الأحد 23 كانون الثاني (يناير) 2022

هل تنجح مبادرة المشاورات غير المباشرة في حل الأزمة السودانية؟

الأحد 23 كانون الثاني (يناير) 2022

- ميعاد مبارك

نقاط قوة مبادرة مشاورات بعثة الأمم المتحدة في السودان، أنها لا تفرض على أي طرف الجلوس مع الآخر، وأبرز نقاط ضعفها أنها ستكون مع جميع الأطراف بمن فيهم العسكر.

الخرطوم ـ «القدس العربي»: تأييد دولي واسع، حظيت به مبادرة المشاورات غير المباشرة التي طرحتها بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان «يونيتامس» لحل الأزمة في البلاد.

وفي وقت ينتظر أن يصل العاصمة السودانية الخرطوم، الأربعاء المقبل وفد أمريكي يضم مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية مولي في والمبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي، ينتظر أن يلتقي جميع الأطراف السودانية.
وأعرب الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن الدولي خلال اجتماع مغلق الأسبوع الماضي عن دعمهم للجهود التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة للسودان فولكر بيرتس لإجراء مفاوضات غير مباشرة بين المكونين المدني والعسكري.
وحسب وكالة «فرانس برس» طرحت خلال الجلسة أسئلة كثيرة حول كيفية جعل العملية السياسية شاملة وكيفية ضمان مشاركة جميع الأطراف الرئيسية، وأن بيرتس عرض مقاربته للأزمة وسبل حلها مؤكدا ان الطرفين نفسيهما في السودان يريدان مفاوضات غير مباشرة للمساعدة في حل الأزمة.
وفي الأثناء، قامت الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة باتصالات واسعة مع الفاعلين العسكريين والمدنيين، في سياق دفع المشاورات غير المباشرة التي أطلقتها بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان.
وتباينت ردود الأفعال الداخلية، على دعوة الأمم المتحدة للمشاورات غير المباشرة، لحل الأزمة السودانية، وبينما رحب المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وعدد من الأحزاب بالمبادرة منها حزب الأمة القومي، وقالت أنها ستتشاور عبر مكاتبها للوصول لرد عليها، رفضتها أحزاب أخرى، مثل حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الشيوعي السوداني.
أما تنسيقيات لجان المقاومة، فقد أكدت رفض أي شكل من أشكال التشاور الذي يفضي في النهاية للتفاوض أو الشراكة مع العسكريين ومنحهم الشرعية، إلا ان معظمها لم تقطع بشكل نهائي برفض التشاور مع الأمم المتحدة.
وعلى الرغم من وصف مبادرة البعثة الأممية ما حدث في 25 تشرين الأول/اكتوبر الماضي، بالإنقلاب العسكري سارع مجلس السيادة الذي كونه قائد الانقلاب لقبولها.
وقالت البعثة الأممية أن العملية السياسية التي أطلقتها الأسبوع الماضي، عملية شاملة بين السودانيين حول كيفية المضي قدماً من أجل الديمقراطية والسلام.
وأكدت في بيان صحافي الأربعاء الماضي، أن الأمم المتحدة ستقوم بتيسير المشاورات لدعم أصحاب المصلحة السودانيين لمعالجة الجمود السياسي الحالي وتطوير مسار نحو الديمقراطية والسلام.
واشارت إلى أن «يونيتامس» أنشأت بناءً على طلب السودان ويكلفها تفويضها بالمساعدة في الانتقال السياسي وإحراز التقدم نحو الحكم الديمقراطي ودعم الحكومة في تعزيز حقوق الإنسان والسلام المستدام، ضمن إطار دورها الذي نص عليه قرار مجلس الأمن رقم (2579) لعام 2021.
وأكدت انها ستعمل مع جميع الجهات الفاعلة لتطوير عملية شاملة يمكن أن تؤدّي إلى توافق حول السبيل نحو انتقال ديمقراطي كامل بقيادة مدنية، وأنها ستبدأ العملية التي أطلقتها بمشاورات أولية مع أصحاب المصلحة بما في ذلك الحكومة والجهات السياسية الفاعلة وشركاء السلام والحركات المسلحة والمجتمع المدني ولجان المقاومة والمجموعات النسائية والشباب.
وحسب البيان: ليس للأمم المتحدة أيّ موقف حيال نتيجة هذه العملية التي ستهتدي بآراء السودانيين أنفسهم، الذي أكد أنها ستوفر مجموعة من القدرات لزيادة المشاركة إلى أقصى حد.
وتنتظر الأمم المتحدة أن تساهم نتيجة مرحلة المشاورات الأولية غير المباشرة في تصميم الخطوات التالية للعملية السياسية التي ربما تفضي إلى جمع الأطراف السودانية على طاولة حوار.
وأكدت «يونيتامس» أنها على استعداد لتيسير اتخاذ خطوات إضافية في مرحلة لاحقة بحسب الاقتضاء وربما بالاشتراك مع شركاء آخرين مشيرة إلى أن هذا يتوقف على نتائج المشاورات وعلى طلب الأطراف.
ولكن هل تفلح المشاورات غير المباشرة التي أطلقتها الأمم المتحدة بدعم دولي واسع، في المضي للأمام في ظل تصاعد الرفض الشعبي للانقلاب الذي قام به قائد الجيش في الخامس والعشرين من تشرين الأول/اكتوبر الماضي، ولاءات الشارع الثلاثة: لا شراكة، لا تفاوض ولا شرعية للعسكريين.
ويرى المراقبون أن أبرز نقاط قوة مبادرة المشاورات غير المباشرة التي أطلقتها بعثة الأمم المتحدة في السودان، أنها غير مباشرة وبالتالي لا تفرض على أي طرف الجلوس مع الآخر، بينما أبرز نقاط ضعفها أنها ستكون مع جميع الأطراف بمن فيهم العسكريون الذين قاموا بالإنقلاب، الأمر الذي قد يؤدي لتحفظ بعض الأطراف على المبادرة.
وفي السياق قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين مصعب محمد علي لـ«القدس العربي» إن ما طرحته البعثة الأممية بخصوص المشاورات غير المباشرة يمكن قد تنجح في جذب الأطراف الرافضة للحوار مع العسكريين، لافتا إلى أن هذه الأطراف بالمقابل تتمسك بمطالبها بضرورة ابتعاد العسكريين عن السلطة.
ويرى علي أن المشاورات غير المباشرة قد تنجح في تقريب وجهات النظر بين الأطراف ووضع نقاط مشتركة يتم الحوار حولها حال الوصول لمرحلة طاولة الحوار المستديرة، وأنها أيضا قد تقلل وقتها من الخلافات الحادة، التي يمكن أن تجعل طاولة الحوار خلافية ولا تفيد في حل الأزمة.
ولفت إلى أن العملية السياسية التي أطلقتها البعثة الأممية يمكن ان تقود إلى حل للأزمة السودانية لكن يرجح أن يستغرق ذلك زمنا أطول لأنها غير محكومة بفترة زمنية محددة، ولأن إقناع الأطراف الرافضة بضرورة الدخول في حوار يحتاج لتقديم ضمانات حول التزام الجميع بنتائج الحوار. ويرى أن العقبة الأصعب التي تواجه المبادرة هي أن أغلب القوى الفاعلة في المشهد السياسي ترفض الدخول في عملية سياسية في ظل بقاء العسكريين الحاليين في السلطة- قادة الانقلاب.
ولفت إلى أن استصحاب المبادرات السياسية السودانية التي طرحت وجعلها من مسودات الحوار ودمجها في مبادرة واحدة والتوفيق بينها، قد يسهم في إنجاح جهود البعثة الأممية.
والمطلوب من القوى السياسية السودانية، حسب علي، هو صياغة موقف مشترك والدخول في مشاورات واسعة فيما بينها للدخول في المبادرة لأن الظهور بمظهر الانقسامات يجعل الحوار يستغرق زمنا أطول ويجعل الأزمة مستمرة.
من جانبه يرى الخبير الدبلوماسي، عثمان نافع الذي تحدث لـ«القدس العربي» أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الجهة التي تقف وراء مبادرة المشاورات غير المباشرة التي أطلقها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيرتس، لحل للأزمة السودانية، مشيرا إلى أن اجتماع مجلس الأمن الدولي، والاجتماع المنتظر لمجموعة أصدقاء السودان الذي يتوقع أن يسفر عن تقديم وعود بمساعدات اقتصادية للبلاد، حدثان مهمان الغرض منهما جعل السودان محورا للاهتمام الدولي والتنبيه لخطورة ما يجري فيه من تطورات.
وأضاف، بالتأكيد فإن الولايات المتحدة ليست بعيدة عن ترتيب الحدثين.
واشار إلى أن رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان فولكر بيرتس أوضح بجلاء خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده الاثنين الماضي، عدم وجود مبادرة محددة الأجندة، وأن كل ما في الأمر عملية استمزاج لآراء مختلف مكونات المجتمع السوداني حول كيفية حل الأزمة التي يعيشها السودان وهو يأمل في الخروج بأفكار أو أجندة تمهد للدخول في مرحلة متقدمة أخرى مثلا تنظيم مائدة مستديرة.
ويعتقد نافع أن الدور الذي يقوم به فولكر حاليا هو إعداد المسرح لحل الأزمة السودانية، والذي سيكون في الإطار الأممي، في وقت سيعد هندسة الحل خبراء أمريكيون على نسق ما حدث في اتفاقية السلام الشامل السودانية لعام 2005.
ولفت إلى بيان الترحيب الرباعي من الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، السعودية والإمارات، الذي صدر مباشرة عقب إطلاق مبادرة الأمم المتحدة- فضلا عن إعلان القاهرة دعمها للمبادرة والذي يعتبر أول موقف واضح من القاهرة حول ما يحدث في السودان.
وأضاف: هذا الموقف من قبل مصر وراءه جهد أمريكي.
وأشار نافع إلى مجموعة التحركات الدبلوماسية التي صاحبت إطلاق المبادرة منها اتصال مساعدة وزير الخارجية الأمريكي مع كل من حميدتي وكباشي واتصال الأمين العام للأمم المتحدة بالبرهان بالإضافة إلى لقاء القائم بالأعمال الأمريكي مع ستة ممثلين للجان المقاومة. وأيضا لقاء القائم بالأعمال الأمريكي مع نائبة رئيس حزب الأمة مريم الصادق وإعلان حزب الأمة ترحيبه بالمبادرة الأممية، مشيرا إلى أن كل تلك التحركات تأتي في إطار تسويق المبادرة واستخدام قوة الدفع الأمريكية لإنجاحها وإيجاد حل للأزمة السودانية في سياق الحكم المدني والتحول الديمقراطي حتى لا تتصاعد الأمور وتنتقل لمربع الحرب الأهلية.
ووصف نافع طلب مجلس السيادة اشراك الاتحاد الأفريقي في المبادرة بالمحاولة لاسترضاء الاتحاد، والذي يتناقض مع انقلاب المكون العسكري على الوثيقة الدستورية التي كانت نتاجا لوساطة الاتحاد الأفريقي في العام 2019.
ولفت إلى أن اعفاء الولايات المتحدة الأمريكية مبعوثها للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان لا يمكن قراءته إلا في إطار عدم نجاحه في التعاطي مع الملف السوداني بشكل خاص ضمن ملفات أفريقية أخرى، والذي يعكس الاهتمام البالغ لواشنطن بالملف السوداني.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2184623

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف الأعداد  متابعة نشاط الموقع العدد 3 السنة 11   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2184623 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40