الأحد 22 نيسان (أبريل) 2012

غونتر غراس مرة أخرى

الأحد 22 نيسان (أبريل) 2012 par يوسف أبو لوز

لم تنته العاصفة التي أطلقها الروائي والشاعر الألماني غونتر غراس صوب الكيان «الإسرائيلي» الذي مازال يتحسس رأسه من حجر صاحب نوبل، الذي نطق بكلمة حق هي بالنسبة للوبي الصهيوني بمثابة صفعة غير متوقعة.

لم تنته «مغامرة» غراس وستكون تداعياتها السياسية والثقافية أكثر مما نتوقع، فربما ينطق آخرون من كتّاب العالم الكبار بمثل جرأة الروائي الأشهر في ألمانيا وربما في العالم كله أما بعض الكتاب العرب الكبار المحشوة آذانهم بالطين فلن نتوقع منهم شيئاً جرياً على المثل الشعبي «الحيط الحيط ويارب السترة»، ولكن هذا «الحيط» المائل سينهار ذات يوم لتبدو صورة هؤلاء عارية تماماً في الهواء غير الطلق.

ما علينا، سنعود مرة ثانية إلى غراس الذي خرجت عشرات المظاهرات المؤدية له في المانيا، ونقول، إن قصيدته التي أغضبت «إسرائيل» قد تكون أغضبت أيضاً بعض القيادات الفلسطينية التي ربما لولا الحياء لخرجت تقول : «ومالك أنت يا غراس؟»، ما شأنك بالفلسطيني، اتركنا في حالنا، حال التفاوض الميت والانقسام الحي.

نعم، هناك بعض الفلسطينيين، سياسيين وكتّاباً ومثقفين، من أحس بالحرج من عاصفة غراس التي أطاحت القبعات من على رؤوسهم، وإلا لماذا لم يخرج سياسي فلسطيني «كبير» وصغير ليقترح منح هذا الروائي الألماني الجريء الجنسية الفلسطينية لتكريمه، لماذا لم تذهب دوائر سياسية وثقافية فلسطينية وعربية إلى دعوة غراس والاحتفاء به وتقديم الشكر له على هذا الموقف العالمي الكبير؟

عندما كان ياسر عرفات محاصراً في مقاطعته في رام الله قام عدد من كتّاب العالم الكبار ومنهم من هو حائز نوبل بزيارة الرئيس الذي بقي صامداً في مكانه حتى فتك به السم الذي لا يعرف اسمه وصانعه حتى الآن، وبقيت زيارات أولئك الكتاب العالميين للرئيس الراحل مجرد حدث عابر لدى الكثيرين من السياسيين والمثقفين الفلسطينيين، وكأن التضامن الثقافي العالمي مع قضية الفلسطيني أمر زائد عن الحاجة.

لا نعرف كيف نحافظ على أصدقائنا، ولا نعرف كيف نحبهم، ذلك بأن بعض الفلسطينيين السياسيين على وجه الخصوص لا يعرفون كيف يحبون بلادهم وشعبهم، وهي حالة مرضية للأسف نطرح تشخيصها على الأرض مباشرة من دون حاجة إلى أي اجتهاد سياسي أو ثقافي.

غراس بهذا المعنى فلسطيني أكثر من بعض الفلسطينيين، وذلك عندما يتجاوز المثقف جغرافيته السياسية ويصبح كائناً عالمياً، أو عندما تتحول فلسطين ذاتها إلى جزء كبير من العالم.

هل ضاع الوقت على تكريم غراس في فضاء ثقافي فلسطيني يحترم الآخر ويصغي إليه، أم أن هناك بعض الوقت المتاح لهذا التكريم؟

الإجابة ليست في بطن الشاعر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165856

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165856 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010