السبت 31 كانون الأول (ديسمبر) 2022

من يجرؤ على إحياء اتفاق بلازا ؟

السبت 31 كانون الأول (ديسمبر) 2022 par رنا علوان

إن ما انتجه مؤتمر بريتون وودز كان وبالاً على العالم بأسره ، فالدولار الذي تمخض في حينها بلغ اشده وطغى حتى بات مهيمناً على العالم بأسره ، غير مميزاً بين عدو او صديق ، ما دفع ببعض الدول الى التصدي له عبر ( اتفاق بلازا )
في عام 1985 تم توقيع اتفاق بلازا التاريخي ، وسمي بهذا الاسم نسبة الى فندق بلازا في مدينة نيويورك الذي شهد ولادته ، وهو بمثابة اتفاقية داعمة للنمو وقعتها ما كانت تعرف آنذاك باسم دول مجموعة الخمس : ألمانيا الغربية وفرنسا والولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة ، وكان الهدف منه إجبار الولايات المتحدة على خفض قيمة عملتها المُهيمنة ، فقد فاق عجز الحساب الجاري الذي يقترب من 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي ، وفقاً للفقرة 6 من الاتفاقات ، والأهم من ذلك ، أن الدول الأوروبية واليابان كانت تعاني من فوائض هائلة في الحساب الجاري ، فضلاً عن نمو الناتج المحلي الإجمالي السلبي ، مما يهدد نمو التجارة الخارجية والناتج المحلي الإجمالي في بلدانهم الأم
في اوائل ثمينيات القرن الماضي كانت الدول النامية غارقة في الديون ولم تكن قادرة على المشاركة في التجارة الإيجابية أو النمو الإيجابي في دولها الأم ، ما دفع بالولايات المتحدة إلى إعادة تنظيم نظام سعر الصرف بسبب الاختلالات الحالية ، وتعزيز النمو في جميع أنحاء العالم على حساب بلدها ، وكانت بلازا أكورد سياسة نقل النمو لأوروبا واليابان التي كانت ضارة بالكامل للولايات المتحدة
وكان المنفذ الوحيد هو تعديل أسعار الصرف بدلاً من إصلاح النظام الحالي ، لذلك تعاون العالم لأول مرة بموافقته على إعادة تقييم نظام سعر الصرف على مدى عامين من قبل البنك المركزي لكل دولة ليتدخل في أسواق العملات ، وتم الاتفاق على معدلات الهدف ، وشهدت الولايات المتحدة انخفاضًا بنسبة 50 % في عملتها ، بينما شهدت ألمانيا الغربية وفرنسا والمملكة المتحدة واليابان ارتفاعًا بنسبة 50 %
مؤخرًا باتت اليابان أحدث دولة كبرى تدخل مباشرة في نزاع العملات الأجنبية ، حيث التحقت ببلدان بداية من الهند وصولاً إلى تشيلي التي كانت تستغل مخزوناتها من الدولارات للنضال ضد قوة الدولار
كما ذكر تقرير لموقع “سي أن أن” الإلكتروني أن العديد من الدول حول العالم عمدت في الفترة الأخيرة إلى رفع نسب الفائدة بشكل متواصل مع الارتفاعات المسجلة في الولايات المتحدة ، وهو ما جعل بعض خبراء المال يعتبرون أن أمريكا تنقل عدوى التضخم إلى العديد من دول العالم
ويشير التقرير أنه في حال تخلفت الدول حول العالم عن الاحتياطي الفدرالي ، فقد يشكل ذلك دعوة للمستثمرين بسحب أموالهم من الأسواق المحلية ، ما قد يسبب باضطرابات خطيرة
وإن موقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي دَفَع العملة الأمريكية إلى أعلى مستوياته خلال عقدين مقابل سلة من العملات الرئيسية
وتناول التقرير تحذيرا للبنك الدولي يُبين مخاطر حدوث ركود عالمي في 2023 فقد ارتفعت مع ارتفاع اسعار الفائدة التي قامت بها المصارف المركزية في جميع أنحاء العالم في الوقت نفسه وذلك استجابةً للتضخم
وهذا الاتجاه بالتأكيد سيؤدي إلى سلسلة من الأزمات المالية بين الاقتصادات النامية ، التي لا يزال العديد منها لم يتعافَ بعد من تاثير جائحة كورونا وما الحقته من ضرر.

هل من الممكن أن نشهد اتفاق بلازا ثانٍ ، ربما نعم ، وخاصة في حال دخلت الولايات المتحدة في حالة من الركود وألحق الدولار الأقوى الضرر بسوق العمل ، لم يعد ذلك أمراً وشيكاً ، فمن المتوقع أن يتراجع الدولار خلال مرحلة ما ، لكن لا يمكننا قول إن ذلك لن يحدث مطلقاً ، فقد تضطر اميركا بنفسها الى اللجوء لاحياء الاتفاق ، وذلك من اجل التصدي للتحالف ( الصيني الروسي ) وما يشكله هذا التحالف من تهديد لعملتها ، وسوف ترضى بالكحل بدلاً عن العمى



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2184604

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام الموقف  متابعة نشاط الموقع رنا علوان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2184604 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 2


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40