بكائية أيلول التي يمارسها تيار التصفية من على منبر الجمعية العمومية للأمم المتحدة هذه المرة كانت تحمل دلالتين سياسيتين هامتين، الأولى: إقرار نيار التصفية ومعه اليمين السياسي الفلسطيني بهزيمته التامة خلاصة لممارسة مسار الربع القرن الأخير، أما الدلالة الثانية فهي العودة إلى الأصول في هذه القضية هو ضامنها الأساس وإعادة تعريف واضحة لكل الانحرافات التي حادت عن جذور هذه القضية.
اليمين الفكري ومنه المسمى “الإسلامي” لا يقل انجرارا في الواقع عن اليمين السياسي فحصيلته العربية والدولية لا تقل خسارة ولا هزيمة في كل مشاريعه التي تحمّس لها وبشّر بنواتجها المبهرة، سواء في نسخته المعتدلة أو نسخته المتطرفة الجنونية، وسواء أكان ذلك في ربيعه “العربي” المزعوم أم كان في دولته الداعشية حاملة الأسماء والتسميات المختلفة بحسب الاحتياج ومنطق الصراعات الداخلة فيه، وكلاهما مورد هذه الأمة المهالك.
القاسم المشترك بين هذه جميعا هو مسارها بين حديّ التوظيف الإمبريالي لها، أو الانصياع التام لشروط الامبريالية والصهيونية لمساراتها، خذ ذلك المحدد وطبقه كما تشاء ستجده الناظم لفهم كل معادلات هذه المسألة.
اليسار الفلسطيني لا وجود له في خارطة الفعل السياسي ولا حتى في خارطة الطرح السياسي، فهو جزء من شلل اليسار العالمي وبالطبع انكفاء اليسار العربي نفسه، إنه في الواقع ترجمة مباشرة لفشل مؤجل، وهو في أحسن أحواله شاهد ملك على الجرائم التي ارتكبتها الأنظمة والقوى التي انخرطت في حؤف المسارات وجرف المصائر، والمخزي أن لا مراجعة لديه من أي نوع قد تمت حتى الساعة لكي يضيف دليلا جديدا على تشوهية يساريته المدعاة.
وحده اليسار الفكري المصنف “الاسلامي” كان صاحب إنجازات تراكمية في المشهد العربي حتى الساعة، وحده المنتقل من القطرية الوطنية المحررة لأوطانها والمجابهة للعدو الامبريالي والصهيوني، إلى القومية المواجهة لهما في أكثر من ساحة وعلى أكثر من مسار، والدلائل أكثر من متوفرة وأعم من قائمة، وفي أبرز أسباب النجاة والنجاح معا ليس فقط تبنيه للخط الجهادي المقاوم فكرا وعملا، بل ونجاته الكلية حتى الساعة من قانون الاستعمال الامبريالي وتشكيله جزءا من الندية الخالصة له.
أكتوبر العظيم في فلسطين مع تجديد زخم الانتفاضة ومسارها وبقوى الانتفاضة المجيدة هو الحليف السليم لمعادلة المقاومة العربية التي تواجه اليوم الامبريالية في عدد من الساحات وهو الممثل الحقيقي لارادة شعب فلسطين، فلتستمر الانتفاضة ومعادلاتها وعملياتها لأنها طريق انتصار فلسطين...