السودان [ تطبيع غب الطلب ] !

بيد ان مصر العربية كانت أول دولة عربية توّقع اتفاق سلام مع إسرائيل في عام 1979 ، لتلحق بركبها الأردن كثانِ دولة عربية في عام 1994
من ثم جاء ما يُسمى بإتفاق ابراهام ، الذي سعى له ترامب بكل ما اوتي من اصرار ، فتبعتهما أيضاً كل من البحرين والامارات والسودان
وبذلك تُعتبر السودان كخامس دولة وقّعت اتفاقية الذل والخيانة في اكتوبر من عام 2020
ولكن ما اقرّ به نائب وزير التعاون الاقليمي للعدو الاسرائيلي آنذاك ، بأن السودان والكيان الغاصب كانت تجمع بينهم علاقة سرية قبل انجاز الإتفاق
وكمعلومة أخرى تؤكد عكس ما يُشاع ، فإن السودان لم ينضمّ بالكامل إلى اتّفاقات التطبيع الخليجية – الإسرائيلية لدى إعلانها في أيلول 2020 حيث اقتصر الأمر حينذاك على اتّصال هاتفي ثُلاثي جَمع رئيس (مجلس السيادة) السوداني عبد الفتاح البرهان ، ورئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ، والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ، أُعلن في أعقابه الاتّجاه إلى إبرامه اتفاقية بين الخرطوم وتل أبيب ، على غِرار (اتّفاقيات آبراهام) التي جمعت الأخيرة بأبو ظبي والمنامة
وما هو معروف عن السودان تاريخيًا ، انها كانت من إحدى الدول العربية التي خاضت حروبًا ضد العدو الصهيوني ، كما شهدت عاصمتها قرار الجامعة العربية الذي عُرف بقرار [اللاءات الثلاث] (لا صلح ، لا تفاوض ، ولا اعتراف)
ويُذكر بأن السودان أرسلت قوات لمحاربة القوات الإسرائيلية في جميع الحروب العربية الكبرى ضد العدو ، وزُعم بأن القوات الجوية التابعة للعدو هاجمت القوات السودانية والإرهابيين الذين احتموا في السودان في عامي 2009 و2012
وفي يناير /كانون الثاني 2021 ، بدأ ذلك الإتفاق يأخذ منحاً جدياً بعد أن كان سرياً بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير في نيسان/أبريل من العام 2019
فلقد رأى خلفاء البشير أنهم يمثلون نقيضاً صريحاً لسياساته وللقاعدة الإسلامية التي كانت تدعمه ، ولهذا حرصوا على كسب ودّ أعدائه الكثيرين في المنطقة وتحقيق الاستفادة من ذلك
فالسودان التي كانت ذات مرةٍ بلداً صديقاً ومُضيفاً لحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين ، ومعبراً مفتوحاً للأسلحة والإمدادات التي تُمرَّر إلى قطاع غزة ، وباتت حريصة على أن تكون شريكةً في نظام إقليمي قائم على أمن كيان العدو الإسرائيلي ، ومحاولةً استيضاح الغموض الأيديولوجي الذي يكتنف الخيارات السياسية لصناع القرار في السودان
في خمسينيات القرن الماضي تبلورت مكانة السودان في (عقيدة المحيط الإسرائيلية) بحيثُ اعتُبرت مكانة بارزة ، وهي عبارة عن استراتيجية ، وضِعت لمواجهة التهديد الذي تمثله (مصر الناصرية) وقد حدد رؤوفين شيلواح ، الأبُ المؤسس لوكالة الاستخبارات الوطنية للعدو الإسرائيلي (الموساد)، العناصرَ المميزة لهذه الاستراتيجية ، ووفقاً لرؤيته ، فإن العرب محاصرون وسط حلقتين من التهديد (حلقة خارجية تضم دولاً غير عربية وحلقة داخلية تتألف من أقليات دينية وإثنية) ومن هذا المنطلق فإن العدو الإسرائيلي يتشارك مع هاتين المجموعتين في عداء القومية العربية
وبإمكاننا القول بأنه من بين الأقليات التي تُشكل عناصر الدائرة الثانية ، أعطى ( شيلواح ) الأولوية للموارنة في لبنان والدروز في سوريا والأكراد في العراق وقبائل جنوب السودان
اما في سبعينيات القرن الماضي ، عندما كان الجيش السوداني أحد دعامات الاستراتيجية العسكرية الأميركية في المنطقة وأحد المستفيدين منها ، ضمن جملة من المهام الأخرى التي يؤديها بوصفه الحصن المنيع ضد نظام الديرغ (الماركسي) في أثيوبيا والنظام الليبي ، ففي كانون الثاني/يناير 2021، أمضى قادة القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا بضعة أيامٍ في الخرطوم لمناقشة ‘خطة’ مع نظرائهم السودانيين ، واستقبل ضباط القوات البحرية السودانية السفن العسكرية الأميركية الراسية في ميناء بورتسودان متهللين ، في تطورٍ وصفته التقارير الإخبارية العسكرية الأميركية بأنه (تغيٌّر جذري في العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والسودان)
تصور البرهان ورفاقه العسكريين أن ثمة عودة لمستقبل عسكري كبير مع الأميركيين ، بوصفه عميلاً للأمريكان خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس السوداني السابق جعفر النميري ، تلقى الجيش السوداني في الفترة ما بين عامي 1977 و1985 حزمة تسليح عسكري إجمالية تقدر بـ1.4 مليار دولار ، وهو ما يعد أكبر التزام أميركي بتقديم موارد عسكرية-اقتصادية لدولة من منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى .
مؤخراً تداولت الصحف والمواقع الاخبارية خبر مفاده ، (أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين أن إسرائيل والسودان سيوقعان اتفاق سلام في واشنطن في غضون أشهر)
وقال كوهين إن إنجاز نص الاتفاقية تمّ خلال زيارته إلى الخرطوم ولقاء رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ، بينما نفى بدوره عبدالفتاح انه التقى بأي شخص وتناولا موضوع اتفاق السلام ، حسب الخبر المشاع