ولدت حكومة لبنانية حسبما تولد دائما ومن خلال البعد الأساسي لها وهو شرط ولادتها أن يكون الخارج قد أفرج عنها وهو ما حصل فعلا. كانت الولادة عسيرة، يقال انه ” شق بطن” بعدما كاد الجنين الذي سكن الرحم أكثر من عشرة أشهر أن يختنق فتم الاسراع من أجل انقاذ الحكومة ورئيسها وليس لبنان.
آخر ما يفكر به السياسيون اللبنانيون هو لبنان .. واذا ما جاء ذكره على لسانهم فإما أمام حضور من اللفيف، وإما للتسويق. لا اعتقد أن سياسيا لبنانيا، ولنسمح لأنفسنا بتجنيب البعض الذي قد يكون بعدد أصابع اليد، يهمه لبنان الوطن، بقدر اهتمامه بمذهبه أولا .. كنا نفكر بالطوائف، فاذا بالمذاهب تطغى على كل تفكير، وكنا نفكر بالعائلات التي مازالت سارية المفعول، لأن كل سياسي لبناني يتضرع الى الله، ويعمل جاهدا على تطبيق وصايا طبيب فاهم بكيفية انجاب الذكور، أن ينجب وليا للعهد كي يخلفه من أجل أن يكمل دوره السياسي في شفط الأموال اولا وفي التأثير على أناس مذهبه اذا كان فاعلا.
الوزارة الجديدة التي حولت وجه رئيسها تمام سلام من باهت الى احمر قان، ورسمت على محياه بسمة ظلت مخبأة طوال الشهور التي سبقت، هي اقل من عادية، وقد لا يكون لها دور لان رائحتها فاحت قبل ان تبدأ عملها .. فهي مخلوق من اجل غاية، بل ان بعض أسمائها استفزازية لكنها ضرورية في هذه الظروف.
ومع ذلك سوف يقولون أعطوها مهلة البرهان على عملها، ونحن نقول انه لامهلة لأن انتخابات رئاسة الجمهورية باتت على الأبواب، وكل مسؤول له قيمة في لبنان بات يطالب بابعاد الفراغ الرئاسي، من بطريرك الموارنة الراعي، الى سعد الحريري مؤخرا، الى ميشال عون، ناهيك عن الأطراف الإسلامية الأخرى. ومع ذلك، يظل الخوف قائما من اعادة التلاعب بالدستور من أجل سنوات اضافية للرئيس ميشال سليمان.
بالامس اذن ولدت حكومة لبنانية سجلت في خانة الولادات القيصرية لكنها عبرت في النهاية عن امتحان داخلي تراوح بين حكومة امر واقع كادت لو حصلت ان تؤدي الى اكبر ازمة سياسية، وبين حكومة جامعة كالذي حصل، وهي أهون الشرور او الشرين.
الواضح أمس ان الجميع نسي ماعانته ولادة الوزارة الحالية التي دخلت مجموعة جينيس نتيجة الوقت الذي استغرقته، وكنا في السابق نتندر على حكومة لم يستطع رئيس الوزراء المرحوم رشيد كرامي من تشكيلها بعد ثمانية اشهر تقريبا. ومع ذلك كل من رأيتهم على التلفاز في لحظة الاعلان امس، انفرجت اساريرهم، وبان الفرح على وجوههم، وكادوا ان ينسوا ان لبنان مازال وسط الخطر القاتل، وان الارهاب مازال يترصده، بل ان الارهابيين مازالوا على حد تعبيرالعديد من الاستراتيجيين يجهزون المسرح لمفخخاتهم لاعتبارات كاذبة اسمها تدخل حزب الله في سوريا، فيما الواقع المخفي انه حتى لو لم يتدخل لكانت الامور مشت بالطريقة ذاتها، لأن المرحلة الحالية من ازمة سورية تتطلب عملا موازيا في لبنان.
هنيئا للبنانيين على الوزارة القيصرية التي قد ترفع من أسهم سوليدير الى حين، فكل شيء في لبنان هو الى حين، ولم يستطع هذا البلد تغيير هذه المعادلة لأنه بني على خلية خاطئة يدفع ثمنها الشعب اللبناني من دمه وعرقه وممتلكاته وتاريخه ومستقبله.
الأحد 16 شباط (فبراير) 2014
وزارة لمذاهب لبنان
الأحد 16 شباط (فبراير) 2014
par
زهير ماجد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
9 /
2185039
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
19 من الزوار الآن
2185039 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 15