الأحد 27 شباط (فبراير) 2022

مواد ملف « الأخبار» : أوكرانيا وحيدةً: نريد التفاوض

الأحد 27 شباط (فبراير) 2022

تسارعت، أمس، وتيرة التطوّرات على الجبهة الأوكرانية - الروسية، وسط غلبة واضحة وحاسمة لموسكو، دفعت الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الذي وجد نفسه وحيداً بعدما لمس تخاذلاً أميركياً - «أطلسياً» عن نصرته، إلى عرض التفاوض على روسيا، وهو ما أبدت الأخيرة تجاوباً أوّلياً معه، وسط ترقّب لما يمكن أن تتطوّر إليه الأمور خلال الساعات المقبلة على هذا الصعيد. وجاء عرض التفاوض الأوكراني بعدما أعلن المسؤولون الغربيون، بصراحة، أنهم لن يقوموا بمدّ جسر دعم جوّي وبحري وبرّي عسكري لصالح كييف، أوّلاً لمحدودية القدرة على ذلك في ظلّ السيطرة الروسية الكاملة على الأجواء، وثانياً لما يمكن أن يجرّ إليه هكذا دعم من اشتباك مباشر مع موسكو، يعني بالضرورة فتح الباب على حرب شاملة لن تستثني أحداً.

وجوه الحرب

في خضمّ العملية العسكرية الروسية ضدّ أوكرانيا، تبرز وجوه وشخصيات تحتلّ مواقع متقدّمة في سياق الحرب ومجرياتها. ولعلّ نظرة مقارَنة على سَيِر هذه الشخصيات تبدو كفيلة بإيضاح عُمق الفوارق بين الطرفَين، وتفسير الاختلال السريع والكبير في موازين القِوى على الأرض. في ما يلي لمحات سريعة عن تلك السِيَر، بدءاً من رئيس الجمهورية، مروراً بوزير الدفاع، وصولاً إلى رئيس الأركان

- فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين

هو الاسم الكامل للرئيس الروسي، الذي تشخص إليه أنظار العالم بأسره اليوم. رجل روسيا الأول، سياسيّ من الطراز الرفيع، استطاع أن يعيد بلاده إلى واجهة السياسة الدولية، بعد مرحلة انهيار الاتحاد السوفياتي. الرجل الذي جمع في حياته بين السياسة والأمن، شحذت شخصيته سنواتٌ طويلة من العمل في الاستخبارات السوفياتية، قبل انتقاله إلى عالم السياسة. خرج بوتين من رحم عائلة عملت في المجال العسكري في الاتحاد السوفياتي، حيث كانت أمه عاملةً في مصنع، فيما خدم والده على متن غواصة في ثلاثينيات القرن الماضي، قبل أن يخدم على الجبهة الغربية خلال الحرب العالمية الثانية ويتعرّض للإصابة. لم يشذّ الرئيس المستقبلي لروسيا عن نهج عائلته، فبعد إنهائه دراسة القانون في جامعة لينينغراد في العام 1975، انضمّ إلى جهاز الاستخبارات السوفياتي، وتدرّج فيه حتى أُرسل في العام 1985 إلى مدينة درسدن الألمانية في مهمة استخباراتية. مع انهيار الاتحاد، استقال بوتين من الـ«كي جي بي» وانتقل إلى السلك السياسي. فتولّى أولاً منصب مستشار عمدة مدينة لينينغراد لشؤون السياسة الخارجية. ثمّ في العام 1991، أصبح مدير جمعية العلاقات الخارجية في مكتب العمدة، قبل أن يتولّى منصب نائب رئيس حكومة سان بطرسبرغ في العام 1994. بعدها بعامين، دخل دائرة الحكم في موسكو، عندما عيّنه الرئيس الروسي، بوريس يلتسين، نائباً لمدير الموظفين الرئاسيين، وكانت تلك الفرصة التي انتظرها بوتين كي يشقّ طريقه نحو الكرملين بخُطى ثابتة. في العام 1998، وبعد أن أثار بوتين الإعجاب داخل أروقة الكرملين، عيّنه يلتسين على رأس جهاز الاستخبارات الروسية، لكن لم يلبث أن أصبح رئيساً للوزراء في العام اللاحق. اجتياح مقاتلي الشيشان لجمهورية داغستان في منطقة القوقاز شكّل أوّل علامة فارقة في مسيرة بوتين السياسية، حيث نجح في بناء صورته أمام الرأي العام الروسي، مقدّماً نفسه كحافظ لأمن روسيا ومحارب للحركات الانفصالية. وبعد أن أتمّ مهمته بنجاح على رأس الحكومة، ترشّح للانتخابات الرئاسية وفاز في آذار من العام 2000، ليجلس على عرش الكرملين للمرة الأولى، ويفتح صفحة جديدة من تاريخ روسيا، التي بفضله عادت لاعباً رئيساً في القارة الأوروبية.

- فاليري فاسيليفيتش غيراسيموف

هو جنرال في الجيش الروسي والرئيس الحالي لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة للاتحاد الروسي، والنائب الأول لوزير الدفاع. عيّنه في منصبه الرئيس فلاديمير بوتين في 9 تشرين الثاني عام 2012. يوصف غيراسيموف بـ«الخبير الاستراتيجي» الذي يقال إنه أسّس لما سُمّي بـ«عقيدة غيراسيموف»، التي تجمع بين التكتيكات العسكرية والتكنولوجية والمعلوماتية والديبلوماسية والاقتصادية والثقافية، وغيرها من التكتيكات، لغرض تحقيق الأهداف الاستراتيجية. ولد في مدينة كازان، عاصمة جمهورية تاتارستان الروسية، وتخرّج من مدرسة كازان سوفوروف العسكرية (1971-1973)، ثمّ مدرسة قيادة الدبابات العليا في كازان (1973-1977)، وأكاديمية مالينوفسكي للقوات المدرّعة العسكرية (1984-1987)، ولاحقاً من أكاديمية هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية (1995-1997). بين عامَي 1993 و1995، كان قائد الفرقة 144 مشاة في منطقة بحر البلطيق العسكرية، ثمّ مجموعة قوات الشمال الغربي. بعد تخرّجه من أكاديمية الأركان العامة، كان النائب الأوّل لقائد الجيش في منطقة موسكو العسكرية، وقائداً للجيش الثامن والخمسين في منطقة شمال القوقاز العسكرية خلال حرب الشيشان الثانية. عام 2006، أصبح قائد منطقة لينينغراد العسكرية، وانتقل ليكون قائد منطقة موسكو العسكرية عام 2009، ثمّ قائد المنطقة العسكرية المركزية في نيسان عام 2012. وفي 23 كانون الأول 2010، أصبح نائب رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلّحة الروسية. يتّهمه الأوكران بأنه المشرف المباشر على «معركة إيلوفايسك» عام 2014، التي هَزمت فيها قوات الدفاع الشعبي في لوغانسك ودونيتسك القوات الأوكرانية التي خسرت فيها 1000 جندي. في نيسان عام 2014، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على غيراسيموف بحجّة «تقويض وتهديد سلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها واستقلالها». وبعدها بأشهر، أضافت كلّ من كندا وليختنشتاين وسويسرا وأستراليا، غيراسيموف إلى قوائم عقوباتها بذريعة التدخّل الروسي في أوكرانيا.

- سيرجي كوزوجيتوفيتش شويغو

سياسي روسي وجنرال في الجيش الروسي، يشغل منصب وزير الدفاع في الاتحاد الروسي ورئيس مجلس وزراء الدفاع في «رابطة الدول المستقلة» منذ عام 2012. شغل منصب وزير «حالات الطوارئ» بين عامَي 1991 و2012، وشغل لفترة وجيزة حاكماً لمنطقة أوبلاست موسكو عام 2012. درس الهندسة المدنية، وبعد تخرّجه عام 1977 عمل في مشاريع البناء على الصعيد الوطني. عام 1988، أصبح شويغو موظفاً ثانوياً في فرع «أباكان» للحزب الشيوعي السوفياتي، ثمّ في «كومسومول» لبضع سنوات. عام 1990، انتقل شويغو إلى موسكو من سيبيريا، وعُيِّن نائباً لرئيس لجنة الدولة للهندسة المعمارية والبناء في الاتحاد الروسي. عام 1991، عُيِّن رئيساً لفيلق الإنقاذ، الذي تطوّر لاحقاً إلى مسمّى «لجنة الدولة لحالات الطوارئ»، لتتحوّل بعدها إلى «وزارة حالات الطوارئ»، ويشغل شويغو حقيبتها في الحكومة. اكتسب شهرة بسبب أسلوب إدارته العملي ووضوحه العالي أثناء حالات الطوارئ، مثل الفيضانات والزلازل والعمليات الإرهابية. عام 1999، أصبح أحد قادة حزب «الوحدة» الروسي الموالي للحكومة. حصل على جائزة الدولة الأكثر شهرة في روسيا - بطل الاتحاد الروسي - عام 1999. في 6 تشرين الثاني 2012، عيّنه بوتين وزيراً للدفاع. في تموز عام 2014، أعلن النظام في كييف رفع قضية جنائية ضدّ شويغو بتهمة المساعدة على تشكيل «مجموعات عسكرية غير مشروعة» في شرق أوكرانيا قاتلت الجيش الأوكراني. ابتداءً من 30 أيلول عام 2015، يشرف على الحضور العسكري الروسي في سوريا. يُعرَف عن شويغو إتقانه لكثير من اللغات، المعروف منها: الإنكليزية، اليابانية، الصينية، التركية، إلى جانب لغته الأم الروسية.

- فولوديمير زيلينسكي

قبل وصوله إلى السلطة عام 2019، لم يكن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، يتمتّع بأيّ خبرة في المجال السياسي تتخطّى تأديته دور رئيس للجمهورية خلال عمله السابق كممثّل كوميدي، إذ كان معروفاً على نطاق واسع ككوميدي، ومخرج، ومنتج، وكاتب سيناريو. وهو المؤسّس والمدير الفني لاستوديو «كفارتال-95». وصل زيلينسكي إلى الرئاسة بصفة محارب للفساد، وكان آنذاك واثقاً من قدرته على تأدية دور الوسيط في إحلال السلام في الصراع الطويل الأمد مع الانفصاليين المدعومين من روسيا المتمركزين خاصّةً شرقي البلاد. ومن خلال أجندة شعبوية، وعد فيها باستهداف طبقة الأوليغارشية، ومنع أوكرانيا، في الوقت عينه، من أن تكون «شريكاً فاسداً للغرب» أو «الشقيقة الصغرى لروسيا»، تمكّن من كسب 73% من أصوات الأوكرانيين، علماً أن الدعم الأكبر جاء من جنوب أوكرانيا وشرقها، بما في ذلك منطقتا دونيتسك ولوهانسك. تذكُر صحيفة «نيويورك تايمز» أنه مذّاك، كانت الشكوك تحاوط قدرته على تحقيق طموحاته، ولا سيما بعد انهيار فريق العمل الذي شكّله بسرعة، وانقلاب عدد كبير من حلفائه عليه، وحصول تبديلات عدّة في المناصب، ما جعل معظم الذين يشغلون المناصب من حوله من «الأوفياء»، لا من أصحاب الكفاءة، حتى إن عدداً منهم جاء من استديوهات الكوميديا حيث كان يعمل. حالياً، تُطاول زيلينسكي شبهات عدّة بالفساد، ساهمت في تراجع شعبيته، إذ إن 62% من الأوكرانيين لا يرغبون بأن يترشّح مرّة جديدة للانتخابات. وعلى الرغم من أنه قد يفوز بولاية ثانية في حال ترشّحه، تؤكد الصحيفة أنه سيحصد عدد أصوات أقلّ بكثير. ومن المعروف عن زيلينسكي أيضاً علاقته المتوتّرة مع الصحافيين والإعلام بشكل عام، نظراً إلى كرهه للأسئلة الصعبة والانتقاد، ما أدّى إلى مواجهات بينه وبينهم خلال محطات عدّة. وفي خضمّ الأحداث الأخيرة، اتّضح أن رئاسة أوكرانيا مهمّة أصعب بكثير ممّا ظنّ زيلينسكي، ولا سيما أن أكثر من نصف الأوكرانيين يشكّكون في قدرته على مواجهة روسيا في أوكرانيا، وأنه قبل العملية العسكرية الروسية مباشرةً، كان يسخر من «تهويل الأوكرانيين ورعبهم» من التدخّل الروسي. حالياً، عقب العملية الروسية في أوكرانيا، يرى مراقبون أن زيلينسكي قد يواجه نقمة شعبية متنامية، خاصةً أنه يؤدي هذه المرّة دوراً، لم يسبق أن تمرّن عليه يوماً.

- فاليري فيدوروفيتش زالوجني

القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية (منذ 27 تموز 2021)، وهو عضو في «مجلس الأمن القومي والدفاع» في كييف حالياً، وقائد القوات البرّية سابقاً. التحق بالكلية العسكرية في معهد أوديسّا للقوات البرية، وتخرّج منه عام 1997 برتبة الشرف. بدأ خدمته في الجيش الأوكراني، واجتاز جميع مراحل الخدمة العسكرية وصولاً إلى قيادة كتيبة. وفي عام 2005، التحق بـ«الأكاديمية الوطنية للدفاع»، ثم تخرّج منها عام 2007، بميدالية ذهبيّة. في عام 2014، تخرّج من «جامعة إيفان تشيرنياخوفسكي الوطنية للدفاع» في أوكرانيا، كأفضل خرّيج في المستوى التشغيلي والاستراتيجي للتدريب، وحصل على «السيف الملكي» من الملكة إِليزابيث الثانية. في تموز 2021، عيّنه الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قائداً أعلى للقوات المسلحة الأوكرانية، خلَفاً لرسلان خومتشاك. يُعدّ من الجنرالات الأكثر موثوقية لدى زيلينسكي، ولم يخدم في الجيش السوفياتي أبداً، وهو معادٍ للعقيدة العسكرية السوفياتية، ولطالما سعى إلى تغييرها. شارك زالوجني في القتال ضدّ «قوات إقليم دونباس» في 2014. وكانت إحدى أبرز خطواته الأولى في منصبه الحالي، السماح للقوات الأوكرانية في الجبهة الشرقية بفتح النار ردّاً على جنود الإقليم، من دون الحاجة إلى الرجوع إلى القيادة العليا. عقب تسلّمه منصبه قائداً عاماً للقوات المسلحة الأوكرانية، قال فاليري زالوجني: «إن المسار العام لإصلاح القوات المسلّحة الأوكرانية، بما يتماشى مع مبادئ الناتو ومعاييره، لا رجعة عنه. والمفتاح هنا هو (تغيير) المبادئ».

- أوليكسي يوريوفيتش ريزنيكوف

وزير الدفاع في حكومة فلوديمير زيلينسكي منذ تشرين الثاني 2021. هو محامٍ شغل سابقاً عدّة مناصب أخرى في حكومة أوكرانيا، منها نائب رئيس الوزراء، وزير «إعادة دمج الأراضي المحتلّة مؤقتاً في أوكرانيا»، نائب رئيس إدارة مدينة كييف بين عامَي 2016 و2018، نائب رئيس البلدية وسكرتير مجلس مدينة كييف من حزيران 2014 إلى كانون الأول 2015. شغل ريزنيكوف أيضاً منصب رئيس الوفد الوطني الأوكراني في كونغرس السلطات المحلية والإقليمية لمجلس أوروبا من عام 2015 إلى عام 2016، وتمّ اختياره من قِبَل زيلينسكي في 5 أيار 2020 لتمثيل أوكرانيا في «المجموعة الفرعية السياسية العاملة في الاتصال الثلاثي»، وهي مجموعة خاصة لتسوية الحرب في الدونباس. لا خبرة عسكرية لريزنيكوف، لكن لعلّ سجلّه الحافل ضمن الفريق الخاص بواشنطن في أوكرانيا أهّله لبلوغ منصب وزير الدفاع. عام 2004، تولّى ريزنيكوف الدفاع عن المرشح الرئاسي آنذاك فيكتور يوشينكو (زعيم الثورة البرتقالية) أمام المحكمة العليا في أوكرانيا، لإلغاء نتائج الجولة الثالثة من الانتخابات الرئاسية الأوكرانية لعام 2004. في سيرته الذاتية، يوصَف بأنه «يستمتع بالغوص ولعب التنس والتزلّج»، كما سُجّلت مشاركته في «رالي داكار» عام 2009.

من نحن؟ ومن غيرنا؟

عالم كيوسك الصحافة

في قلب العديد من الشكوك التي تتمحور حول الانخراط الأميركي في الأزمة الأوكرانية، يظهر سؤال: «من نحن؟». مَن نحن، بتاريخنا الطويل من الغزوات والتدخّلات، لنُلقي المحاضرات على فلاديمير بوتين بشأن احترام السيادة الوطنية والقانون الدولي؟ من نحن، مع سجلّنا المحلّي من العبودية والتمييز، وسجلّنا الخارجي في دعم الديكتاتوريين الودودين، والظلم المستمرّ للحياة الأميركية، لنقدِّم أنفسنا كنماذج للحرية وحقوق الإنسان؟ مَن نحن، بعد 198 عاماً على «عقيدة مونرو»، لنحاول منع روسيا من تحديد مجال نفوذها؟ مَن نحن، بجهلنا المعتاد، لنتدخّل في نزاعات بعيدة، لا نعرف عنها إلّا القليل؟ غالباً ما تُطرح مثل هذه الأسئلة من قِبَل الأشخاص الموجودين على اليسار، ولكنْ هناك نماذجُ قوية من التفكير ذاته على اليمين. عندما سأل بيل أورايلي، دونالد ترامب، في عام 2017، كيف يمكنه «احترام» بوتين، على اعتبار أن الرئيس الروسي «قاتلٌ»، أجاب ترامب: «لدينا الكثير من القتَلة. ماذا؟ هل تعتقد أن بلدنا بريء للغاية؟».

(...) لماذا اختار بوتين هذه اللحظة ليقوم بخطوته تجاه أوكرانيا؟ كما أشار كثيرون، فإن روسيا دولة ضعيفة من الناحية الموضوعية - «فولتا العليا بأسلحة نووية»، كما قال أحدهم ساخراً، مع ناتج محلّي إجمالي أصغر من كوريا الجنوبية. وبعيداً عن الطاقة والمعادِن والمعدّات العسكرية من الدرجة الثانية، هي لا تُنتج أيّ شيء يريده الخارج تقريباً: لا توجد أجهزة iPhone أو Lexus روسية. تتمثّل مشكلة بوتين مع أوكرانيا، بدءاً من انتفاضة عام 2014، في أن الأوكرانيين لا يريدون أيّ علاقة به. إذا كان شخصية «ديزني»، فسيكون والدة رابونزيل. لكن لدى بوتين مزايا لا يتمتّع بها خصومه، وهي تتجاوز العلاقة المتبادَلة بين القوات العسكرية في دونباس.
إحدى المزايا هي ترابط الشهيّات: يريد بوتين أوكرانيا تحت إبهامه، أكثر بكثير ممّا يريد الغرب إبقاء أوكرانيا في فلكه، وهو على استعداد لدفع ثمن أعلى للحصول عليها. وهناك ميزة أخرى تتمثّل في ترابط مدى الاهتمام: فقد وضع بوتين نُصب عينيه، بشكل منهجي، إعادة أوكرانيا إلى حظيرته، منذ عام 2004 على الأقل. بالنسبة إلى الغرب، فإن أوكرانيا هي أزمة معقّدة أخرى سوف يتعب منها في النهاية. الميزة الثالثة هي ارتباط الإرادات: يريد بوتين تغيير النظام الجيوسياسي لأوروبا، وهو مستعدّ لتحمّل مخاطر كبيرة للقيام بذلك. أمّا إدارة جو بايدن، فتريد الحفاظ على الوضع الراهن المهتزّ، الذي يفقد الحياة على نحو متزايد. الحظّ يميل إلى تفضيل الشجعان. لكنّ الميزة الأعظم لبوتين هي الثقة بالنفس. قد يسخر المؤرّخون الجادّون من نظرياته التاريخية المعقّدة حول عدم وجود أوكرانيا كدولة حقيقية. لكنه يعتقد ذلك، أو على الأقلّ يقدّم عرضاً مقنعاً لذلك. ما الذي يعتقده الغرب حقاً بشأن أوكرانيا، بخلاف أنه سيكون من العار والمخيف أن يبتلع بوتين أجزاء كبيرة منها؟ بالتأكيد لا شيء يستحقّ القتال من أجله.
يفهم معظمنا أن للتاريخ طريقة للتحوُّل إلى أسطورة، لكنّ العكس يمكن أن يكون أيضاً صحيحاً: الأساطير لديها طريقة في صُنع التاريخ. يميل الحظ أيضاً إلى تفضيل المؤمنين المتحمّسين. اعتادت الولايات المتحدة على الإيمان بنفسها. اعتقدت أجيال متعدّدة من الأميركيين أن حضارتنا تمثّل التقدّم البشري. كانت مُثُلنا السياسية - بشأن سيادة القانون، وحقوق الإنسان، والحريات الفردية، والحكم الديموقراطي - مُثُلاً عليا لجميع الناس، بما في ذلك مَن هم خارج حدودنا. تحدّث أدبُنا عن التجربة الإنسانية العالمية، وتحدّثت موسيقانا للروح العالمية. (...) حتى أسوأ أخطائنا، كما في فيتنام، نابعة من مبادئ يمكن الدفاع عنها. كانت خطايانا حقيقية ومتعدّدة، لكنها كانت عيوباً قابلة للتصحيح، وليست سمات نظامية. ولكنْ غنيّ عن القول إنّ هذا الإيمان بالنفس - مثل كلّ المعتقدات - كان مزيجاً من الحقيقة والغرور والمثالية والغطرسة والرؤية والعمى. لقد قادنا إلى ارتكاب جميع أنواع الأخطاء، التي أصبح إدراكها الحادّ هو الضغط المهيمن في حياتنا الفكرية.
(...) لم تكن هذه الانتصارات نتيجة التساؤل «من نحن؟». جاءت عن طريق السؤال: «من غيرنا؟». في أزمة أوكرانيا، التي هي حقاً أزمة الغرب، قد نبدأ في طرح السؤال الثاني، أكثر قليلاً من السؤال الأوّل.
(بريت ستيفان - ذي نيويورك تايمز)

من ملف : أوكرانيا وحيدةً: نريد التفاوض

مهزلة الكونغرس: فَلْنطرد روسيا من مجلس الأمن

أفاد موقع “أكسيوس”، أمس، بتداوُل قرار بين أعضاء مجلس النواب الأميركي من كلا الحزبين، يدعو إلى طرد روسيا من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بسبب غزوها أوكرانيا، الأمر الذي لا يملك أيّ فرصة للنجاح. ويأتي هذا التطوُّر، في الوقت الذي يحاول فيه الكونغرس الداخل في إجازة حالياً، إبراز دورٍ له في معاقبة روسيا، بعدما كان يتغاضى عن تمرير حزمة من العقوبات قبل الغزو. ووفق “أكسيوس”، يدعو القرار الأمم المتحدة إلى “اتخاذ إجراءات مباشرة وفورية” لتعديل المادة 23 من ميثاقها، لإزالة روسيا من العضوية الدائمة في مجلس الأمن. ويجادل بأن “غزو روسيا لأوكرانيا، ودعمها الجمهوريات الانفصالية يشكّلان تهديداً مباشراً للسلم والأمن الدوليين”، و“يتعارضان مع مسؤولياتها والتزاماتها، كعضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”. إلّا أن المثير للسخرية، أن ميثاق الأمم المتحدة، يوجب على جميع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التوقيع على أيّ تعديلات، ممّا يمنح روسيا القدرة على منع مثل هذه الخطوة. وممّا يتسبّب بمزيدٍ من الصداع للغرب، وللأعضاء “المتحمّسين” في مجلس النواب الأميركي، هو أن سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نابينزيا، يتولّى منصب رئيس الدورة الحالية للمجلس، بالتناوب هذا الشهر. كما كان يترأس اجتماعاً طارئاً، في اللحظة التي أعلن فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدء العملية العسكرية ضدّ أوكرانيا.

الغرب يتمخّض فَيَلد عقوبات: حتى لا يُقطع «خطّ الرجعة» مع روسيا

توافقٌ ضمني وعلني بين الولايات المتحدة و»حلف شمال الأطلسي» والاتحاد الأوروبي، على مواصلة سياسة فرض العقوبات على روسيا، برفقة التهويل العسكري، عبر نشر المزيد من القوات في الدول التابعة لـ»الحلف»، على ما أعلنه أمينه العام، ينس ستولتنبرغ، مساء أمس. وفي الوقت الذي اتّفق فيه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على وضع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ووزير خارجيّته، سيرغي لافروف، على لائحة العقوبات، أعلن ستولتنبرغ أن «حلف شمال الأطلسي» نشر عناصر من قوة الرد لديه تحسّباً لأيّ احتمال. وقال إن القوات التي جرى نشرها «تشمل 100 طائرة مقاتلة و120 سفينة، بينها مجموعات قتالية وحاملات طائرات». وإذ اعتبر أن «روسيا تقوم بغزوٍ شامل لأوكرانيا باستخدام كلّ القدرات العسكرية»، فقد أشار إلى أن «هدفها هو إزالة الحكومة المنتخبة».

وتترافق تصريحات ستولتنبرغ مع التقييم الذي قدّمته وزارة الدفاع الأميركية، أول من أمس، للمراحل الأولى من الغزو الروسي. إذ أفادت صحيفة «نيويورك تايمز»، نقلاً عن «البنتاغون»، بأن «القوات العسكرية الروسية تتحرّك لقطع رأس الحكومة الأوكرانية في كييف». وقال مسؤول دفاعي كبير إن ثلاثة صفوف من القوات العسكرية الروسية تتحرّك بسرعة نحو المدن الأوكرانية، وقد توجّه اثنان منها نحو العاصمة كييف، حيث مقرّ حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي. ولفت المسؤول إلى أن «هذه القوات تشقّ طريقها باتجاه كييف من بيلاروسيا في الشمال، وشبه جزيرة القرم في الجنوب»، مستخدمة الصواريخ والمدفعية البعيدة المدى. وأضاف للصحافيين: «تقييمنا هو أن لديهم كلّ النية لقطع رأس الحكومة، وإقامة أسلوبهم الخاص في الحكم». من جهته، رأى الأمين العام لـ»الأطلسي»، أن «التهديد قد يتجاوز أوكرانيا»، معتبراً أن «روسيا تتحدّى أعراف الأمن في أوروبا، وقد تهدّد نصف أعضاء الحلف». ومن هذا المنطلق، نبّه إلى أن «الأزمة في أوروبا قد تكون أخطر، إذا هدّدت روسيا أيّ بلد عضو في الناتو أو هاجمته».
وفي استرسال في سياسة التهويل بالدعم العسكري للجوار، أعلن رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، أن بلاده مستعدّة لنشر 3400 عسكري إضافي في الدول الأعضاء في «الأطلسي». وقال، في مداخلة أمام مجلس النواب، إن هذه القوات ستنتشر «في المنطقة الخاضعة لمسؤولية الحلف». كذلك، أعلن دراغي تخصيص 110 ملايين يورو كمساعدات لأوكرانيا، خدمة «لغايات إنسانية ولغرض استقرار الوضع المالي»، فضلاً عن مساعدات عبارة عن عتاد عسكري «يتعلّق خصوصاً بنزع الألغام ولوازم للوقاية».
وعلى المستوى السياسي، جاءت كلّ هذه التطوّرات غداة طرح القمّة الأوروبية الاستثنائية في بروكسل حزمة عقوبات على المسؤولين الروس، الأمر الذي أبدت كلّ من ألمانيا وإيطاليا تحفّظات عليه، بينما دعمه عدد كبير من القادة الأوروبيين، بحسب ما أفاد به مسؤولان. وفي إطار العقوبات التي جرت المصادقة عليها، تمّ الاتفاق على إلغاء الأوروبيين إمكانية السفر بدون تأشيرات دخول لحاملي جواز السفر الروسي. وغداة هذه القمّة، سعى أعضاء الاتحاد إلى إظهار نوعٍ من الوحدة، عبر إعلان وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بربوك، أمس، في بروكسل، أن الكتلة الأوروبية «ستفرض عقوبات قاسية» على بوتين ولافروف، لمسؤوليّتهما في غزو أوكرانيا. ولدى وصولها لحضور اجتماع لوزراء خارجية الدول الـ 27 للموافقة على حزمة العقوبات، قالت: «المهم اليوم أنّ الاتحاد الأوروبي سيعاقب بشدّة بوتين ولافروف المسؤولَين عن هذا الوضع».

«فورين بوليسي»: تناقش واشنطن خططاً لدعم المقاومة الأوكرانية المسلّحة

وأضافت: «نضرب نظام بوتين حيث يجب ضربه، ليس فقط اقتصادياً ومالياً، ولكن أيضاً في صميم سلطته». وعلى المستوى ذاته، قال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إنّ إعلان الوزيرة الألمانية «يعني أن برلين موافقة على معاقبة الرئيس الروسي ووزير خارجيته». وأضاف إن «هذا الاقتراح بُحث خلال القمة الأوروبية أول من أمس، لكن لم يكن هناك إجماع واضح». وبعد كلّ هذا الأخذ والرد، أعلن المفوّض الأوروبي للسياسة الخارجية، أنّ العقوبات ستشمل كلّ من يتعاون مع روسيا من بيلاروسيا. وسيجري تجميد أصول بوتين ولافروف، إضافة إلى مسؤولين عسكريين. وقال: «سنمنع وصول روسيا ورؤوس الأموال الروسية إلى أسواق المال الأوروبية».
على المستوى الأميركي، أفادت صحيفة «واشنطن بوست» بأن وزير الدفاع، لويد أوستن، أبلغ المشرّعين، أول من أمس، أن إدارة الرئيس جو بايدن تدرس سبُل تزويد أوكرانيا بمزيد من المعدّات الدفاعية، والطرق التي يمكنها من خلالها مواصلة تدريب الجنود الأوكرانيين خارج أوكرانيا، حتى لو سقطت الحكومة في كييف.
جاء ذلك في وقت ذكرت فيه مجلّة «فورين بوليسي» أن واشنطن تناقش خططاً لدعم المقاومة الأوكرانية المسلّحة، الأمر الذي يؤكّد المخاوف الأميركية من أن الجيش الأوكراني قد ينهار، في ظلّ هجوم من عشرات الآلاف من الجنود الروس. ولكن، بحسب مسؤولين ومساعدين في الكونغرس، فقد احتدم النقاش في داخل الإدارة بهذا الشأن، إذ أعرب بعض المسؤولين عن حذرهم من أن تسليح المقاومة الأوكرانية خلال حرب نشطة، يمكن أن يجعل الولايات المتحدة، من الناحية القانونية، متعاونة في حرب أوسع مع روسيا، ويصعّد التوتّرات بين القوّتين النوويتين. فضلاً عن ذلك، يعتقد بعض المساعدين في «الكابيتول»، بأنه يجب على بايدن أن يسعى للحصول على موافقة من الكونغرس، قبل إرسال أسلحة ومساعدات عسكرية أخرى إلى القوات الأوكرانية. وإذ أفاد بعض المسؤولين بأن مجلس الأمن القومي لا يستبعد خطط وزارة الدفاع الأميركية لتسليح الأوكرانيين، فقد أشاروا إلى أنه يطرح أسئلة بشأن كيف ومتى سيتمّ تسليم المساعدة، وما هي الصلاحيات القانونية التي يمكن لواشنطن استخدامها للقيام بهذه المهمّة، ولماذا قد يحتاج الأوكرانيون إلى الأسلحة. وإلى الآن، قدّمت إدارة بايدن أكثر من 600 مليون دولار كمساعدات عسكرية دفاعية لأوكرانيا، منذ أن بدأت روسيا بالتعزيزات العسكرية، في عام 2021. أميركيّاً أيضاً، اعتبر وزير الخارجية، أنطوني بلينكن، أن الرئيس الروسي وضع نصب عينيه دولاً أخرى، بالإضافة إلى أوكرانيا. وفي حديث إلى شبكة «سي بي إس»، قال: «لستَ بحاجة إلى معلومات استخبارية لتخبرك» بأن إنشاء اتحاد سوفياتي جديد، هو «بالضبط» ما يريده بوتين، مضيفاً: «لقد أوضح أنّه يودّ إعادة تشكيل الإمبراطورية السوفياتية». وأشار الوزير الأميركي إلى أن بوتين «بخلاف ذلك، يرغب في إعادة تأكيد مجال نفوذه حول البلدان المجاوِرة، التي كانت ذات يوم جزءاً من الكتلة السوفياتية».

موسكو تتطلّع إلى ما بعد الحرب: نحو إحياء مشروع «نوفوروسيا»؟

موسكو | انقضى يوم إضافي من العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا، على وقع التقدُّم الميداني والرسائل السياسية الخارجة من موسكو. الرئيس فلاديمير بوتين، أبدى خلال اتصال هاتفي مع نظيره الصيني، شي جين بينغ، بناءً على الإشارات الواردة من كييف، استعداده لإرسال وفد إلى مينسك لإجراء مفاوضات مع ممثّلي أوكرانيا. ولفت الكرملين إلى أن بوتين أوضح أن «الغرض من العملية هو مساعدة الجيش في جمهوريتَي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتَين، بما في ذلك من خلال نزع السلاح من أوكرانيا. وهذا، في الواقع، جزء لا يتجزّأ من الوضع المحايد». وبيّن أن الوفد الروسي سيضمّ ممثّلين عن وزارة الدفاع ووزارة الخارجية وإدارة الكرملين. كذلك، برزت دعوة الرئيس الروسي الجيش الأوكراني إلى أخذ زمام الأمور والسيطرة على السلطة، على اعتبار أن لدى روسيا فرصة أفضل للتفاهم مع الجيش.

في هذا الوقت، واصلت موسكو توضيح الأسباب التي دفعتها إلى بدء عمليتها؛ فالهدف «ليس احتلال الأراضي الأوكرانية»، إنّما «نزع السلاح من أوكرانيا» وفقاً لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف. وأكد لافروف أن «روسيا ستضمن نزع سلاح أوكرانيا»، مشيراً في ذلك إلى تهديد كييف بالحصول على أسلحة نووية والانضمام إلى حلف «الناتو». أمّا عن الخيارات المقبلة، فقال لافروف إن موسكو مستعدّة «لإجراء مباحثات فور تخلّي قوات كييف عن سلاحها». كما دافع بأن بلاده تعمل على «اجتثاث الطابع النازي من دوائرها الرئاسية»، داعياً «شعب أوكرانيا إلى أن يختار رئاسته بشكل ديموقراطي بعد تحرّر بلاده من النازية». بدوره، أوضح رئيس الاستخبارات الخارجية الروسي، سيرغي ناريشكين، أهداف العملية، مؤكداً أن روسيا أُجبرت على أن تدافع عن نفسها وعن حلفائها، مشدّداً على أنها «لم تكن لتسمح بأن تتحوّل أوكرانيا إلى خنجر في يد واشنطن». وجزم ناريشكين أن الهجوم «سيؤدي إلى استعادة السلام في أوكرانيا في وقت قصير، ومنع نشوب صراع عسكري محتمل على نطاق واسع في أوروبا».
أمّا على الصعيد العسكري، فواصل الجيش الروسي تحييد الأهداف العسكرية الأوكرانية. وعلى وقع استمرار القصف الروسي، رفض الكرملين الحديث عن السقف الزمني المتوقّع للعملية. ووصل الجيش الروسي، أمس، إلى حدود العاصمة الأوكرانية كييف، في حين يحاصر مدناً أخرى. ويَظهر من طبيعة مجريات الميدان، وتحديداً بعد عملية الإنزال الناجحة في منطقة مطار غوستوميل في ضواحي كييف، أن الجيش الروسي يريد قطع أيّ اتصال للعاصمة مع الغرب الأوكراني، وهو ما أكدته وزارة الدفاع الروسية. ووفقاً للخبراء العسكريين الروس، فقد عمدت موسكو إلى تحييد سلاح الجوّ الأوكراني كلّياً، وهو ما أدى إلى إضعاف قدرات الجيش. كذلك، يعمل الجيش الروسي والقوات الشعبية لـ«جمهوريتَي» دونيتسك ولوغانسك على تحييد قدرات القوات البرّية الأوكرانية، التي لم تُستهدف مباشرة في اليومين الماضيين.

قال لافروف إن موسكو مستعدّة «لإجراء مباحثات فور تخلّي قوات كييف عن سلاحها»

وبحسب المحلّل العسكري في صحيفة «إزفيستيا»، أنطون لافروف، فإن نحو 60 ألف جندي من القوات المسلحة الأوكرانية يتواجدون على طول خطّ المواجهة الحالي في دونباس، وهو ما يعادل نحو نصف إجمالي الإمكانات العسكرية الأوكرانية. ورأى لافروف أن سلاح الطيران سيبقى عنصراً مهمّاً للغاية، لأنه «حتى الآن، لا تزال إمكانات المقاومة لدى الجيش الأوكراني بعيدة عن أن تُستنفد»، إذ «لم تُضعف الضربات على مرافق البنية التحتية من الإمكانات القتالية للقوات البرّية التي لم تتكبّد خسائر كبيرة على عكس القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي». ولفت إلى أن «الجيش الروسي يعمل على حسم المعركة سريعاً»، معتبراً أن «أهمّ مهمّة الآن هي أن يتجنّب الجيش الانجرار إلى معارك المدن لكلفتها الباهظة على القوات المهاجمة والمدافعة والمدنيين». وشدد على أنه «من أجل إنهاء الصراع بسرعة، من المهمّ كسر معنويات العدو»، إضافة إلى ضرورة أن تقتنع السلطات في كييف في أسرع وقت ممكن، بعدم «جدوى المقاومة والجلوس إلى طاولة المفاوضات». وفي السياق نفسه أيضاً، يبدو أن الجيش الروسي يضع في حساباته ضرب قدرات القوات الخاصة الأوكرانية التي أثبتت في أكثر من محطّة أنها تشكّل تهديداً خطيراً، خصوصاً في ظلّ احتمال تحوّل بعضها إلى مجموعات سرّية تعمل ضدّ الروس.
أمّا عن المرحلة المقبلة من المعارك، فوفق المراقبين الروس، يمكن أن تعمل موسكو على إحياء مشروع «نوفوروسيا»، وهو مشروع اتحاد كونفيدرالي بين «جمهوريتَي» دونباس و5 مناطق أوكرانية بينها أوديسا. ويوضح الخبراء أن ذلك يعني أن يعمل الجيش الروسي على السيطرة على المنطقة الممتدّة من ماريوبول حتى أوديسا، وهذا ما يؤدّي مباشرة إلى عزل أوكرانيا عن بحرَي أزوف والأسود، بحيث تتحوّل إلى جيب برّي فقط. ويشير الخبراء إلى أن السيناريو المشار إليه سيُمكّن روسيا من الوصول إلى جمهورية مولدوفا بريدنيستروفيا، وهو ما يُعدّ بالتأكيد مفيداً لموسكو، كونه سيسمح بإغلاق الملفّ الأوكراني بشكل نهائي.

أيّ ردّ على العقوبات؟
أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن موسكو ستردّ على العقوبات الغربية الجديدة وفق مبدأ «المعاملة بالمثل». وقال بيسكوف إن موسكو تدرس العقوبات الجديدة للردّ عليها بالمثل، والهدف من ذلك تحقيق المصالح الروسية الخاصة. بدورها، أكدت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي، فالنتينا ماتفيينكو، أن بلادها استعدّت جيّداً للعقوبات المعلَنة، وجّهزت جميع الإجراءات الوقائية.

من ملف : أوكرانيا وحيدةً: نريد التفاوض



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2184665

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف الأعداد  متابعة نشاط الموقع العدد 7 السنة 11   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2184665 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40