بعد عملية طولكرم الفدائية هذا الأسبوع يمكن قراءة أن خطاً للنار أصبح مرسوما كجزء من انتفاضة الشباب الفلسطيني مصاحبا لها ومعزّزاً لخيارها، فهذا السياق الذي بدأ مع عملية مغتصبة إتمار قرب بيت فوريك في منطقة نابلس، وتعزّز خلال هذا الأسبوع مع عملية مثلث شوفة -فرعون- كفر اللبد في منطقة طولكرم من الوطن المحتل يثبت أن خط النار مع هذا العدو قائم ليس فقط لتركيز رسائل الاشتباك، ولكن أيضا لترسيم مرحلة قادمة من هذه الانتفاضة وهو ما ظنه العدو كابوساً سينتهي بإعلانه اعتقال وهدم بيوت منفذي عملية بيت فوريك البطولية.
ما يهمنا في عمليه هذا الأسبوع إضافة إلى كونها عملية نوعية وبطولية انتهت باصطياد عقرب قديم من مستوطني العدو الصهيوني ومغتصبي الأرض الفلسطينية ومنفذي جراءم استهداف الفلسطيني قبل أوسلو الكارثية وقبل عصابات تدفيع الثمن، أنها بنفس المسار تختار ما تصطاده تماماً كعمليات القنص المركزة التي تضرب بين الفينة والأخرى جزءا من خط نار الانتفاضة الباسلة وتدخل على خط الانتفاضة لتعطيها الزخم المطلوب لإكمال المسيرة في الوقت الذي لا زالت فيه المشاهد على حالها من التردّد والتلكوء في مكان آخر.
سبق هذه العملية البطولية الاعلان عن اعتقال خلية لحركة الجهاد الاسلامي في منطقة جنين بتعاون مخابراتي مع العدو من قبل سلطة عباس، ومن المؤكد أن المعلومات المتواترة تؤكد نشاط محموم لأجهزة عباس مع انفجار الانتفاضة حتى أن أجهزة أمن العدو لم تخف حماسها الشديد وابتهاجها بهذا الأداء الخياني الذي تقوم به أجهزة هذه السلطة حتى أوصت مؤخرا برفع نوعية تسليحها في الضفة المحتلة تحسبا لخط نار الانتفاضة القادم لا محالة، يفهم أن العمل الفصائلي العسكري السابق أصبح محاصرا ومنهكا عقب هذه الملاحقات الخيانية لسلطة عباس وأجهزته، ويفهم أيضا أن الحل يكون بتعزيز عمليات الانتفاضة الجديدة على هذا النحو الذي قدّمته عملياتها المجيدة.
بكل الأحوال فإن الناقص الأكبر هو ليس العمل الفصائلي المركّز في هذه المرحلة حتى تستريح الفصائل وتريح ضمائرها، فالفاقد والناقص اليوم هو التحشييد الجماهيري والتنظيم الشعبي والاسناد النقابي الذي لا تقوم به هذه الفصائل ولا تتقدم نحوه إلا باستثناء محدود، وإذا كانت الانتفاضة البطلة قد تكفّلت بقرار الانطلاق وطرقت العدو بقوة من خلال عمليات الاشتباك المتنوع من الدهس إلى المولوتوف إلى الحجارة إلى الطعن إلى الرصاص بعملياتها النوعية، فإنها لن تكون مطالبة بالجزء الذي لا يمكن أن تعوّضه عن غياب القوى الأخرى والمؤسسات والحوامل التي هذا دورها الأساس.
لإنجاز الخطوة القادمة ليس مهما أن تعقد الجلسات ولا المؤتمرات ولا الخلوات ولا الزيارات المكوكية، لإنجاز الخطوة القادمة يجب الاعتراف بأن السلطة التي يخشى العدو من انهيارها ويخشى الامبريالي من ذهاب عباسها ومصيره هي العقبة الرئيس أمام استئناف مسيرة التحرر لهذا الشعب العظيم، وأن مصالح بعضهم التي ارتبطت بما قدمته هذه السلطة بيد وأغمدت خنجرها المسموم في الظهر باليد الأخرى يجب أن تنتهي فوراً، إن السلطة التي شكّلت جسر تحكّم العدو بمفاصل الحياة الفلسطينية أصبحت عائقا وجزءا من خطة العدو باستكمال التهويد واستكمال الترانسفير والاستيطان ومن هنا نبدأ....