السبت 30 أيلول (سبتمبر) 2017

من خالد علوان لنمر الجمل : المقاوم قوميّ الإرادة

السبت 30 أيلول (سبتمبر) 2017 par هاني الحلبي

قيام البطل الفلسطيني المقاوم نمر الجمل، النمر الفلسطيني، أو نمر القدس، كما رغب بعضهم أن يُطلق عليه بحقّ، بتصفية 3 عسكريين من جيش الاحتلال اليهودي، قرب بوابة مغتصبة «هار ادار» المحاذية لبلدة قطنة شمال غرب مدينة القدس، بسلاح اقتنصه الشهيد من عسكر الاحتلال عام 2003، عمل جليل يشكل فارقاً في تاريخ العمل المقاوم في فلسطين المحتلة.

كل عمل مقاوم، بالنار، بالفكر، بالفن، بالثقافة، بالإعلام، بالاقتصاد، بالسياسة، بالاختراع،.. وبأية وسيلة متوافرة..، هو عمل جليل في سياق الحرب المقدسة الشاملة للتحرير الأكيد.

كل عمل له خطته، منطلقه، أداته، هدفه، ظروف تنفيذه، وتطوّع بطل/ة للارتقاء به من واقع ما إلى قداسة التاريخ التي تصنعه أرواح قادة أحياء شهداء، يحفرون بنقطة الدم، بنبضة القلب، بمقبض السكين وبضغطة الزناد وبنبض القلب وبإطلاق منشور في مواقع التواصل، هو قوام التاريخ الجديد.

وبهؤلاء القادة الشهداء الأحياء فقط نستعيد مبادرة كتابة تاريخنا. نؤرخ تأريخنا. نقطة وفاصلة، شهيداً شهيداً، جريحاً جريحاً، معوقاً معوقاً لاستئناف مواكب الضياء.

وحصيلة العمل المقاوم لا يقرّرها بطلُه عادة. لأنها حصيلة مؤشرات ومعطيات كثيرة تتضافر وتتداخل في مكان ما وفي توقيت ما، تسهم إلى هذا الحد أو ذاك بالنجاح ونسبته، أو بالفشل النسبي.. وفي أية حصيلة كانت، هناك ما يُضاف إلى سجل الفداء لأجل إحياء التحرير واستمرار رفده بنبض جديد ودم متدفق وخطط لا تكلّ، وبطولات لا تتوقف حتى تستعيد الأمة وعيها الكامل وتتجهّز للزحف المقدس، كأمة جديرة بالحياة والكرامة والانتصار.

تمكّن البطل النمر من إرداء 3 عسكريين مدجّجين بالسلاح وفي حال جهوزية قتالية مطلقة، وفي استعداد قتالي كافٍ، بقيامهم بحراسة بوابة مغتصبة «هار ادار»، وتوفّر وقت له لطعنهم بسكين بعد إطلاق النار عليهم،.. كلها مؤشرات إعداد نفسي وبدني وروحي في الأداء والتنفيذ واللياقة والاقتدار، لا يمكن المرور عليها بلفتة خاطفة.

وقرار منفذ العملية تاريخي حاسم، حسم إرادة الشاب ابن الـ 37 عاماً، رغم أنه أب لأربعة أطفال هم بحاجة ماسّة إليه، أباً حاضناً ومرشداً ورفيق حياة وسياج أمان. أمان افتقده أبناء فلسطين الشرفاء مع فرض الاحتلال أوزاره فحوّل فلسطين سجناً وحبوساً وقواويش وزنزانات عزلٍ وطرقاً التفافية ومغتصبات وحقولاً برسم المصادرة حسب خطط الاستيطان الشديد الشراهة.

بطولة كاملة ارتقى إليها، البطل نمر، فرفع رأس أسرته وبلدته بيت سوريك، التي ما إن أُعلن اسمه حتى داهمها عسكر الاحتلال وأغلق مداخلها للتفتيش والاعتقال والتوقيف.

الروحية التي اكتنزها فداء نمر الجمل، ليس فريداً بها، لكنّها جلية وبارزة وفاعلة، جعلت أعلى سلطة في كيان الاحتلال العدو تقول إنه يجب الاستعداد لبدء مرحلة مختلفة كلياً من العمل العسكري ضد الاحتلال وتصعيد المقاومة بأسلوب وحدّة وفاعلية جديدة كلياً.

هذه الفعالية نفسها تميّز به قرار تاريخي آخر، اتخذه بطل مقاوم وضع حداً لاحتلال ثاني عاصمة عربية في تاريخ الاحتلال، ودحرج طغيانه من أعلى ذروة بلغها ولم يتمكّن هذا الاحتلال من الثبات في قمة الذروة أكثر من أيام حتى أخذ يتراجع، فتوسَّل أهل بيروتألا يطلقوا النار عليه «لأننا راحلون»، فأطلق البطل علوان بدء التحرير بالمقاومة.

قرار البطل القومي خالد علوان، الذي أحيا حزبه السوري القومي الاجتماعي أول أمس الخميس، الذكرى الـ35 لعمليته في مقهى الويمبي في شارع الحمراء في بيروت في 24 أيلول 1982، وأردى فيها برصاص مسدسه الشخصي 4 ضباط من عسكر الاحتلال رفضوا الدفع لنادل المقهى إلا بالشيكل «الإسرائيلي» الذي لم يقبل به، فتقدّم في هذه اللحظة البطل خالد وسدّد الحساب لهم، بالرصاص القومي فأرداهم قتلى بلحظة بهية من تاريخنا، مؤكداً أن لا شيء يمكن أن يوقفنا إن قرّرنا، وأن أمسكنا زمام القتال بأنفسنا وأيدينا ولم ننتظر غيرنا ليقاتل عنا، كما في حربين عالميتين كان «سياسيونا» ينتظرون حقوقنا من فتات موائد فرساي أو يالطا، فإذا بها تشلعنا وتفتتنا ونحن نادبون حظنا العاثر، ولا مَن يسمع بين الدول الصمّاء شكاوى الضعفاء الغافلين. فإن كان لنا حق قومي فلا يمكن أن تحميه في معارك التسويات الدولية إلا قوة قومية واعية فاهمة قاصدة منظَّمة منظِّمة مُريدة بأكثرية كافية.

وكما بعد كل عمل مقاوم، كانت أبواق الاحتلال وأعوانه وعسسه وظلاله، الذين لم يتعدّ ثمنهم أكثر من ثلاثين من قطع النقود الصغيرة، تأخذ في تشويه هذا العمل، فتذهب لتعلل حوافز الأبطال أنها هروب من واقع نفسي خانق، أو وضع أسري صعب، أو حاجة مادية أو أزمة عاطفية، أو تغطية لفضيحة خاصة، كما نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» «الإسرائيلية»، نص رسالة قالت إنها من نمر لزوجته قبل تنفيذ عمليته الظافرة، معتذراً عما كان بينهما من خلافات باعدت ذات البين، موصيها خيراً بأبنائه، معلناً عدم صلتها بما سيحصل مصرِّحاً حقوقها.

إن هذا، وما تمّ نشره وقيل إنه رسالة من الشهيد لزوجته، قد يكون صحيحاً وقد لا يكون. ولو صحّ، فكان ممكناً لأي شاب يعاني أزمة ويخلو من إيمان قومي فاعل أن ينتحر ويضع حداً لبؤسه هروباً من ضائقة الإحباط والفقر والوحدة والغربة.

فسيّان بين انتحار من يرمي نفسه من طابق مرتفع، أو يشنق جسده بسقف غرفة، أو يحزّ شرايين معصمه لينزف حتى الموت، أو يخسر رصاصة يطلقها على رأسه بدلاً من قنص عسكري صهيوني وبين بطل مقاوم يقتل عدوه بسلاحه الذي ناله منه قبل 14 عاماً. فالضائقة التي هندسها الاحتلال وداعموه والمتواطئون معه، في فلسطين وحولها وما يتعدّاه مرسومة لدفع الشباب الفلسطيني إلى الانتحار الفعلي أو التهجير والتشرّد في أقاصي العالم.

أن يقرر البطل نمر الجمل الردّ على مَن يدفع شعبنا في فلسطين للانتحار باستهداف أنياب الاستيطان، وعلى باب مغتصبة، ويقتل عسكره برصاص جيشه، هو مطلق الفداء وأعظم بطولة. فلم يستهلك نمر من خزينة شعبنا ثمن رصاصة. لم يكلّف مالية المقاومة دولاراً واحداً ليحطّم أسطورة الأمن للمستوطنين، بدحرجة حراسهم على أبواب المغتصبات.

هذا غيض من فيض المعنى لعملية نمر الجمل.. النمر الفلسطيني القوميّ الإرادة..

فهل يحتسب المرجفون والمتكاسلون والمفسدون والمستسلمون والمفاوضون على حقوقنا.. أن المقاومة استأنفت وعدها.. ووعدُها أكيدٌ صادق حتماً!؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 107 / 2160592

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2160592 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010