منذ تنصيب حكومة بنيامين نتنياهو، وعرض وزير القضاء، ياريف ليفين، مطلع العام الجاري، بنود مخطّط «الإصلاح القضائي»، واندلاع الاحتجاجات غير المسبوقة على إثره، ينأى فلسطينيّو الـ48 بأنفسهم عن الانقسام العمودي الإسرائيلي، على الرغم من أن المخطّط المشار إليه من شأنه تعميق حالة العنصرية والاضطهاد القائمَين ضدّهم. ولعلّ السبب في ذلك يكمن في خلفيات الاحتجاج نفسها، وفي طبيعة المجموعات المشاركة فيه.
لن نفرد اليوم سطوراً لتعريف ما جرى منذ الفاتح من تشرين أول هذا العام على أرض فلسطين ولا يزال يجري، ولن ندخل في استهلاك وقت القارئ في تحديد المصطلح الأنسب لما هو قائم منذ هذا التاريخ ولا زالت فصوله تتوالى، ليعرّفها من أراد انتفاضة، ومن أراد هبة، ومن شاء وثبة، ومن رغب غضبة، ومواد اللغة العربية طيّعة لاشتقاق التوصيفات على أنواعها
لن نغوص عميقاً للبحث في تاريخ الإخوان المسلمين، ومشاريعهم والأجندات التي يعملون على تطبيقها في المنطقة، فالأمر ومع بداية ما يسمّى الربيع العربي، بات واضحاً ومفهوماً للجميع، لكن ومع الحديث عن الإسلام السياسي بطابعه العصري، يتبادر إلى أذهاننا وبشكل مباشر، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
قال الفيلسوف الألماني فريدريش هيجل: “تعلمنا من التاريخ أن لا أحد يتعلم من التاريخ”. وفي هذه البقعة الجغرافية المنكوبة بأنظمتها وحكامها، ربما يمكننا الإضافة إليها، بغير شبهة تجنٍّ، أن البعض يتوهم أنه يستطيع أو يملك القدرة على معاندة التاريخ وقهر الطبيعة الإنسانية، ولا تزيده معرفة أخبار مئات الحكام قبله أنه –مثلهم- ليس سوى غبي جديد مغتر بغبائه.
لم تعد المرتبة الأولى في سلم الأولويات الخاصة بالتساؤلات المطروحة تتعلق بتصعيد محتمل تهندس واشنطن طريقة إخراجه لإشعال النار في منطقة الجزيرة السورية، بل السؤال الأهم اليوم: متى يُقْدَحُ الزناد لإشعال النار؟ وكيف؟ وإلى أين يمكن أن تمتد ألسنة اللهب؟