الجمعة 5 نيسان (أبريل) 2019

آن الأوان: حرب التحرير الشعبية ...

الجمعة 5 نيسان (أبريل) 2019 par رئيس التحرير

خلال أكثر من نصف قرن من الزمان، اشتغلت الحركة الوطنية الفلسطينية تحت وطأة اتجاهات موازين القوى الدولية وأعطتها الأولوية في الاعتبار، وكان التعاطي دائما قائما على أساس تضخيم هذا العامل على حساب بقية البنود المؤسسة لتقييم الموقف عند انتاج البرنامج الذي تتسلح به القوى الوطنية في صراعها مع معسكر العدو، وبدلا من أن تكون الفوارق في قراءة نتاج الكشف عن موازين القوى المائلة غالبا لصالح العدو الصهيوني سببا كافيا للعمل على مواجهته كفاحيا بتصعيد العامل الذاتي الكفاحي، كان دوما ضاغطا مقبولا تجاه التنازل والتراجع والتعاطي معه كقدر لا فكاك منه، وفي حقيقة الأمر كان هذا كافيا لتبرير محطات الانكفاء وفشل تجربة الثورة الفلسطينية الثانية وتحوّلها لمصدر ذكريات وأيام على روزنامة الحركة الوطنية الفلسطينية.

في الفترة الأخيرة وبعد الدخول إلى عصر أوسلو الكارثة، شهدت موازين القوى الدولية تغييرات حادة وبدت ملموسة ومشاهدة على الأقل بعيد انهيار أحلام الامبريالي الذي جاهر وفاخر بنظرية «نهاية التاريخ» ، وفي هذا الوقت الذي كان يجب على الحركة الوطنية الفلسطينية أن تقرأ هذا العامل الذي كان دوما هو الضاغط الأساس في تقيماتها، بدت زاهدة في هذا الجانب منساقة لما كانت لا زالت تشغّل آليات تحليلها وفق ما اعتادته وظنته قدرا لا فكاك منه، وحتى في الوقت الذي استطاعت الحركة الوطنية الفلسطينية لأول مرة في تاريخها المعاصر أن تظفر بقاعدة محررة للمقاومة على أرض فلسطين التاريخية، وتحشد وتسلّح وتزيد من كفائة المواجهة مع العدو بالطريق إلأى تحقيق ردع متوازن معه، بعد أن تمكنت من صد ثلاث محاولات عدوانية من هذا العدو، لا زالت تؤثر عادتها التي يبدو أنها تحوّلت إلى قاعدة انطلاق راسخة.

كان يمكن لقراءة صحيحة لموازين القوى الدولية قبل عدة أعوام مع انطلاق انتفاضة التحرير عام 2015 إلى تطوير الأداء الفلسطيني وإطلاق برنامج كفاحي تصاعدي وتناغمي بين قاعدة المقاومة وبين الضفة المحتلة وقدسها السليب تقود إلى عصيان مدني منظّم يكنس الاحتلال عن الضفة والقدس إلى غير رجعة وبلا أي شروط من أي نوع، لكن الحركة الوطنية فقدت هذه الفرصة التاريخية خلال السنوات التي لم تستطع فيها القيام بهذه المهمة الوطنية التاريخية، واستمرأت التقاعس والجلوس إلى حروبها الداخلية التافهة وانشغالاتها السطحية الذاتية البعيدة كل البعد عن صالح الوطن وصالح القضية، حيث حقيقة الصراع البيني كان في السيطرة وعلى التمثيل.

في هذا الوقت كان العدو يضع الأسس المتينة لحصار المقاومة في غزة ويشرك معه سلطة أوسلو في رام الله في ذات الوقت الذي يبني به خارطة تسليح وتدريب قطعان المستوطنين بالضفة ليصل بها إلى ربع مليون بندقية وحاضنة تحاول الوصول إلى رقم مليون مستوطن بعد ان قطّع أوصال الضفة المحتلة ليس في مناطق «ج» التي فرضها بموجب اتفاق اوسلو أو بينها وبين مناطق «ب» بل حتى داخل المدن التي صنّفها مناطق «أ»، وعلى وقع هذا المعطى أمكن أن يمر إعلان ترامب بشأن القدس ويتوقع أن يمر إعلان نتنياهو قريبا بضم الضفة على ذات المستوى من اللامبالاة والوهم المنسوخ فيما تسمى الشرعية الدولية والمرجعية الدولية التي قدّمت حكومة ترامب ألف دليل على أنها مجرّد يافطات توضع لتجفيف دموع الضعفاء المسلوبين في هذا العالم.

اليوم القضية الفلسطينية أمام استحقاق لا يمكن تأجيله، يجب أن يبدأ من نقطة واحدة وحيدة، هي نقطة القطع مع القوى والوجوه والتيارات التي أدت بالحركة الوطنية إلى هذه الهزيمة الماحقة، وإطلاق برنامج كفاحي شامل واسع من رحم حرب تحرير شعبية شاملة تضرب أوصال هذا العدو في كامل فلسطين التاريخية وتفرض عليه الهزيمة سيما وأن هذه الحركة تمتلك اليوم قاعدة محررة وتمتلك خبرة يمكن توسيعها ونقلها لكامل فلسطين التاريخية، لا بد من الشروع في العمل الجدي لإسقاط أوسلو والأوسلويين ومحاكمتهم وعزلهم والقفز عن فترة العار التي شكّلوها في تاريخ القضية الفلسطينية، ليس هذا بالمستحيل، بل المستحيل هو أن يقبل الشعب الفلسطيني بعد اليوم أن يكون مسخرة هذا العالم وشعوبه بعد أن استمر كفاحه قرنا كاملا قدّم فيه كل التضحيات التي فرضت عليه وقبلها راضيا مختارا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 227 / 2183394

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف مقالات رئيس التحرير   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2183394 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40