سأل صديق عن الفرق بين معاملة “إسرائيل” لفلسطينيي الضفة وغزة من جهة، ومعاملتها لفلسطينيي المناطق المحتلة عام 1948 من جهة ثانية . لم تمر بضع ساعات على سؤال الصديق العربي حتى ورد نبأ عن تظاهر سكان بلدة عارة وسط المناطق المحتلة عام ،1948 تضامناً مع ابنة البلدة المعلّمة والمربية رلى ملحم التي سحلها أفراد شرطة الاحتلال أمام تلاميذها، لتنشب بسبب ذلك مواجهات بين التلاميذ وشرطة الاحتلال، في حين أن مدرسة أبوغوش في القدس، حيث كانت تعمل المعلمة، وكذلك مدارس بلدة عارة أطلقت حملات احتجاجية على ذلك السلوك العنصري الإجرامي .
الفلسطينيون الذين بقوا على أرضهم منذ عام 1948 يواجهون معاناة لا تقل عن معاناة أشقائهم في المناطق المحتلة عام ،1967 بل تزيد عنها وتتجاوزها في بعض المجالات، وبخاصة في مواضيع الإقامة والسكن . فالفلسطيني في يافا وحيفا واللد وصفد والرملة والقدس بشطريها المحتلين عامي 1948 و،1967 لا يستطيع أن يبني منزلاً أو يوسع منزلاً قائماً أو حتى يرمّمه، إلا إذا حصل على ترخيص من سلطات الاحتلال، أما الحصول على هذا التصريح فهو أشبه بحصول الفلسطينيين على اعتراف “إسرائيلي” بحق العودة .
هذه السياسة “الإسرائيلية” العنصرية لا تقتصر على التعامل مع الفلسطيني كفرد، بل كمجموع يشكّل امتداداً لشعب محتل، حيث تطال العنصرية كل المنظمات والمؤسسات المجتمعية والخدمية في الداخل، ومنها أن المجالس المحلية تحصل على أقل من عشرين في المئة من الميزانية التي تحصل عليها المجالس اليهودية . وفي شأن المعاملة اليومية مع الفلسطينيين، لا تبدو مظاهر القهر والتمييز والاستيلاء على الأرض والتضييق على سبل العيش، أمراً غريباً في كيان يمارس التمييز العنصري بحق مجتمع المستوطنين أنفسهم على أساس عرقي، ويقسمهم إلى غربيين “اشكناز”، و“سفراديم” وأفارقة “فلاشا”، حيث يظهر جلياً التمييز الطبقي المعيشي بين هذه التقسيمات الثلاث . وقد أكدت تجارب العقود السبعة منذ اغتصاب فلسطين ان كل التبريرات التي ساقها البعض من فلسطينيي الثمانية والأربعين للدخول في “الكنيست”، لم تغيّر من الواقع شيئاً، لكنها كانت مطيّة لبعض رموزهم القيادية التي عملت على مد جسور التطبيع بين الكيان والعالم العربي، قبل أن تتحوّل إلى أدوات بيد بعض الجهات لنشر الخراب والدمار في عدد من الدول العربية، خدمة لأسيادهم في “إسرائيل” .
لم يكن سؤال الصديق العربي، وغيره كثيرون، غريباً أو مستهجناً، إذ إن الكثير من أبناء الأمة العربية المطلعين على القضية الفلسطينية، يتعاطفون معها كقضية مبدئية من دون شعور بالحاجة لفهمها كتفاصيل، إضافة لكون الإعلام العربي غيّب بقصد أو بلا قصد هذه الشريحة التي تقترب من المليون ونصف مليون فلسطيني ممن ظلوا صامدين على أرضهم منذ نكبة عام ،1948 إضافة كذلك، إلى كون بعض الإعلام العربي تماهى مع تذويب هذه الشريحة تماماً باعتبارها جزءاً من كيان ثبّته مجاناً على خريطة فلسطين التاريخية، وعلى مرأى ومسمع من ملايين العرب، وملايين الأحرار في العالم المتضامنين مع القضية الفلسطينية، ومنهم من ضحى بروحه في سبيلها، في حين أن بعض الإعلاميين والمثقفين الفلسطينيين والعرب باعوا أنفسهم لأعدائها، وتحوّلوا إلى “روابط صداقة” على صفحات إعلامية صهيونية سوداء .
الجمعة 21 آذار (مارس) 2014
عنصرية “إسرائيلية” متأصّلة
الجمعة 21 آذار (مارس) 2014
par
أمجد عرار
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
15 /
2186814
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
20 من الزوار الآن
2186814 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 20