقرب من جنود الاحتلال بذريعة العمل الإنساني وحاجة الناس للعلاج، وفي نهاية المطاف يقال لنا اذهبوا وناموا ولا تفكروا بالقرد.
ثم إن تجربة أهلنا في قطاع غزة مع مثل هذه المبادرات التي ترتدي الزي الإنساني غير مشجعة على الإطلاق، وهناك أمثلة على استعمال هذا الجانب الإنساني لصالح عمليات تجسس وسابقا تم إغلاق العديد من مكاتب المنظمات الإنسانية بسبب ثبوت تورطها في أعمال وأهداف سياسية وأمنية بستار العمل الإنساني. فكيف إذا جاءت المبادرة من الولايات المتحدة في زمن ترامب وكوشنير وطقس ورشة المنامة وشبح صفقة القرن، لعمري إن القرود لن تفارق أذهاننا أمام خبر انشاء مشفى أمريكي في غزة أو حتى انشاء قن للدجاج ولو صدر توضيح كل ساعة.
ما يخطط لغزة وفصائلها ومقاومتها كبير وخطير، وهو ضمن مخطط يجري تنفيذه بشكل حثيث لمجمل القضية الفلسطينية، وعلى حركة حماس تحديدا أن تحذر من الأصدقاء قبل الخصوم، وأن تحسب خطواتها ومواقفها بشكل جيد وحذر حتى لا تقع في فخ الوعود، وحبائل السياسية، وتضيع في دهاليز الإغراءات، فعندما تفقد القوة والسلاح، والقدرة على الردع لن يرن هاتفك، ليزورك وسيط أو يتحدث معك مبعوث، والتجارب ماثلة أمامنا. لذلك يجب منع عمل هذا المشفى أو مقاطعته كليا من قبل أهلنا في غزة لأنه مشبوه، ويحب كسر قرار وقف مسيرات العودة، و العودة إلى التظاهر أمام السياج الفاصل، وإطلاق فعليات ليس فقط في غزة بل بالضفة والقدس والأرض المحتلة عام 48 والشتات، رفضا لخطوات الإدارة الأمريكية و أعوانها من أبناء جلدتنا في تمزيق قضيتنا بهذا الشكل الإجرامي والوقح.
قضيتنا ليست قضية مساعدات أو إغاثة، أو مشفى أمريكي أو شنط أموال، نحن لنا وطن يجب أن يرحل عنه الغزاة كما تقضي شرعة الحياة والأمم.
كاتب واعلامي فلسطيني



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 33 / 2184604

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع كمال خلف   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2184604 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 2


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40