الأحد 20 شباط (فبراير) 2022

القدس العربي:من هو أبو الحمص الذي يواجه بن غفير ويؤجج حماس المقدسيين في الشيخ جراح؟

الأحد 20 شباط (فبراير) 2022

القدس ـ «القدس العربي»: يمكنك أن تسأل أي مقدسي عن الناشط محمد أبو الحمص ليكون الرد سريعا وبحماس «مين ما بعرفه، إنه يمشي على عكازات.. ومجنن حكومة الاحتلال».

ما صنع هذه المعرفة الواثقة بهذا المقدسي كبير السن الذي يبلغ من العمر 56 عاما هو أنه ولفترة طويلة جدا من الزمان يعتبر جزءا من أي حراك أو احتجاج أو تظاهرة في مدينة القدس المحتلة.
خلال الأسبوع الماضي حضر الناشط محمد أبو الحمص متحديا الشرطة الإسرائيلية وحكومة الاحتلال والمستوطنين وعلى رأسهم النائب في الكنيست الإسرائيلي المتطرف ايتمار بن غفير، عندما أحضر مكتبا بسيطا ووضعه قبال مكتبه وخيمته.
ورغم كل محاولات طرده ومصادرة مكتبه والتهديد باعتقاله وضربه إلا إنه يستمر بالتواجد والبقاء في الحي متحديا الجميع ومذكرا بأن الكبار يقامون ويبدعون أيضا.
وشهد الحي الشهير الذي عاد خلال الأسبوع الماضي وتحديدا الجزء الغربي منه الذي تتواجد فيه عائلة سالم ليكون في عين الحدث مع توافد جماعات المستوطنين إليه والعمل على طرد عائلة سالم منه وهو ما أعاد للمكان المهدد بالتهويد جذوة النضال من جديد. وتعتبر قضية الشيخ جراح واحدة من قضايا الصراع المركزية في الصراع مع الاحتلال حول حسم السيادة على مدينة القدس.

أيقونة ورمز بمواصفات خاصة

أجرت «القدس العربي» حديثنا مطولا مع أبو الحمص الذي أصبح أيقونه الفعل النضالي المقدسي، ورغم أنه ينتمي إلى جيل المناضلين الأوائل (أي فترة الانتفاضة الأولى 1987 وما بعدها) إلا أنه امتداد لنفس نضالي قديم وعناد قادمين من انتفاضة شعبية نال شرف المشاركة في فعالياتها، فنال حكما بالسجن ثماني سنوات.
وهو بهذه الرمزية التي تقدمها حالته النضالية يوازي ويعادل أيقونات المقاومة الشباب أمثال منى ومحمد الكرد اللذان نبع نجمهما خلال هبة القدس في شهر أيار/مايو من عام 2021.
وأينما يصل أبو الحمص ويتواجد فإن حالة من الحماس تدب في صفوف الشباب المحتجين، ومع مجرد وصوله بعكازتيه، اللتين تدللان على حالته الصحية، يبدأ التصفيق الحار والتصفير والفعل الحماسي.
سألنا عن مصدر نفسه الطويل (حيث بدأت مشاركاته النضالية منذ عام 2007 وحتى الآن من دون ملل أو كلل) فقال ببساطة: هذا «النفس من عند ربنا، صعب أشرح لكم».
ويعيش أبو الحمص ابن بلدة العيساوية المقدسية حيث يقيم، والتي لا تبعد عن حي الشيخ جراح الذي يتواجد فيه بشكل دائم ويضع مكتبه الذي تتم مصادرته يوميا ما بين 7 – 10 دقائق، يقول: «حسب، الأمر مرتبط بأزمة السيرة في الطريق».
ويعيش مع عائلة مكونة من زوجة وأربعة أطفال (بنتان وابنان) وهو من مواليد 5/2/1966.

البداية وسجل حافل من التهم

كانت بدايات أبو الحمص، كما يخبرنا، من الانتفاضة الأولى حيث اعتقل خلالها ووجهت له مجموعة كبيرة من التهم من ضمنها حرق 15 سيارة للاحتلال، وقذف المولوتوف على جنود الاحتلال ودورياته، والتحريض وتنظيم المظاهرات والفعاليات، وحرق محطة بترول ومنتزه للمستوطنين وهو ما جعل المحكمة الإسرائيلية تحكم عليه بالسجن 8 سنوات.
السجين السابق الذي أبعد وضرب وتم توقيفه أكثر من 200 مرة، كان يعمل «موسرجيا» لكنه وبفعل إصابته التي أكسبته إعاقة في الحركة جعلته يعمل على سيارة لنقل الطلبة من بيوتهم للمدارس في بلدة العيساوية.
وتمنحه الإعاقة ما يشبه الحصانة القانونية تجعل من اعتقاله مسألة صعبة لكنها لا تجنبه الضرب أو التوقيف أو حتى الإصابة بالرصاص المعدني والغاز المدمع حيث تجده دوما في أماكن المواجهات والاشتباكات، كما أنه خضع لمجموعة كبيرة من قرارات الإبعاد التي يعتبرها العقوبة الأكبر التي يمكن ان تقع عليه لكونها تبعده عن المكان الذي يحب وينتمي. ولدى أبو الحمص عناده و«جكره» الخاص كما يقول، وهي صفة ترتبط به شخصيا مذ كان شابا يافعا. وكي يدلل على ذلك يشرح لنا قصة إبعاده أواخر عام 2020 عندما صدر أمر إبعاده 19 يوما عن العيساوية حيث يؤكد أنه لم يرغب أن ينفذ القرار من دون أن ينغص على الاحتلال فعله.
يشرح مضيفا: «شغلت نظام تحديد المواقع الجغرافي الجي بي أس، لمعرفة حدود العيساوية بالضبط وعندما أظهرني النظام خارج البلدة بالضبط توقفت بالسيارة وقررت الإقامة في تلك النقطة حيث أمضيت الفترة نائما وقائما بالسيارة».
ويؤكد أن ضباط الاحتلال كانوا يأتون لاعتقاله بتهمه مخالفة قرار الإبعاد «ليكتشفوا أنني أقف في مكان قانوني، على طرف البلدة تماما» وهو ما كان يمنحه فرصة لزرع الغضب على وجوههم.
ويقول: «كان ضابط المخابرات يقول لي أبو الحمص الإبعاد يعني ان تذهب لأي مكان تريده، روح ع تل أبيب، روح على البحر روح وين ما بدك بس روح من هون. وكنت أرد عليه أنني مرتاح في مكاني وضيوفي وفي سيارتي وبالقرب من مدينتي».

مكتب أبو الحمص

إعلاميون يتواجدون في المكان يؤكدون أنه من الواضح أن بن غفير يضع أبو الحمص في مجال نظره، ويستمر بإسماعه أحاديث واتهامات ويصفه بصفات مثل إرهابي ومجرم، لكن وفي مقابل ذلك يضع أبو الحمص بن غفير في رأسه أيضا.
وقام بن غفير بعمل تصميم بوستر تحريضي لأبو الحمص كتب عليه «المخرب».
حيث قام بجلب مكتب بسيط ووضعه مقابل مكتب المتطرف بن غفير في دلالة التحدي وهو ما يغضب شرطة الاحتلال التي تصادر مكتبه بشكل شبه يومي.
سألناه: لماذا المكتب؟ فرد قائلا: «لماذا يصادرونه إذا؟ إنه مكتب رمزي ليس إلا».
وعلى سطح المكتب البسيط جدا يضع أبو الحمص ضمة ورد ملون يغلب عليها اللون الأصفر حيث تبدو مقطوعة من حديقة مجاورة.
ويؤكد: «انا صاحب أرض وحق، فكرت بأن المكتب سيكون بمثابة مقارعة و(جكارة) بالاحتلال، كما أنه يهدف إلى إسماع صوتي».
وغالبا ما يردد أبو الحمص كلمات مثل: «الله أكبر» و«القدس عربية» و«أنت قاتل وعنصري ومتطرف» (يقصد بن غفير) وهو ما جعل الشرطة الإسرائيلية تصدر قرارا تمنعه من ترديد «الله أكبر» وهو ما وثقته كاميرا نشطاء فلسطينيين تواجدوا في المكان.
وادعت الشرطة أن «الله أكبر» تسبب لهم الإزعاج أثناء عملهم في حماية المستوطنين.
وطلب أبو الحمص من أعضاء كنيست فلسطينيين أن يجلبوا مكتبا لهم في المنطقة (حي الشيخ جراح الغربي) لكنه يأسف لعدم استجابتهم لفعل ذلك رغم كونهم يزورون المكان بين فترة وأخرى.
ويؤكد: «جلب مكتب لعضو كنيست عربي مفيد، حيث يجعل الأمر قانونيا لكون عضو الكنيست يمتلك حصانة».

العلم رمز تحدي

ويرتبط أبو الحمص بقصة علم فلسطين الذي يصر على رفعه في كل أماكن الاحتجاجات وهو ما يغيض الجنود الذين يعتدون عليه بالضرب لنزعه منه بالقوة.
ويقول: «نادرا ما تمكنوا من مصادرة العلم مني، رفعه يزعجهم للغاية».
ويشير إلى أنه بعد عام 2018 (بعد فترة نقل السفارة الأمريكية للقدس في عهد ترامب) أصبح رفع العلم مزعجا لهم بشكل كبير حيث يعتبرون رفعه غير قانوني.
سألنا أبو الحمص: هل تخاف عائلتك عليك؟ ألم يضغطوا عليك للبقاء في البيت؟ فأجاب ضاحكا: «بلى، فعلوا ذلك، لكنهم يعرفون أنني أقوم بواجبي الديني والوطني».
ويضيف: «عرس ابنتي بعد أسبوعين تقريبا وهي تقول لي أن أبقى بالبيت كي لا يحدث لي أي مكروه، أتفهم طلبها لكني أخبرها ستدبرون أموركم حتما».
ويضحك مرة ثانية ويسرد علينا قصة عيد ميلاد زوجته الذي مر قبل أيام، «عدت إليها الساعة 11 ليلا من الشيخ جراح، يد ورا ويد قدام، كما يقال، من دون أي هدية أو ورد أو شوكلاته».
ويستمر بالحديث عن عائلته ونفسه، «بتاريخ 5 شباط/فبراير كان عيد ميلادي، قالت العائلة اقعد بالبيت وتعال نحتفل فيك، عدت لهم فعلا بعد أن ضربني الجنود وكسروا سني حيث تورم فمي».
في رصيد أبو الحمص الكثير من الأنشطة النضالية في القدس وهي لا تتوقف عن حدود المدينة التي يعشقها، حيث شارك في فعاليات مناهضة للاحتلال في جنوب الخليل، وكذلك الأغوار الشمالية.
ويؤكد أن ما يدفعه لما يقوم به هو «أمر رباني، أنا مؤمن بالقضية، والعمل لوجه الله، إن كتب الله لي الشهادة فهذا خير وشرف، وإن اعتقلت فربي سيلطف بي». ويؤكد أنه سيستمر حتى دحر الاحتلال أو أن يأخذ الله أمانته.
بقي أن نقول إن أبو الحمص يعتبر أيقونة ومصدرا للنضال اليومي في المدينة المحاصرة لكن ما لا يدركه إلا من يتواجد إلى جواره هو أنه يفعل كل ذلك ممتلكا قدرة عالية على إضحاك الآخرين، إنه جوه الخاص الذي لا يسد مكانه أحد.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2184624

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف الأعداد  متابعة نشاط الموقع العدد 6 السنة 11   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2184624 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40