السبت 26 نيسان (أبريل) 2014

أوكرانيا والجسر “الإسرائيلي”

السبت 26 نيسان (أبريل) 2014 par أمجد عرار

حين تكشف “إسرائيل” عبر التسريب لوسائل إعلامها عن زيارة سرية لمسؤول ما إليها، فإنها تفعل ذلك عن سبق تخطيط وقصد . هذا ما جرى بالضبط بالنسبة لزيارة وزير الخارجية الأوكراني السابق بيترو بوروشنكو مؤخراً إلى “إسرائيل” .
ليس غريباً ولا جديداً على “إسرائيل” أن تكشف أسرار بعض الذين يقيمون معها علاقات سرية . فبعض المحللين يرون أن الأفضل لها أن لا تفضح أشخاصاً زاروها أو أقاموا معها علاقات سرية . هذا صحيح من الناحية النظرية، لكنها تعني ما تعنيه حين تفعل ذلك، لثلاثة أسباب، الأول أنها معنية بمظاهر التطبيع معها لتعميم الظاهرة، والثاني أنها معنية بالإيحاء للكثير من الدول والجهات في العالم أن بإمكانها اللجوء إلى “إسرائيل” لمساعدتها أمنياً أو عسكرياً كبعض دول إفريقيا، أو سياسياً مثلما حصل مع جنوب السودان الذي حصل على دعم “إسرائيل” في تحقيق عملية الانفصال، وكما يحصل مع إقليم كتالونيا الذي أقام في السنوات الأخيرة علاقات وثيقة مع “إسرائيل” للاستفادة منها في الضغط على أوروبا على جبهة الانفصال عن إسبانيا . لكن المثال الأبرز في هذا التوجّه هو مثال جورجيا، الجمهورية السابقة، التي وصلت علاقاتها مع “إسرائيل” إلى درجة أن يكون وزير الدفاع وعدد من الوزراء يحملون الجنسية “الإسرائيلية” .
يبدو أن القيادة المعيّنة بدعم غربي في أوكرانيا لم تأخذ العبرة من تجربة التحرش الجورجي بالدب الروسي، الذي كان ردّه ساحقاً وأفضى إلى استقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا . كما أن قيادة أوكرانيا المعيّنة لم تستفد من تجربتها في الارتماء العلني في أحضان الغرب، فها هي تخسر إقليم القرم الذي لم يكن لموسكو أن تعمل على استعادته لو لم تستفزها هذه القيادة في التوجه الفاضح نحو حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، ضاربة عرض الحائط بمصالح روسيا ومخاوفها المشروعة، فضلاً عن أن ما جرى مؤخّراً بدعم من الغرب، كان خديعة واضحة، بعد مرور أقل من يوم على اتفاق جرى توقيعه برعاية أوروبا بين الرئيس يانكوفيتش والمعارضة، وتضمن إجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة توافق وطني .
من الواضح أن القادة المعيّنين في أوكرانيا ليسوا راضين، أو فوجئوا بعجز الغرب عن وقف رد الفعل الروسي الذي استعاد شبه جزيرة القِرم، وواصل دفاعه عن الأوكرانيين من أصل روسي، فضلاً عن ضمان مصالح روسيا . الزيارة “السرية” لبوروشنكو إلى الكيان، تهدف إلى تقديم أوراق اعتماد لحليفة الغرب وربيبته، بهدف الحصول على دعم أمني “إسرائيلي”، ودعم غربي أكبر في مواجهة روسيا، وهذا ما عبّرت عنه إذاعة الكيان، حين نقلت عن بوروشنكو قوله لليبرمان، إنه يتوقع أن تعلن “إسرائيل” أنها تدعم الحفاظ على التواصل الإقليمي لأوكرانيا، باعتبار أن “إسرائيل” لم تفعل ذلك تجنّباً لاستفزاز موسكو .
يبدو أن البعض يحتاج إلى وقت أطول ليصدّق ما تراه عيناه من أن موازين القوى الدولية قد تغيّرت، وأن العالم بدأ يعود إلى معادلة تعدد الأقطاب، وأن الغرب لم يعد هو نفسه الذي كان قبل عودة روسيا، وأن الإصرار على الاستناد إلى محور الغرب “إسرائيل” سيقود صاحبه إلى الفشل والخروج بخفي حنين .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 66 / 2165821

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165821 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010