الجمعة 15 كانون الأول (ديسمبر) 2017

ماذا لو أعلنا واشنطن عاصمة فلسطين؟

الجمعة 15 كانون الأول (ديسمبر) 2017 par د.أحمد القديدي

طبعا سوف يبتسم بعض القراء لهذا العنوان! لولا أن فداحة الفاجعة العربية والإسلامية تمنع الابتسام في عصر غريب لم نكن نتوقع أن نعيشه! لكن صدقوني يمكن للعرب أن يعلنوا أن واشنطن هي العاصمة الأبدية لشعب فلسطين ولدولته القادمة، وبحجج أقوى من المنطق المهلهل الهزيل الذي استعملته الإدارة الأميركية وإسرائيل لإعلان القدس عاصمة أبدية للدولة العبرية؛ لأن كلا من أميركا وإسرائيل بررتا هذه الفرية بالاعتماد على الأساطير وبعض البراهين الخرافية الموغلة في التاريخ فقط! أما نحن حين نعلن واشنطن عاصمة لفلسطين فنعتمد على حقائق التاريخ حتى ولو كانت بعيدة. أشرح لكم كيف؟ أثبت بعض المؤرخين أن كريستوف كولمبس الذي نزل بالسواحل الأميركية في 12 أكتوبر سنة 1492 استعمل في رحلته البحرية الخرائط الجغرافية التي رسمها الجغرافي الإيطالي (باولو توسكانيلي) وهي من القرن الرابع عشر لكنها نقل كامل من خرائط محمد بن عبدالله الإدريسي القرشي الهاشمي الشهيرة التي رسمها صاحبها العربي المسلم في القرن الثاني عشر باعتراف (توسكانيلي) نفسه والإدريسي هو الرائد في تعريف أوروبا بالخرائط وأحد صناع النهضة الأوروبية؛ أي أن العلم العربي هو الذي قاد كولمبس إلى العالم الجديد والذي لم يكن جديدا بالمرة؛ لأن سكانه الأصليين موجودون منذ آلاف السنوات وتمت إبادتهم على أيدي الغزاة البيض! تدليس قديم أيضا للتاريخ وللجغرافيا وسابقة لقرصنة القدس! ثم نذكر أيضا بأن بعض علماء الآثار من البريطانيين اكتشفوا في سبعينيات القرن العشرين أن بحارة العرب سبقوا كولمبس بقرن كامل ونزلوا بسواحل (الكاراييب) بل وأسسوا بعض المساجد وتركوا بعض الكتابات باللغة العربية على صخورها! وأغلب الظن أن نسلهم انقطع في نفس ظروف الاستيطان الأبيض للقارة الأميركية أي بالإبادة والتطهير العرقي. وبنفس المنطق بمكن للعرب المطالبة بإسبانيا لأن أجدادهم حكموها لثمانية قرون، بينما يدعي غلاة اليهود أن أجدادهم حكموا فلسطين لمدة قرن واحد، بينما اسم الفلسطينيين هو الأصح تاريخيا لأنه سليل (الفيليستان) أي الشعب الذي كان يعيش في فلسطين التاريخية والتي تشهد خرائط 1947 أنها مدرجة بكل أرضها في القواميس والموسوعات تحت اسم فلسطين! يكفي أن تدخل إلى (جوجل) وتكتب عبارة خريطة فلسطين لتكتشف أن لا خريطة تذكر لما يسمى إسرائيل واعترف العرب بحكم الواقع رغم كل هذا التدليس، بل انخرطوا في مسيرة السلام وتنازلوا عن 80% من أرضهم! وضحك عليهم الإسرائيليون وراعي السلام! والتاريخ الحديث معروف بتسلسل المحطات الأساسية تحت ضغوط القوة وحدها لا بالقانون ولا بالحق، وسبق أن كتبت بأن تاريخ الدولة اليهودية يخط حسب مسلسل الرقم 7 المقدس عند اليهود، كما يشير شمعدانهم. ففي سنة 1897 تأسس مشروع الدولة اليهودية مع كتاب منظرهم (ثيودور هرتزل) في مدينة بازل السويسرية وفي عام 1907 انتظم أول مؤتمر لنخبة اليهود في لندن وفي سنة 1917 صدر وعد بلفور، وفي سنة 1927 أول مؤتمر لرجال المال والمصارف اليهود في زوريخ، وفي سنة 1937 أنهت العصابات الصهيونية ثورة عز الدين القسام، وفي سنة 1947 تأسست دولة إسرائيل، وفي سنة 1957 أنشأت فرنسا للدولة العبرية أول مفاعل نووي في ديمونة، وفي سنة 1967 حرب الأيام الستة واحتلال سيناء والجولان وبيت المقدس، وتتواصل السبعات متتالية إلى 1977 بداية مخطط كامب ديفيد وخطاب السادات في الكنيست مؤذنا بتحييد مصر عن الصراع، وفي سنة 1987 أول اعتراف من منظمة التحرير بدولة إسرائيل وصولا إلى 1997 حيث صنفت دولة إسرائيل القوة الأكبر في الشرق الأوسط، وغالبا ما سألني طلابي خلال العشرية الماضية: ماذا تتوقع يا دكتور لعام 2017؟ وها هو الجواب الصادم يأتينا من الرئيس الأميركي المهزوز (ترامب) بقرصنة سافرة لبيت المقدس كلها، وهي مدينة الديانات الكتابية الثلاثة، وهذا القرار يشكل الحل النهائي (حسب حساباتهم) للقضية الفلسطينية مثلما تصور (أدولف هتلر) الحل النهائي لقضية اليهود بإبادتهم ولم يفلح!
المشكلة اليوم تتمثل في المأزق الذي يعترض مشروع (ترامب ـ نتنياهو) وهو أنه يتناقض تماما مع الشرعية الدولية ويفتح أبواب التطرف بعد إيصاد أبوب السلام؛ أي أنه يزج بالعالم كله في حرب الأديان والمعتقدات، وهو ما تكهن به الكاتب الفرنسي الكبير (أندريه مالرو) حين قال بأن القرن الحادي والعشرين سوف يكون قرن تصادم الأديان! والعالم يشهد أننا نحن المسلمون لم نشن حرب الأديان ولا نقبلها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 104 / 2160596

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2160596 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010