أنا عميد الحكّام العرب.
أنا أبو الكتاب الأخضر وأبو الشعب وأبو الفتيات المسلّحات.
أنا حاربت في 1967، وأفنيت عمري في القتال.
أنا الذي، أيضاً، أخذ استراحته الأخيرة في شرم الشيخ.
أنا الذي طار في الليل من تونس بتذكرة «One way».
أنا الحارس الأمين على الحزب، أنا الحزب.
أنا الذي ركب القطار .. «فاتكم القطار، فاتكم القطار».
أنا الشعب، أنا مجلس الشعب.
أنا البرلمان.
أنا الصالح وأنا الأصلح للماضي والحاضر والمستقبل.
أنا تركت كرسي الحكم وسكنت في الخيمة.
أنا فهمتكم، فهمت العاطل والبطال والعامل.
أنا جلست على صدوركم 30 شتاء بارداً.
أنا جلست على قلوبكم 40 خريفاً مظلماً.
أنا فتحت الحدود للنحل.
أنا تركت القات .. لا وقت للقات.
أنا في بيروت، أنا هدمت بيت العنكبوت.
أنا في إقليم الدولة، أنا المقاطعة أنا الممانعة.
أنا الاعتدال.
أنا السلام وطائر الحمام.
أنا الجميل من أجلكم، أنا الوسيم من أجلكم .. أنا الشاب.
أنا الذي هرب.
أنا صاحب الرداء الفضفاض، والألوان الزاهية المزركشة.
أنا الطاووس . . طاووس إفريقيا وملك ملوك إفريقيا.
أنا نثرت عليكم بركاتي .. أنا المبارك المبروك.
أنا طبخت لكم الحصى.
أنا صنعت لكم نهراً أخضر، ودموعاً خضراء.
أنا أركبت السلام على عربة في وادٍ غير ذي زرع.
أنا وضعت الخنجر على صدوركم.
أنا رميت عهد الحرب في سلة المهملات.
أنا قذفت بكم إلى البحر وإلى الصحراء.
أنا أصلحت الجبل والغراب والسلاح .. لكن أفسدني الدهر.
أنا الذي أخذت بيدكم قبل أن يأكلكم الثعلب والأسد.
أنا الذي مبارك كلامي ومبارك مالي وشعبي ونهري.
ذلك مقطع من «الأنا» العربية المتضخمة. إنها «أنا» واثقة بنفسها. تنطلق من نظام وتعتمد على نظام. «أنا» مباشرة وصريحة ومكشوفة. «أنا» يتفرج عليها العالم وينتظر، ولكنه بين الفرجة والانتظار .. يضحك.
بعض «الأنوات» العربية هذه جعلتنا فرجة .. وخبراً عاجلاً مسيلاً للدموع.